الكركم نبات مشهور في بلاد المهاتما غاندي، المسحوق المصنوع من جذوره يعتبر عنصراً أساسياً من بهارات الكاري التي لا يخلو منها مطبخ من مطابخ الهند، وفي آسيا يضاف الكركم الى الأغذية للحفاظ على طعمها ونكهتها وقيمتها الغذائية. وفي الصين يطلقون على الكركم اسم "جيانغهونغ" أي "الزنجبيل الأصفر" في اشارة الى أن هذا النبات ينتمي الى عائلة الزنجبيل نفسها. في الهندوالصين واليابان وتايلاند واندونيسيا يعتبر الكركم مقو ممتاز للجهاز الهضمي، لذا يستخدمونه كثيراً لعلاج الاضطرابات الهضمية اذ ان له سمعة طيبة في هذا المجال فجذوره صدرت الى جميع اصقاع الأرض، وفي السنوات الأخيرة استطاع العلماء ان يعزلوا من جذوره مركبات سميت ب"الكركوميدات"، ووجد الباحثون أنها تملك خواص قوية مضادة للأكسدة وهذا ما يفسر لجوء بعضهم الى استخدام الكركم لمواجهة اضطرابات تطال مختلف أنحاء الجسم بدءاً بالالتهابات ومروراً بالآفات المفصلية والروماتيزم واختلال الدورة الشهرية والاصابات الجلدية وانتهاء ببعض أمراض العين. وكشفت دراسة فرنسية حديثة ان نبات الكركم يملك خواص سامة مضادة للخلايا السرطانية، وعلى هذا الصعيد قام الدكتور جوهان أودو ورفاقه من جامعة رامس الفرنسية بدراسة تأثير نبات الكركم على الخلايا السرطانية في أنبوب الاختبار وعلى الفئران المصابة بسرطان الجلد المعروف ب"ميلانوما". وجاءت التحريات على الخلايا السرطانية في انبوب الاختبار لتؤكد ان الكركم يملك نشاطاً مضاداً للخلايا الورمية، أما لدى الفئران فلم يكشف البحاثة كبير فائدة منه تجاه نمو الخلايا السرطانية، لكن دهشة العلماء كانت كبيرة عندما لاحظوا ان اعطاء نبات الكركم في الوقت نفسه الذي تعطى فيه المعالجة المناعية قاد الى نتائج مذهلة، إذ أدى الى كبح نمو الورم عند الفئران ورفع من معدل بقائها على قيد الحياة بنسبة تزيد عن 80 في المئة. وحالياً تجري دراسات مستفيضة حول آلية عمل الكركم ضد الخلايا الورمية، ويأمل العلماء اكتشاف سر الكركم لأن ذلك قد يسمح بوضع استراتيجيات علاجية تجعل السرطان في خبر كان. الاصابات السرطانية قليلة نسبياً في البلاد الآسيوية، وعزا بعضهم هذه الظاهرة الى كثرة استهلاك نبات الكركم. وفي دراسة هندية طاولت 16 من المدخنين العتيدين قام البحاثة باعطائهم جرعات يومية من نبات الكركم وبعد مضي 30 يوماً على هذا المنوال لاحظ القائمون عليها ان أجسام المدخنين انتجت كميات أقل من الطفرات الجينية الناتجة عن دخان التبغ. وفي دراسة أخرى شملت 62 مريضاً مصابين بسرطان الجلد استطاع مستخلص الكركم السائل أن يلطف من حدة العوارض الناتجة عن الآفة. ماذا عن الفوائد الأخرى للكركم؟ على صعيد العين، يفيد الكركم في علاج التهاب القميص العضلي العائي، ففي العام 1999 أنجز باحثون من الهند دراسة على 32 شخصاً يعانون من الالتهاب المذكور، فبعد اعطائهم 375 ملغ من مادة الكركومين 3 مرات يومياً وعلى فترة 12 اسبوعاً سجل البحاثة انفراجاً في الحالة الالتهابية للمرض، زيادة على ذلك وبعد متابعة المرضى أنفسهم خلال ثلاث سنوات اضافية اكتشف العلماء ان النتائج التي حصلوا عليها من اعطاء الكركم كانت مشابهة لتلك التي أعطتها الأدوية المضادة للالتهاب والمستعملة في هذه الحالة، خصوصاً في ما يتعلق بفقد النظر ونكس الالتهاب. على صعيد الجلد، أفادت التحريات التي طاولت 814 من المصابين بمرض الجرب ان الكريم المصنوع من نبات الكركم استطاع أن يحقق الشفاء منه خلال اسبوعين، وبناء على ذلك يوصى بالاستعانة بمستحضر الكركم في المناطق الريفية النائية التي لا تتوافر فيها الأدوية المناسبة. على صعيد الالتهاب، أشارت التجارب السريرية التي أجريت على 45 مريضاً داهمهم الالتهاب بعد خضوعهم لعمليات جراحية، ان استعمال خلاصة الكركومين بجرعة 1200 ملغ في اليوم قاد الى نتائج تضاهي التي أعطاها عقار "فينيل بيو تانون" المضاد للالتهاب. على صعيد الجهاز الهضمي، اظهرت الأبحاث ان الكركم مفيد في علاج الاضطرابات الهضمية المترافقة مع الآلام وحس الثقل والانزعاج والغثيان وفقدان الشهية، ففي تجربة شملت 116 من المرضى الذين يشكون من عوارض عسر الهضم وجد 87 في المئة منهم تحسناً ملموساً بعد تناولهم علاجاً أساسه نبات الكركم. اما في ما يتعلق بالقرحة فالاختبارات التي تمت على الحيوانات أظهرت ان الكركم يتمتع بميزة جيدة تفيد في وقاية الغشاء المخاطي المبطن للمعدة، وبكلام آخر فالكركم يحمي المعدة من القرحة، ولكن يجب الحذر من أخذ جرعات عالية منه لأنها قد تحمل الأذى للغشاء المعدي بدلاً من وقايته