استمرار هطول أمطار على جازان وعسير والباحة    إقامة ملتقى "نشر ثقافة الاعتدال وقيم التعايش والتسامح للوقاية من الفكر المتطرف ومعالجة آثاره" بتعليم القريات    التدريب التقني يرصد 38 مخالفة بمنشآت التدريب الأهلية في أبريل    مشاريع تنموية ب14.7 مليار ريال في مكة    إطلاق المسار النقدي لتجربة البدر الثقافية    السعوديات إخلاص وتميُّز بخدمة الحجاج    وفاة الأمير سعود بن عبدالعزيز بن محمد بن عبدالعزيز آل سعود بن فيصل آل سعود    كلاسيكو التحدي بين «الأصفرين».. والبطل على أعتاب «التاريخية»    المجفل سفيراً لخادم الحرمين لدى سورية    مملكة الإنسانية وصحة الشعوب    آل الشيخ يعزز التعاون مع البرلمانات العربية    عبيدالله سالم الخضوري.. 16 عاماً ملكاً على الكونغو    خادم الحرمين الشريفين يرعى نهائي أغلى الكؤوس    5 من أمراض المخ ترتبط بتغير المناخ    جامعة المؤسس: الزي السعودي إلزامي على الطلاب    وزارة الإعلام تحتفي بطلاب وطالبات أكاديمية طويق ومدارس مسك الفائزين في معرض آيتكس 2024    فريق طبي بمستشفى عسير يُنقذ حياة أربعيني تعرّض لطلق ناري في الرقبة    بيان التسمم    رابطة اللاعبين تزور نادي العروبة    أخضر الشاطئية يتأهل لربع نهائي البطولة العربية    حتى يبدع الحكم السعودي    ضمن فعاليات تقويم جدة بسوبر دوم.. غونتر يتوج بلقب" ملك الحلبة".. و" ناي جاكس" ملكة السيدات    ريال مدريد يودع الساحر الألماني    ولادة ثلاثة وعول في منطقة مشروع قمم السودة    وجهة الابتكار    إدارة تعليم عنيزة تدشن مبادرة التسجيل في النقل المدرسي    الإطاحة بثلاثة وافدين يروجون حملات حج وهمية    الأمن المدرسي    العمودي والجنيد يحتفلون بناصر    الزهراني يحتفل بزواج إبنيه محمد و معاذ    الاحتلال يواصل قصف أحياء رفح    أمير الرياض يرعى الاحتفاء بالذكرى ال 43 لتأسيس مجلس التعاون الخليجي    الغربان تحصي نعيقها    المكسيك تسجل حرارة قياسية    أجيال المملكة والتفوق صنوان    كي تكتب.. عليك أن تجرِّب    "سناب شات" تضيف عدسات الواقع المعزز لكروم    وصول أولى رحلات مبادرة طريق مكة من المغرب    حلقات تحفيظ جامع الشعلان تكرم 73حافظا    ضريح في جزيرة يابانية لتكريم القطط    أنت بحاجة إلى ميزانية    12 ألف حاج تلقوا خدمات صحية في المدينة المنورة    عليهم مراجعة الطبيب المشرف على حالتهم.. «روشتة» لحماية المسنين من المشاكل الصحية في الحج    اكتشاف دبابير تحول الفيروسات إلى أسلحة بيولوجية    التألق والتميز السعودي في الزراعة !    مرونة سوق العمل السعودي!    أسرتا السليمان والزعابي تتلقيان التعازي في فقيدهما    بيت الاتحاد يحتاج «ناظر»    أتعمية أم خجل.. يا «متنبي» ؟    الشغف    شكراً «نزاهة»    تعيين د. المجفل سفيراً لدى سورية    تخفيف مشقة الحج عن كبار السن    مشرفو الحملات الإندونيسيون: طاقات بشرية وفنية سعودية لراحة الحجاج    سعود بن بندر يطلع على خدمات «تنموي سلطان بن عبدالعزيز»    سمو أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة الثامنة عشرة لطلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد حرص القيادة على راحة الحجاج.. أمير الشمالية يتفقّد الخدمات في« جديدة عرعر»    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة الضباط الجامعيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات بين السلطة وحماس على شفير السقوط بعد مقتل الشريف . الاسرائيليون يستوطنون والفلسطينيون يتناحرون
نشر في الحياة يوم 20 - 04 - 1998

إذا كانت عمليات اختراق التنظيمات العسكرية، من العدو كما من الصديق، مسألة شائعة، خصوصاً لدى التنظيمات الفلسطينية، التي يزيد عددها على العشرين، فإنه لم يسبق لحركة حماس منذ انطلاقتها قبل حوالي 10 سنوات، أو حتى لجناحها المسلح "كتائب عز الدين القسام"، أن واجهت "تهمة" الاختراق مثلما حصل لها بعد العثور على جثة محيي الدين الشريف أحد أبرز قادة "القسام" المطلوبين للسلطات الاسرائيلية بسبب دورهم الرئيسي في التخطيط العمليات الانتحارية وتنفيذها.
