7 حقائق رئيسية عن مبادرة مستقبل الاستثمار السعودية    ولي العهد يلتقي رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم    انطلاق فعاليات كبار القدر "بسطة مشراق" بالدمام    الهلال يحقق فوزًا صعبًا على الأخدود في كأس الملك    مدرب الأهلي يؤكد جاهزية جالينو لمواجهة الرياض    القادسية يبطل مفاجأة الحزم    أرامكو تستحوذ على حصة أقلية من هيوماين    رئيس «الغذاء والدواء» : تجربة المملكة في دعم توفر الدواء تنطلق من حرصها على صحة الإنسان وسلامته    الفالح يحث صندوق الاستثمارات العامة على خفض الإنفاق المحلي وإفساح المجال للقطاع الخاص    انطلاق منافسات بطولة العالم لرياضة الإطفاء والإنقاذ بسباق تسلق البرج بالسلالم    14 ميدالية حصيلة المنتخبات السعودية في الألعاب الآسيوية الثالثة للشباب    المملكة تواصل توزيع المساعدات الغذائية في غزة    السعودية تدين الانتهاكات الإنسانية الجسيمة لقوات الدعم السريع في الفاشر    برشلونة غاضب من تصريحات لامين يامال قبل "كلاسيكو الأرض"    ولي العهد يرأس جلسة مجلس الوزراء في الرياض    جامعة الإمام عبدالرحمن تطلق "رُعى" الصحية لدعم الإبتكار والاستثمار في القطاع الصحي    أمير تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    محافظ الأحساء يكرّم المدارس المتميزة وطنياً    مفتي عام المملكة يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    أمير الشرقية يستقبل منسوبي المؤسسة العامة للري ويرأس اجتماع اللجنة العليا لمشروع مجتمع الذوق    وزير العدل يوجّه بإطلاق الإصدار الثاني من منصة "تراضي"    المناطيد تكشف أسرار العلا    "بين الشرفات" معرض فني في متحف دار الفنون الإسلامية يجسّد التراث السمعي والبصري بجدة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    نائب أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء بالمنطقة    أمانة تبوك تنفذ 13 ألف متر طولي من خطوط التصريف    السعودية وباكستان تتفقان في بيان مشترك على إطلاق إطار تعاون اقتصادي بين البلدين    تصوير "الأسد" في سماء الإمارات    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض في نوفمبر    مكتبة الملك عبد العزيز العامة تطلق جولتها القرائية ال7 إلى جازان الأحد المقبل    القيادة تهنئ رئيس جمهورية التشيك بذكرى اليوم الوطني لبلاده    مركز الملك فهد الثقافي الإسلامي بالأرجنتين يُكرّم 40 فائزًا وفائزة    لماذا يعتمد طلاب الجامعات على السلايدات في المذاكرة؟    باكستان تغلق مجالها الجوي جزئياً    ارتفاع تاسي    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    القيادة تعزّي ملك مملكة تايلند في وفاة والدته الملكة سيريكيت    جناح يعكس تطور الخدمات والتحول الصحي.. الداخلية تستعرض حلولًا مبتكرة في الخدمات الطبية    « البحر الأحمر»: عرض أفلام عالمية في دورة 2025    العلا تفتح صفحات الماضي ب «الممالك القديمة»    350 ألف إسترليني ل«ذات العيون الخضراء»    اقتحموا مقرات أممية بصنعاء.. الحوثيون يشنون حملة انتقامية في تعز    روسيا مستمرة في تطوير وإنتاج أسلحة جديدة.. وزيلينسكي: أوكرانيا تعمل مع الحلفاء على خطة لوقف القتال    الدفاع المدني.. قيادة تصنع الإنجاز وتلهم المستقبل    الحوامل وعقار الباراسيتامول «2»    إنجاز وطني يعيد الأمل لآلاف المرضى.. «التخصصي» يطلق أول منشأة لتصنيع العلاجات الجينية    وزير الداخلية يدشن وحدة الأورام