قدّم "مسرح المدينة" في بيروت أخيراً مسرحيّة جورج شحادة "مهاجر بريسبان" كما اقتبسها وأخرجها المسرحي ميشيل جبر، فأصبحت بعنوان "المهاجر". حوّر جبر الذي درس المسرح في موسكو، اطار أحداث مسرحية شحادة فباتت تدور في لبنان، وقام بتعريب النصّ الأصلي كل من جبّور وشوقي الدويهي. أما دور الحوذي في المسرحية فيؤدّيه الياس الياس. مسرحية شحادة كما هو معروف عن الحنين إلى الموطن الأوّل والزمن السعيد الهارب، كما أنّها تسلّط الأضواء بحدّة على تلك العلاقة بين المال ومفاهيم الشرف والأخلاق. فالمهاجر العجوز الذي أتى به الحوذي إلى قريته بعد طول اغتراب، يموت فجأة ويختلف أهل القرية على هويّة ابنه غير الشرعي الذي يحقّ له أن يرث ثروته. وتنتهي المسرحية في جوّ من السخرية المُرّة، إذ يأتي الحوذي بمهاجر جديد إلى ساحة القرية ليلاً. ويكتشف المسافر أنّها ليست قريته "عين الورد"، فيعترف الحوذيّ بذلك مشيراً إلى أن قريته مرتفعة جدّاً ما يتعب البغل، لذا أنزله هنا فكل القرى متشابهة... ويعترف له أيضاً أنّه أنزل قبله في القرية نفسها مسافراً كان يقصد قرية أخرى بعيدة... أخذ بعض النقّاد على جبر أسلوبه الأكاديمي بل والمدرسي أحياناً، لكنّه نجح في نقل شيء من أجواء شحادة الشعرية التي ليس لها مثيل في المسرح العربي المعاصر.