هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية : الاحتلال اعتقل 8640 فلسطينياً في الضفة الغربية    وزير التجارة يزور تايلند لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين    منظمة التعاون الإسلامي تُدين بشدة تصاعد وتيرة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    محافظ طبرجل يلتقي مدير الدفاع المدني بالجوف    وزير التعليم: «الفصول الثلاثة» تحت الدراسة.. نقيّم التجربة وفق أسس علمية تربوية    مختص يحذر من الاحتراق الوظيفي ويشدد على أهمية توفير وحدات لقياسه داخل بيئات العمل    جامعة الإمام عبد الرحمن تحتضن فعاليات وأعمال مؤتمر كليات الحاسب بالجامعات السعودية    بدر بن عبدالمحسن: أمير الشعراء وصوت البسطاء    السجن 15 سنة وغرامة مالية لمواطن قام بالترويج والاتجار بالإمفيتامين    أول مصنع لإنتاج القهوة في جازان    ارتفاع المخزونات الأمريكية يهبط بالنفط    ارتفاع أرباح "STC" إلى 3.29 مليار ريال    أسترازينيكا تسحب لقاحها من الأسواق    أنطلاق مهرجان المنتجات الزراعية الثالث في ضباء    تركي الدخيل: احذروا تشغيل المحافظ الاستثمارية عبر غير المرخصين    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات في البرازيل إلى 95 قتيلاً    المملكة والسنغال تتفقان على تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والأمن الغذائي    أمطار ورياح مثيرة للأتربة والغبار على عدد من المناطق    الجلاجل: تنظيم "وقاية" خطوة لمجتمع صحي    أمير الشرقية ونائبه يتلقيان تهاني الرزيزاء بتأهل القادسية لدوري روشن    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    «إنفاذ»: 30 مزاداً لبيع 161 عقاراً    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    "الهلال" يطلب التتويج بلقب دوري روشن بعد مباراة الطائي في الجولة قبل الأخيرة    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    استعراض المؤشرات الاستراتيجية لتعليم جازان المنجز والطموح    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    الشورى يدعو لتحديث كود البناء السعودي    أمير المدينة يستعرض جهود جمعية «لأجلهم»    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    هزيمة الأهلي لها أكثر من سبب..!    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    ديميرال: اكتفينا ب«ساعة» أمام الهلال    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    الرؤية والتحول التاريخي ( 1 – 4)    عبدالغني قستي وأدبه    حاتم الطائي    توثيق الأعمال الفنية الغنائية والموسيقية السعودية.. هيئة الموسيقى ذاكرة لحفظ التراث الوطني    بدر الحروف    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    الحرب العبثية في غزة    تحقيقات مصرية موسعة في مقتل رجل أعمال إسرائيلي بالإسكندرية    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    الفوائد الخمس لقول لا    الاحتلال يتجاهل التحذيرات ويسيطر على معبر رفح    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    ريادة إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قضية تشغل الأدباء والسينمائيين ... والقراء والمشاهدين علاقة الجوار الصعبة بين الأدب والسينما - اتجاه واضح نحو سينما المخرج - المؤلف : 10 في المئة فقط من الأفلام المصرية ... مصدره نصوص أدبية !
نشر في الحياة يوم 11 - 01 - 1993

السينما والأدب، تزداد مجاورتهما صعوبة في العالم العربي كما في الغرب، فقد ذهبت السينما بعيداً نحو ما يمكن تسميته بپ"الكاميرا - القلم"، وتذهب الرواية أبعد في اتجاه لعبة لغوية تخييلية وفكرية يصعب تصويرها على الشاشة.
وبين فترة وفترة تعلو أصوات مخرجين سينمائيين ضد نقل حرفي للروايات تفرضه جهات انتاجية، وفي المقابل يشكو روائيون من الافلام المنقولة عن أعمالهم فيرونها غريبة لا تنتمي اليها بأي صلة.
في هذا الملف تعالج "الوسط" العلاقة المعقدة بين الأدب والسينما، من خلال نظرة ميدانية لهذه العلاقة في السينما المصرية، ومن خلال نظرة تحليلية لها في أوروبا. كما تورد شهادتين تغنيان الموضوع الذي يشغل الوسط السينمائي والوسط الأدبي على حدّ سواء.
بدأ المخرج المصري رأفت الميهي في تصوير فيلم جديد مقتبس عن رواية فتحي غانم "قليل من الحب كثير من العنف"، ولا تزال حاضرة أصداء الاحتفاء بفيلم "الكيت كات" لداود عبدالسيد المأخوذ عن رواية ابراهيم أصلان "مالك الحزين"، وعلمت "الوسط" ان اعمالاً روائية كثيرة اشتراها منتجون لتحويلها الى أفلام سينمائية: عادل عوض نال حق تصوير "احتضار قط عجوز" لمحمد المنسي قنديل وللبطولة أختير عمر الشريف وشريهان، ونور الشريف اشترى حق تصوير قصة "سارق الفرح" لخيري شلبي. ووحيد حامد: "ذئب في قرص الشمس" لمحمد عبدالمنعم، وعاطف الطيب: "خالتي صفية والدير" لبهاء طاهر. يتردد أن فؤاد التهامي هو الذي اشترى حق تصويرها. أما سهير رمزي فاشترت حق تصوير "ست الحسن" لفتحي غانم.
هذا الاقبال على نقل الأعمال القصصية والروائية الى السينما لا يكفي للقول ان مصر تشهد مرحلة ازدهار الأعمال الأدبية على الشاشة، وربما كان العكس هو الصحيح، فالاستوديوهات المصرية تنتج ما بين 62 و80 فيلماً في السنة الواحدة، لا تزيد الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية عن العشرة في المئة منها.