المتنقلة ب«الخدمات الطبية»    أكثر من 54 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال شهر ربيع الآخر 1447ه    اليوسف يلتقي عددًا من المستفيدين ويستمع لمتطلباتهم    نائب أمير الشرقية يطّلع على جهود "انتماء وطني"    التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب يستقبل وفدًا من جامعة الدفاع الوطني    اكتشاف يفسر لغز المطر الشمسي    نائب أمير مكة يتسلم تقريرًا عن استحداث تخصصات تطبيقية بجامعة جدة    "التخصصي" يوقّع أربع اتفاقيات لتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية التخصصية    رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يغادر المدينة المنورة    أكثر من 11.7 مليون عمرة خلال ربيع الآخر    أثنى على جهود آل الشيخ.. المفتي: الملك وولي العهد يدعمان جهاز الإفتاء    المعجب: القيادة حريصة على تطوير البيئة التشريعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة بين الكوريتين : عناق فاتر ... لا حرب ثالثة
نشر في الحياة يوم 04 - 04 - 1994

وضعت كوريا الشمالية قواتها المسلحة في حال "تأهب قصوى" ومنعت المدنيين من الانتقال من مدينة الى أخرى. وأعلنت اذاعتها أن "الحرب تبدو أمراً لا مفر منه"، أي الحرب مع كوريا الجنوبية. لكن المراقبين الذين لديهم ألفة باللغة والثقافة الكوريتين يشعرون ببعض الارتياح الى استخدام كلمة "تبدو".
ومع أن حكومة كوريا الشمالية هي النظام الستاليني الوحيد الباقي في العالم فانها لم تأخذ زمام المبادرة بنفسها وانما كانت ترد بذلك على القرار الذي اتخذته كوريا الجنوبية بالغاء اجازات جميع أفراد القوات المسلحة واصدار الأوامر الى جميع الجنود والبحارة وأفراد القوات الجوية بقطع اجازاتهم والعودة الى وحداتهم فوراً. والقرار الأميركي بنصب صواريخ "باتريوت" حول القواعد الأميركية في كوريا الجنوبية. ومن الواضح ان نصب هذه الصواريخ ينطوي على "تهديد ديبلوماسي".
لكن الأزمة الحالية في شبه القارة الكورية تعود أصلاً الى رفض كوريا الشمالية السماح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومفتشي الأمم المتحدة بتفقد كل منشآتها النووية. وهناك اعتقاد بأنها تنتج الآن مادة البلاتونيوم المستخدمة في صناعة الأسلحة النووية، كما أنها عرضت التكنولوجيا النووية على إيران في مقابل النفط.
الحرب الثالثة ... بعيدة
ويقول تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سي. آي. إي ان كوريا الشمالية ستنتج الأسلحة النووية في غضون عامين. لكن بعض أجهزة الاستخبارات الأوروبية تدعي أن لديها الآن فعلاً سلاحين نوويين تعادل قوة كل منهما القنبلة النووية التي استخدمتها الولايات المتحدة ضد مدينة هيروشيما اليابانية في الحرب العالمية الثانية.
وفي سيول أبلغ وزير الدفاع الكوري الجنوبي ورئيس وكالة تخطيط الأمن القومي اجتماعاً لمجلس الوزراء أن كوريا الشمالية أصبحت الآن في حالة استعداد كامل للحرب. لكن مصادر البنتاغون في واشنطن تقول انه لم تحدث أي تحركات ذات شأن للقوات.
إذن هل أصبحت الحرب العالمية الثالثة على الأبواب؟ الجواب على الأرجح لا. فعندما سحبت الولايات المتحدة أسلحتها التكتيكية القصيرة المدى من كوريا الجنوبية في العام الماضي كجزء من اجراءات بناء الثقة لم تترك حليفتيها، أي كوريا الجنوبية واليابان، من دون دفاع. فقد ذكرت مصادر البنتاغون ل "الوسط" ان أي انتقام من كوريا الشمالية إذا أطلقت سلاحاً نووياً سيكون مدمراً.
