لم تثر الأنطولوجيا الانكليزية للشعر العربي الجديد التي صدرت عن "دار الساقي" بعنوان "شرخ في الجدار"، تحت إشراف الثنائي مارغريت أوبانك وصموئيل شمعون، أي أزمة خلافية في صفوف الشعراء العرب والنقاد والقراء. في حين ان بيروت والقاهرة شهدتا في السنوات الماضية سجالات حادة، بسبب أنطولوجيا فرنسية أصدرها الشاعر عبدالقادر الجنابي أثارت ردود فعل واعتراضات من قبل بعض الشعراء اللبنانيين الذين لم تترجم نصوصهم فيها. وكانت انطولوجيا ثالثة، بالألمانية، أشرف عليها الشاعر العراقي خالد المعالي، قد اثارت بدورها ضجة مشابهة، اضافة الى انطولوجيا ألمانية ثانية، اصدرها المستعرب الألماني شتيفان فايدنر، وأثارت ايضاً احتجاجات كثيرة من قبل شعراء مغيبين، او اعتراضات بسبب الظلم الذي لحق ببعض القصائد الواردة فيها. ولعل انطولوجيا فايدنر هي حتى الآن الاكثر إثارة للمشاكل والنزاعات. أما الانطولوجيا الانكليزية، فيبدو انها استفادت كثيراً من أخطاء سابقاتها، وتفادت الوقوع في مطبات وأخطاء كثيرة. وقد لجأ الشاعر العراقي المقيم في بريطانيا صموئيل شمعون ورفيقة دربه، الى اشراك عدد لا بأس به من الشعراء في ترجمة الشعر، فترجموا قائدهم مثل سركون بولص وسيما عطا الله. كما لجأ المؤلفان الى مساهمات عدد لا بأس به من المترجمين والشعراء العرب. لكن ذلك لن يمنع القراء والدارسين من ملاحظة غياب أسماء شعرية بارزة عن الانطولوجيا. فإذا اعتبرنا ان السياب والماغوط وأدونيس وأنسي الحاج وأحمد عبدالمعطي حجازي صاروا من كلاسيكيات الشعر الحديث، ولم تعد تنطبق عليهم تسمية "الشعر الجديد" ماذا يفعل محمود درويش في الأنطولوجيا والحالة هذه؟، ألا يحق لنا في المقابل ان نتساءل عن سبب غياب بسام حجار وفاطمة قنديل، وغسان زقطان وإيمان مرسال ولينا طيبي وعلي الدميني وأحمد الشهاوي... عن قائمة الشعراء المختارين؟ صحيح ان محتويات الكتاب تستفيد من جهود مجلة "بانيبال" التي اصدرها الثنائي اوبانك وشمعون في لندن، وان تلك المجلة لم تستوف بعد تقديمها للشعراء الجدد في العالم العربي. لكن ربما كان ينبغي التريث واحالة هذه بعض الوقت، او تقديم هذا الكتاب بصفته الجزء الاول من أنطولوجيا في طريقها الى الاكتمال.