ولعل الرواية التي قال الطيب عبدالرحيم احد أبرز القيادات الفلسطينية المقربة من الرئيس ياسر عرفات، ان احد المعتقلين في قضية مقتل الشريف قد أدلى بها تلقي الاضواء على طبيعة ما يجري.
وإذا كانت "حماس" قد سارعت الى وصف رواية غسان العداسي للمحققين الفلسطينيين بأنها "فُبركت" أو انتزعت منه تحت التعذيب، الا انها تلقي الأضواء على وجود اكثر من خط داخل كتائب القسام. وما قاله العداسي ملخصه ان مقتل محيي الدين الشريف 30 عاماً جاء نتيجة مشادة شخصية بين عماد عوض الله وشقيقه عادل أبرز المطلوبين لاسرائيل بسبب نشاطه العسكري المميز في صفوف القسام وبين الشريف. وحسب رواية العداسي فإن عماد وعادل اختلفا مع الشريف الذي رفض أوامر قياديين في "حماس" مقيمين في الأردن لتنفيذ عمليات انتحارية بسبب حرصه على عدم إحراج السلطة الفلسطينية في المرحلة الراهنة، في حين أخذ الشريف على عماد وعادل عوض الله تلقيهما اموالاً من الخارج وصرفها من دون اطلاعه على طريقة حصول ذلك، اضافة الى خلافات اخرى على مسائل تنظيمية. وقد تطور الخلاف الى تلاسن اعقبه اشهار عماد عوض الله سلاحاً فردياً كان يحمله وإطلاق ثلاث رصاصات باتجاه الشريف فأرداه قتيلاً.
ومع ان رواية العداسي الذي يملك ذووه "المنجرة" وحتى البناية التي تعرض مرآبها للانفجار الغامض في منطقة رام الله الصناعية ما تزال موضع أخذ ورد، الا ان اغتيال قادة آخرين من "حماس" أو من جناحها العسكري تم بصورة مماثلة أو بأسلوب مغاير.
ويقول فريح ابو مدين وزير العدل الفلسطيني لپ"الوسط" انه يرفض استباق الاحداث ويفضل عدم الخوض في هذه القضية قبل وصول ملف التحقيق اليه كاملاً. لكنه يوضح ان فحص الطبيب الشرعي لجثة الشريف اثبتت قتله قبل حدوث انفجار السيارة.
ويتساءل الوزير الفلسطيني عن سبب عدم اعلان "حماس" اختفاء الشريف لمدة ثلاثة أيام او التصريح بأن الجثة التي عثر عليها في المنطقة الصناعية تعود اليه، وان العداسي الطالب في السنة الثانية في جامعة بيرزيت من نشطاء "حماس" يعرف الشريف جيداً، وكان وراء استئجار الكاراج لتحويله في وقت لاحق الى مخبأ تصنّع فيه المتفجرات والعبوات الناسفة قبل استعمالها في تنفيذ العمليات الانتحارية.