وقالت هذه المصادر ان الولايات المتحدة أخذت في اعتبارها آنذاك "تغطية اليابان وكوريا الجنوبية" بغواصات "ترايدانت" الأميركية في المحيط الهادئ. ولأنه لا يمكن تحري وجود هذه الغواصات الا حين تطلق صواريخها فإن الأوامر التي لديها هي اطلاق كل ما عليها من صواريخ في حالة نشوب حرب، أي حوالي مائتي صاروخ نووي. وكانت هذه الغواصات النووية صممت لتكون خط الدفاع الأميركي الأول في حالة نشوب حرب مع الاتحاد السوفياتي السابق. ولهذا فإن الانتقام سيكون "مدمراً" لأنه لا يوجد في كوريا الشمالية مائتا هدف، كما أن عدد سكانها لا يتجاوز 22 مليون نسمة.
واضافت مصادر البنتاغون أيضاً ان صاروخاً من طراز "مينتمان" في داكوتا الشمالية كان مصوباً في السابق لمهاجمة أهداف سوفياتية باطلاقه عبر القطب الشمالي، أصبح مصوباً الآن نحو أهداف في كوريا الشمالية. ويرجح أن تكون اهدافه المجمعات والمرافق النووية والمنشآت العسكرية الرئيسية في البلاد. ويحتمل ألا تكون العاصمة بيونغ يانغ على قائمة الاهداف لأنها مركز مدني ولا تبعد سوى خمسين كيلومتراً عن الحدود مع كوريا الجنوبية. وفي وسع صاروخ "مينتمان" ان يحمل رؤوساً نووية تعادل في قوتها حوالي عشرين مرة قوة القنبلة التي ألقيت على هيروشيما أو ناغازاكي.
وأكدت ل "الوسط" أن هناك مساندة للرؤوس النووية التي سيطلقها هذا الصاروخ الجبار، مثل استخدام صواريخ "كروز" الموجودة على حاملات الطائرات في بحر اليابان.
خامس أكبر جيش
ومن المعروف انه لا توجد فروق ذات شأن في اللغة والثقافة بين سكان كوريا الشماية الذين يبلغون حوالي 22 مليون نسمة وسكان كوريا الجنوبية الذين يبلغ عددهم حوالي 45 مليوناً. لكن الاخيرة تحولت من اقتصاد زراعي لا يزيد معدل دخل الفرد فيه على 78 دولاراً في السنة عام 1968 الى اقتصاد متقدم وصل فيه دخل الفرد الآن الى حوالي ستة آلاف دولار في السنة، بينما يبلغ معدل دخل الفرد في كوريا الشمالية الشيوعية حوالي ألف دولار فقط في السنة. كما أن الرئيس الكوري الشمالي كيم ايل سونغ الذي اختاره ستالين شخصياً عام 1947 ظل في الحكم منذ ذلك التاريخ، مما يعني انه اقدم حاكم في العالم اليوم. وتفادياً للسجن يعلق كل منزل صورته، كما ان الخدمة العسكرية الاجبارية تصل الى ست سنوات. وعلى رغم صغر عدد السكان نسبياً فان الجيش الكوري الشمالي هو خامس اكبر جيش في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا والصين والهند.
أما كوريا الجنوبية فمدة الخدمة العسكرية فيها سنتان الآن بعدما كانت ثلاثاً حتى عام 1991. ويبلغ عدد أفراد قواتها المسلحة 650 ألفاً اضافة الى مائتي ألف من الاحتياط. ومع ان شطري شبه الجزيرة الكورية يشتركان في الثقافة واللغة والتاريخ فان من المؤكد أن اي حرب بينهما ستكون وخيمة العواقب مثلما حصل في الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953.
ويقول الكولونيل روبرت ويست، وهو ضابط أميركي متقاعد شغل منصب الملحق العسكري في السفارة الاميركية في سيول في الثمانينات: "اذا اندلعت الحرب في شبه الجزيرة الكورية فان الطرفين لن يظهرا أي رأفة على الاطلاق ولن يطلب أي منهما الرحمة ولن يكون هناك أي أسرى".
نقاط ضعف كيم
ولدى الرئيس كيم نقاط ضعف واضحة. فهو ديكتاتور يتحكم على غرار ملوك شامان في المملكة الكورية القديمة ويدعي الفضل في جودة محاصيل الرز. وحين غرق ابنه الأصغر الذي كان في العاشرة نتيجة اصطدام قاربه بقارب آخر استدعى ساحرة لكي تؤدي الطقوس المألوفة ولكي تضمن دخوله الجنة. ولأنه يبلغ الآن الثانية والثمانين فقد عيّن ابنه الأكبر كيم جونغ خلفاً له. لكن المراقبين يعتقدون بأن ضباط الجيش سيتحدون ابنه فور وفاة والده.
