لعل السؤال الذي ظل يكرره مراسلو الصحف ووسائل الإعلام على المسؤولين الاميركيين كان: هل ستستخدم اميركا اسلحة كيماوية أو بيولوجية ضد قوات حركة "طالبان" و"الأفغان العرب" في الأراضي الأفغانية؟ لكن السؤال الذي سأله الأميركيون لأنفسهم: هل يستخدم اسامة بن لادن واتباعه اسلحة كيماوية ضد قواتنا؟ ويسعى مسؤولون اميركيون حالياً إلى مراجعة أقوال أصوليين عرب أُلقي القبض عليهم في بلدان مختلفة وسلموا إلى دولهم للحصول على إجابة محددة للسؤال بعدما حصلت واشنطن على معلومات ترجح أن ابن لادن حصل على تلك الأسلحة قبل أكثر من أربع سنوات وأنه أصدر تعليمات قضت بتركيز استخدامها على الأهداف والمواطنين الاميركيين فقط. وكان الاصولي البارز أحمد سلامة مبروك، الذي تسلمته مصر من أذربيجان العام 1998، أدلى بتصريح إلى مراسل "الوسط" في القاهرة في نيسان ابريل 1999 أثناء جلسات قضية "العائدون من ألبانيا" التي اتهم فيها 107 من أعضاء تنظيمي "القاعدة" و"جماعة الجهاد"، أعلن فيه أن "الجبهة الإسلامية لجهاد اليهود والصليبيين" التي أسسها في شباط فبراير 1998 ابن لادن وزعيم جماعة الجهاد المصرية الظواهري مع جماعتين من باكستان وأخرى من بنغلاديش "حصلت على أسلحة بيولوجية وكيماوية تم شراؤها من دول في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي السابق خلال السنتين اللتين سبقتا تأسيس الجبهة"، وأن تلك الأسلحة "وُزعت على عناصر تابعة للجبهة لاستخدامها عند الضرورة ضد أهداف اميركية في حال فشل تنفيذ عمليات ضد تلك الأهداف باستخدام المتفجرات والأسلحة التقليدية". وتخشى واشنطن من أن يكون الهجوم المتوقع على أفغانستان ومحاولة القبض على ابن لادن والظواهري وأتباعهما "هي حالة الضرورة التي يمكن عندها استخدام تلك الأسلحة". وذكر مبروك، الذي كان يعد الذراع اليمنى للظواهري، أن جهاز كومبيوتر ضبط معه في شهر أيلول سبتمبر العام 1998 أثناء وجوده في أذربيجان سجل عليه مخططاً لتنفيذ عمليات ضد أهداف أميركية في أنحاء متفرقة من العالم. وأفادت مصادر مطلعة أن محققين أميركيين التقوا مسؤولين في داغستان للحصول على معلومات عن الظواهري الذي خضع لتحقيقات هناك، حين قُبض عليه في كانون الأول ديسمبر 1996. وأشارت إلى أن الظواهري كان يتردد على دول تتخذها عناصر التنظيم محطات وأماكن للإقامة والإيواء بهدف عقد لقاءات معهم، وشرح خطط التنظيم المستقبلية لهم، وأنه توجه نهاية ذلك العام من أفغانستان براً عبر تركمستان وكازاخستان وكلميكيا وداغستان قاصداً أذربيجان، واصطحب معه مساعده ثروت صلاح شحاتة وعدداً آخر من اتباعه بهدف لقاء عدد من أعضاء التنظيم الذين يقيمون في أذربيجان ومنهم مبروك. لكن السلطات في داغستان، التي تقع على الساحل الغربي لبحر قزوين من الجانب الشمالي لجبال القوقاز، أوقفتهم على الحدود واكتشفت أنهم يحملون جوازات مزورة فقامت بترحيلهم الى العاصمة محج قلعة، حيث اودعوا السجن. وأضافت المصادر ان السلطات في الجمهورية التابعة لروسيا لم تعلم أن المعتقلين مصريون، وأن بينهم زعيم جماعة "الجهاد"، إذ لم يكن أي منهم يحمل جوازاً مصرياً، وظلت طوال ستة أشهر تنتظر أن تتقدم إحدى الدول بالإبلاغ عن اختفاء رعايا لها من دون جدوى، ولما علم ابن لادن، أرسل أحد مساعديه وتمكن من دفع كفالة لإطلاق المعتقلين على أساس أنهم ليسوا مصريين، وأعادهم إلى افغانستان. ومعروف أن الظواهري ظل منذ خروجه من مصر في 1985 يحيط تحركاته والأماكن التي يتردد عليها بالغموض والسرية. ولجأ الى الحيلة مرتين للتغطية على المكان الموجود فيه، الأولى في 1993 حينما انتقل مع ابن لادن من افغانستان للعيش في السودان، والثانية في بداية 1996 حينما عاد من السودان الى افغانستان، فقد سرب في المرة الأولى أنباء عن حصوله على اللجوء السياسي في سويسرا. وردد اتباعه في المرة الثانية انه وصل الى بلغاريا وأقام فيها. ووفقاً لمعلومات أمنية، فإن اثنين من أعوان الظواهري يجيدان التعامل مع الأسلحة الكيماوية، هما محمد سعيد عمر المعروف باسم "أبو خباب" والذي يعتقد أنه جهز العبوة الناسفة التي فجرت المدمرة الأميركية كول في ميناء عدن، والثاني هو نصر فهمي حسانين المعروف باسم محمد صلاح الذي أفادت اعترافات متهمين في قضايا العنف الديني أن لديه خبرة واسعة في التعامل مع المواد الكيماوية وتصنيعها. ومنذ بداية 1998 بدات غالبية أعوان الظواهري في إدارة العمل في القسم العسكري ل"الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين" التي أسسها ابن لادن والظواهري في شباط فبراير من العام نفسه. ويعتقد أن الخبرات التي نقلها هؤلاء إلى عناصر كانت تعمل فقط ضمن تنظيم "القاعدة" كانت كبيرة وساهمت في تطوير عمليات "الأفغان العرب".