طوت المحكمة الاسكتلندية في كامب زايست ملف تفجير طائرة "بان أميركان" فوق لوكربي سنة 1988. إذ دانت الليبي عبدالباسط المقرحي بجريمة قتل 270 شخصاً، وبرّأت رفيقه الأمين خليفة فحيمة الذي عاد مباشرة الى بلاده بعد سنتين قضاهما في سجن اسكتلندي في هولندا. وبدا ان ليبيا تريد بالفعل "طي صفحة الماضي" وفتح صفحة جديدة في علاقاتها مع الولاياتالمتحدة وبريطانيا. إذ وافقت على دفع تعويضات لذوي ضحايا الطائرة الأميركية، لكنها قالت ان ذلك يتوقف على مصير الاستئناف الذي سيقدّمه محامو المقرحي. وفي حين قالت مصادر بريطانية ان التعويضات المطلوبة تتجاوز 700 مليون دولار، رددت أوساط أميركية ان قيمتها تصل الى بلايين الدولارات. ولفت مراقبون الى ان الموقف الليبي من طريقة التعامل مع قرار المحكمة ميّزه التناقض. إذ في حين أبدى ديبلوماسيون ليبيون ثقتهم في عدالة القضاء الاسكتلندي واستقلاليته، خرج الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي خلال استقباله فحيمة في ثكنة باب العزيزية بهجوم لاذع على محكمة كامب زايست مُعتبراً حكمها "سياسياً وليس قانونياً". وشدد على ان القضاة الثلاثة خضعوا لضغوط أميركية وكان أمامهم اما الحكم بالبراءة واما التنحي واما الانتحار. ويُتوقع ان يستغرق النظر في الاستئناف قرابة تسعة أشهر، على ان يبقى المقرحي في سجنه داخل كامب زايست. وفي حين رأت مصادر قانونية ان من المستبعد ان يوافق قضاة محكمة الاستئناف خمسة قضاة على الطعن في الحكم، لفتت مصادر أخرى الى ان القضاة اعتمدوا أساساً في حكمهم على شاهد وحيد فقط هو المالطي توني غاوشي صاحب محل الملابس الذي قيل ان المقرحي اشترى منه الملابس التي عُثر عليها في الحقيبة المفخخة في لوكربي. ورفض القضاة شهادة الشاهدين الرئيسيين للإدعاء، الليبي عبدالمجيد الجعايكة والسويسري ادورين بولييه، على أساس انه لا يُمكن الوثوق بأقوالهما. ولا يبدو ان الحكومة البريطانية ترغب في استجابة لمطالب ذوي ضحايا لوكربي بملاحقة الزعيم الليبي نفسه وعدد من كبار المسؤولين الليبيين على أساس ان المقرحي "لا يُعقل ان يكون تصرّف بمفرده". وتتعرض حكومة توني بلير الى ضغوط لملاحقة القذافي مثلما يُلاحق في قضية تفجير طائرة "يوتا" الفرنسية والتي دانت محكمة باريسية ضباطاً ليبيين بتفجيرها فوق النيجر سنة 1989. ويُعتقد ايضاً ان الولاياتالمتحدة ستتعرض لضغوط لوقف انفتاحها على ليبيا. وفي الادارة الأميركية، كما في الحكومة البريطانية، تيارات تُريد الاستفادة من السوق الليبية الغنية و"طي صفحة الماضي".