وترى موسكو وبكين حليفتاه السابقتان انه شخص يصعب توقع تصرفاته. ففي موسكو اقترح الرئيس بوريس يلتسن عقد "مؤتمر سلام" تشترك فيه كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وروسيا والولايات المتحدة واليابان والصين لاقناع كيم بالتزام معاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعت عليها بلاده من دون ان يفقد ماء وجهه. لكن مصادر البنتاغون لا تعتقد بأنه يمكن مثل هذا المؤتمر ان ينجح الا اذا حذت اسرائيل والهند وباكستان والدول الأخرى التي تسعى الى امتلاك القدرة النووية الحذو نفسه.
نجاح الرئيس الجنوبي
ومع ان وسائل الاعلام الأميركية اتخذت خطاً سلبياً ازاء المبادرة الروسية ووصفتها بأنها "تدخل" في الحوار بين واشنطن وبيونغ يانغ فان ناطقاً باسم البيت الأبيض رحب بالنفوذ الروسي في مجال "منع الانتشار النووي" في كوريا الشمالية والشرق الأوسط وجنوب آسيا لأنه ربما سهل على الولايات المتحدة ممارسة الضغط على اسرائيل لنزع سلاحها النووي.
ومن الآثار المباشرة للأزمة الحالية انها ستؤدي الى ابطاء عملية الانسحاب العسكري الأميركي من كوريا الجنوبية، اذ يوجد الآن 38 ألف جندي أميركي هناك بعدما كان العدد 45 ألف جندي في عهد الرئيس ريغان. وكان من المقرر ان ينخفض هذا العدد الى 25 ألف رجل خلال سنوات قليلة تمهيداً لسحب جميع القوات. ولهذا فليس من المستغرب عقب الأزمة ان تصدر واشنطن وسيول بياناً تعلنان فيه استئناف المناورات العسكرية المشتركة بينهما بعدما توقفت مدة من الزمن.
ومن أسباب التعنت الكوري الشمالي في الأزمة الحالية النجاح غير المتوقع الذي حققه أول رئيس حكومة مدني في كوريا الجنوبية كيم يونغ سام. فقد عرض الرئيس الكوري الجنوبي الاجتماع الى نظيره الشمالي لبحث المسألة النووية والتعاون الاقتصادي والتجارة والاتصالات، تمهيداً لقيام اتحاد كونفيديرالي بين البلدين في نهاية المطاف. الا ان هذا الاجتماع لم يتحقق.
واذا انتهت الأزمة الحالية الى تراجع كوريا الشمالية فانه سيكون لها أثر على كل من طهران وبغداد وطرابلس الغرب. ولكن من غير المرجح ان تسمح كوريا الشمالية للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية باذلالها كما ان من غير المحتمل ان تقبل كوريا الجنوبية بتعريض جارتها للاذلال. ولهذا فمن المحتمل ان تلجأ كوريا الشمالية الى التنازل عن فرصة اطلاق صاروخ أو اثنين على كوريا الجنوبية في مقابل انقاذ نفسها من الدمار الشامل بالصواريخ الأميركية. ولكن لا يرجح ان تنسحب من الساحة الدولية لفترة من الزمن على الأقل.
ان الكوريين يجدون صعوبة في التمييز بين "المثابرة" و"العناد". فعلى رغم عشرات المرات التي غزا الصينيون فيها كوريا عبر القرون، وعلى رغم التفوق العددي الهائل للصينيين فان الكوريين أثبتوا أنهم شعب لا يُقهر وأنهم ان عاجلاً أو آجلاً سيعاقبون من يتحداهم. ولذا يرجح ان تنتهي هذه الأزمة بعناق فاتر جداً بين رئيسي الكوريتين أمام أضواء عدسات التلفزيون. وستواصل بيونغ يانغ تقديم الأسلحة الى الشرق الأوسط بينما تواصل سيول تزويده ناطحات السحاب!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.