ويقول خبراء في شؤون الأمن الفلسطيني ان "حماس" فقدت مع جناحها العسكري، خيرة كوادرها غدراً. وعددوا اسماء مثل يحيى عياش المعروف بالمهندس وعماد عقل وكمال كحيل. وأوضحوا ان جهاز الاستخبارات الاسرائيلية الداخلية نجح في اغتيال "المهندس" قبل عامين بواسطة أحد عملائه وهو رجل أعمال غزاوي كان معروفاً من قبل الكثير من التنظيمات الفلسطينية في القطاع بأنه مشبوه، وقد سرب إلى العياش هاتفا نقالاً مفخخاً عبر ابن شقيقته الذي يرتبط بصداقة وطيدة مع عياش اضافة الى صلته التنظيمية بپ"حماس". وقد فرّ رجل الأعمال الى اسرائيل ولا يزال يعيش متخفياً هناك.
ويروي الطيب عبدالرحيم امين عام الرئاسة الفلسطينية ان حركة "حماس" حاولت اخفاء وجود اختراق لها اثر مقتل عياش، وطلبت من قياديين بارزين في كتائب القسام هما محمد الضيف وعبدالفتاح السطري لا يقلون أهمية عن الشريف وعياش وآخرين من المطلوبين لأجهزة الأمن الاسرائيلية اتخاذ الاجراءات اللازمة للإيحاء بأن عياش قتل اثناء اعداده عبوة ناسفة، لكن الضيف والسطري رفضا الطلب. وكشف عن قصة مقتل عياش واختراق اسرائيل للحركة. وما حصل لعياش سبق وتكرر في عملية قتل كمال كحيل، اذ نفذ المحاولة اشخاص كانوا اعضاء في خليته العسكرية، هما نضال دبابيش الذي يعيش حالياً في اسرائيل وزياد الفيشاوي. اما قاتل عماد عقل المعروف بپ"حمديه" فلا يزال في سجون السلطة الفلسطينية بعدما أدلى باعترافات في هذا المجال.
ويقول محام فلسطيني له خبرة طويلة في التعامل مع التنظيمات الاسلامية الفلسطينية ان مقتل الشريف يطرح عدداً من التساؤلات:
أولها، هل يكون الشريف ضحية هوس أمني بعدما رفض تنفيذ أوامر قاتليه؟
ثانيها، هل تعرضت "حماس" او كتائبها العسكرية للاختراق كما حصل في السابق؟
ثالثها، هل يوجد اكثر من تيار داخل الجناح العسكري لحماس، احدهما مع التصعيد والآخر يدعو الى عدم إحراج السلطة؟
ويضرب المحامي مثلا عن الهوس الأمني، فيقول انه خلال الانتفاضة، تبلغ بواسطة سجناء في سجن تسعوت في صحراء النقب ان تسعة عناصر من حركة الجهاد الاسلامي قتلا ثلاثة من رفاقهم داخل السجن بعدما تباينت آراؤهم تجاه قضايا تنظيمية.
ويرفض قادة "حماس" في الداخل والخارج فكرة الاختراق بالصورة التي تشرحها السلطة الفلسطينية، ويقولون ان لا صحة لوجود اكثر من تيار داخل الحركة. ويضيفون ان الاعترافات انتزعت من العداسي بعد تعرضه للتعذيب وطالبوا بالسماح لپ"حماس" بإجراء تحقيقاتها في حضور اشخاص مستقلين.
ويوضح الدكتور محمود الزهار ان "مقتل محيي الدين الشريف والضجة التي أثيرت حوله كانت بمثابة خدمة لنتانياهو ومعسكره اللذين كانا يبحثان عن مخرج".
وقال الزهار: "إن "حماس" ابعد ما تكون عن السعي الى إشعال فتنة او التسبب بحرب داخلية، وقد اثبتت تجربة السنوات الماضية ان في الشارع الاسلامي من هو اكثر حكمة وقدرة على عدم إتاحة الفرصة لمن يريدون الاصطياد في الماء العكر".
وأضاف: "آن الأوان لأن تتوقف السلطة الفلسطينية عن زج الابرياء في السجون لمجرد ان آراءهم لا تنطبق مع توجهاتها".
