شرعت إدارة الطيران الفيديرالي في الولاياتالمتحدة منذ أحداث 11 أيلول سبتمبر الماضي في البحث عن طرق جديدة لتعزيز أمن الطيران التجاري وتحسينه. ومن بين العروض التي تلقتها إدارة الطيران الأميركي مشروعان طموحان يستندان على استخدام شبكة الأقمار الاصطناعية المتوافرة لمراقبة الاتصالات الصوتية وتبادل المعلومات بين الطيارين وبرج المراقبة الأرضي، بحيث يمكن رصد أية حركة غير عادية للطائرة، وفي حال وقوع أي حادث تقني خطير تقوم شبكة الأقمار الاصطناعية بتسجيل وقائع ما حصل وتكون بمثابة علبة سوداء ثانية فوق المدار. تمتلك شركة "ارديوم" اسطولاً من الأقمار الاصطناعية يقدر ب66 قمراً حول الأرض غير مستغلة على الوجه الأكمل، وبذلك تستطيع أن تقوم بمهمة حماية الطيران المدني بسهولة، وتنقذ نفسها من الافلاس، لأن هذه الشركة قامت أصلاً بموضعة هذه الأقمار فوق المدارات الأرضية في إطار تسويق نظام اتصالات هاتفية نقالة، غير أن هذا المشروع لم يجتذب عدداً كافياً من الزبائن يؤمن الأرباح الكافية لاستمراريته، وقررت الشركة تخصيص جزء من اسطولها من الأقمار الاصطناعية لبناء شبكة مراقبة صوتية تضعها تحت تصرف الطائرات التجارية. يوفر هذا النظام للعاملين في أبراج المراقبة إمكان الاستماع إلى الأحاديث التي تدور في غرفة القيادة في الطائرة ومتابعة سير الطائرة بالوقت الحقيقي، وبالتالي يمكن الرد على أية حركة مشبوهة يتم رصدها على متن الرحلة. كما يقوم هذا النظام بتسجيل المعلومات والمعطيات كافة وتخزينها عبر الأقمار الاصطناعية، ما يضمن بقاء علبة سوداء على الأقل في حال تحطم أو ضياع العلب السوداء التي تحتويها الطائرة، كما حدث في اعتداءات 11 أيلول الماضي. كما تقوم الشركة بأرشفة المعلومات كافة التي يتم تسجيلها ونقلها إلى مقر إدارة الطيران المدني الفيديرالي لدراستها إذا اقتضت الحاجة ذلك. ومن حسنات هذا النظام أنه يسمح للعامل في برج المراقبة الأرضي بمتابعة سير الطائرة في حال تحويل مسارها على يد الخاطفين، حتى وإن قام القراصنة بتعطيل هوائي الإرسال. أما كلفة هذا النظام فتبلغ خمسين ألف دولار للطائرة الواحدة، ما يستدعي تعاوناً وثيقاً بين الحكومة الأميركية وقطاع الصناعة. وقدم عملاق الاتصالات الاميركي Inc Qualcomm عرضاً مماثلاً يستند إلى استخدام 48 قمراً اصطناعياً تشكل شبكة غلوبال ستار على أن يوفر هذا النظام المعطيات الصوتية والمعلوماتية وصور الفيديو كما يجري فوق متن الطائرة بالتوقيت الحقيقي. غير ان الاختبار العملي الاول لهذا النظام الذي تم في شهر كانون الثاني يناير الماضي، لم يحقق الآمال المعقودة حيث تعطل عدد كبير من المايكروفونات عن العمل وعانى وصول صور الفيديو الى برج المراقبة من البطء واللانظامية. وتلقى هذه التقنية في حماية الطيران المدني اهتماماً ملحوظاً من قبل شركات صناعة الطيران غير ان تحقيقها يصطدم بالاتفاق على كيفية استخدامها بين الطيّار والشركة التي تستخدمه والادارة، اما من الناحية التكنولوجية فان كل المعدات اللازمة لتشغيل هذا النظام متوافرة بسهولة في الاسواق