ويقول عباس زكي عضو المجلس التشريعي في حركة "فتح" وأحد شخصياتها البارزة في الضفة الغربية ان الشارع الفلسطيني في الضفة، يتحرق من رؤية الاسرائيليين يواصلون مصادرة الأراضي والاستيطان في الوقت الذي يشن فيه الفلسطينيون الحملات الاعلامية ضد بعضهم البعض. وطالب بأن يكون التحقيق سرياً، وليس عبر صفحات الصحف. وأوضح ان اختيار مدينة رام الله لتكون مسرحاً للجريمة كان بمثابة بطاقة دعوة لفتنة داخلية.
ولوحظ في جلسة مجلس الوزراء الفلسطيني الأسبوع الماضي، ان عرفات لم ينطق بحرف واحد عن هذا الموضوع. وقال قريبون منه انه "لا يريد ان يدخل في معركة كسر عظم" مع "حماس". في حين قال آخرون، انه اعطى تعليمات واضحة لا تخول سوى الطيب عبدالرحيم الادلاء بتصريحات عن هذا الموضوع.
وفي اتصال مع جبريل الرجوب رئيس الأمن الوقائي قال ان "حماس" تواجه ازمة حقيقية، لأن عليها ان تقدم رواية مقنعة للشارع الفلسطيني ولأنصارها حول مقتل الشريف.
وأوضح: "ان الشريف كان عضواً فاعلاً في خلية من خلاياها، وبالتالي فإنه من المفترض ان تعرف قيادة "حماس" من هو آخر شخص التقاه، ومن كان يشرف على تنظيم تنقلاته وتأمين طعامه وغير ذلك".
ودعا الرجوب "حماس" الى التوقف عن توجيه اتهامات الخيانة الى الآخرين، واستبدال ذلك بالتعاون مع السلطة الفلسطينية من خلال تقديم المعلومات التي تكشف الخيوط الغامضة التي أحاطت بمقتل الشريف.
وحذر من مواصلة التلاسن وقال: "ان لديه من الاوراق ما هو كفيل باحراج حماس" اذا استمرت في اطلاق الاتهامات. وقال كلنا مقتنعون بأن لاسرائيل مصلحة في قتل الشريف.
واللافت ان قطاع غزة لم يشهد توتراً مثلما كان يشهده في السابق في اعقاب المواجهات بين "حماس" والسلطة او حتى حملات الاعتقال ضد ناشطي الحركة الاسلامية. وبرر كثيرون هدوء الوضع في القطاع بسبب اتجاه الانظار الى الضفة.
ويسخر الرجوب من الاتهامات التي وجهت اليه بشأن مقتل الشريف. وقال انه في الأساس يكنّ "الاحترام لكل مناضل قام بواجب وطني ضد المحتل الغاصب، وبالتأكيد فإن الشريف هو واحد من هؤلاء الذين أدوا واجبهم". لكنه استدرك ان "على كل النشطاء من أي تنظيم او حركة، ان يدركوا ان هناك اتفاقات موقعة بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، والواجب يقتضي ان يتم احترام هذه الاتفاقات، حتى لا نعطي العدو الاسرائيلي فرصة للتنصل من الاتفاقات التي تم التوصل اليها، وبالتالي التراجع عن تنفيذ الالتزامات المتوجبة لاحقاً".
ونفى الرجوب ان يكون تلقى تهديدات من أي جهة كانت وبشكل خاص من قبل محيي الدين الشريف. وقال كيف نتحمل مسؤولية امن اشخاص مختفين عن الأنظار، ويعرفون انهم مطلوبون. نحن نتحمل مسؤولية حماية كل من يتقدم نحونا ويطلب الحماية.
وكشف انه طلب اكثر من مرة من الاشخاص المطاردين من قبل اجهزة الأمن الاسرائيلية تسليم انفسهم للسلطة الفلسطينية حتى تكون مسؤولة عن أمنهم.
ومهما يكن، لا يبدو أن قضية الشريف سيسدل عليها الستار من دون أن تتوضح الأمور. والسؤال الذي يتردد في الضفة والقطاع هو: أين ستضرب "حماس"؟ ويتبعه سؤال آخر: وهل ستنفذ اسرائيل الاتفاقات إذا ضربت "حماس"؟
وقد يكون هنا لبّ المسألة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.