عهد إحسان عبدالقدوس
يعتبر فيلم "الله معنا" الذي كتبه احسان عبدالقدوس للسينما مباشرة في الخمسينات بداية ارتباط السينما المصرية الفعلي بالأدب بعد حقبتين من التمصير الذي انصب في الأساس على اقتباس السينما الأميركية.
قبل ذلك كانت هناك أفلام قليلة مأخوذة عن أعمال أدبية مثل "الوعد الحق" لطه حسين و"زينب" لمحمد حسين هيكل ومسرحية "رصاصة في القلب" لتوفيق الحكيم، بالاضافة الى أكثرية من الأفلام انجزها العاملون في السينما بالاستناد الى قصص جرائم نشرتها الصحف أو توليفات من الحياة الواقعية أو الحكم والأمثال السائدة.
ويمكن اعتبار سنوات الخمسينات مرحلة دالة على إحسان عبدالقدوس، حيث ركز صناع السينما على كل ما يكتبه، يتعاقدون معه على تصوير الرواية حتى قبل أن ينتهي من كتابتها أو من نشرها حلقات في الصحف والمجلات. هكذا ظهرت على الشاشة "أين عمري" و"لا أنام" و"في بيتنا رجل" و"الوسادة الخالية" و"لا تطفئ الشمس" وغيرها. أما الروائيون الذين حضروا مع إحسان عبدالقدوس سينمائياً في الخمسينات فكان على رأسهم يوسف السباعي الذي نقلت عنه السينما مجموعة رواياته الرومانسية ومنها "آثار على الرمال" و"رد قلبي" و"اني راحلة"، وكذلك نجيب محفوظ الذي كان يشارك في كتابة سيناريوهات بعض الأفلام، كما ظهرت على الشاشة روايته "بداية ونهاية" باخراج صلاح أبو سيف.
مرحلة نجيب محفوظ
وبحلول الستينات التي يمكن اعتبارها العصر الذهبي للأعمال الأدبية المصرية في السينما تسيدت أعمال نجيب محفوظ، فظهرت "الثلاثية" و"اللص والكلاب" و"السمان والخريف" و"ميرامار" و"السراب" و"خان الخليلي" وغيرها، وفي سنوات نجيب محفوظ لم تتوقف السينما عن التعامل مع إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي، كما التفتت الى يحيى حقي وفتحي غانم وطه حسين وعبدالحميد جودة السحار وعبدالرحمن الشرقاوي ويوسف ادريس وأمين يوسف غراب وأحمد أمين، وواكب انطلاق هذه الكتابات الواقعية المتميزة انشاء المؤسسة المصرية العامة للسينما في بداية الستينات رأسها عبدالحميد جودة السحار ثم نجيب محفوظ وهي التي اطلقت هذه الاعمال وكانت لها القدرة المادية على انتاجها، في ظل عدم تنازل بعض المنتجين المتميزين مثل رمسيس نجيب وآسيا عن الاستمرار في انتاج أفلام مأخوذة عن أعمال أدبية أيضاً.
وفي السبعينات كانت الاعمال الواقعية الكبرى لنجيب محفوظ وأعمال إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعي قد انتجت للسينما، فلجأ السينمائيون الى كتّاب ليسوا اصحاب قيمة أدبية واضحة، وأكثرهم يقلد نجيب محفوظ، وكانت السمة الغالبة للأعمال الأدبية المنقولة للسينما في السبعينات هي قصص تعطى البطولة أو الشخصية الرئيسية فيها للمكان، مثل قصص اسماعيل ولي الدين "الأقمر" و"حمام الملاطيلي" و"الباطنية"، ويضيف كاتب السيناريو الى المكان شخصيات وأحداثاً لتتماسك القصة، في انتظار ان يجود نجيب محفوظ أو إحسان عبدالقدوس بقصة فتنتج فوراً "الكرنك" و"أهل القمة" لمحفوظ، "الرصاصة لا تزال في جيبي" لاحسان عبدالقدوس.
ظهور المخرج المؤلف
وبعد استنفاد الروايات الممكنة التصوير سينمائياً بدا واضحاً في الثمانينات انحسار الاعمال الأدبية في السينما، مع استمرار حضور إحسان عبدالقدوس عندما يكتب، أو نجيب محفوظ في أعمال قليلة، خصوصاً ان الأخير هجر الواقعية واندفع في رواياته الجديدة المركبة التي لم تستطع السينما استيعابها "رحلة ابن فطومة" - "امام العرش" - "العائش في الحقيقة"... وغيرها، واكب ذلك جيل جديد من المخرجين لم يجد النص المناسب أو المعبر، وجيل راغب في تفادي مشاكل النصوص الأدبية التي دار حولها جدل كبير، حيث انشغل الخطاب النقدي - وبشكل مثير دائماً - بمسألة عبث المخرج بالنص المكتوب، ووصل الأمر الى الاهانات المتبادلة بين المخرجين والمؤلفين، وان كان نجيب محفوظ حسم الأمر مبكراً - وتبعه المؤلفون فيما بعد - بأن "حدود مسؤولية الكاتب تنتهي عند الغلاف الأخير من الرواية، اما السينما فلها مقتضيات أخرى لا بد ان نعترف بها". وبدأ هذا الجيل الجديد من المخرجين يكتب لنفسه، وأبرزهم في الثمانينات رأفت الميهي ومحمد خان والأخير يرفض تماماً التعامل مع نص أدبي: "أنا وجيلي انهينا سطوة النص الأدبي على الشاشة"، وبدرجات متفاوتة رأفت الميهي وداود عبدالسيد وعاطف الطيب وخيري بشارة.
في الوقت نفسه اتجه الروائيون المصريون الى كتابات جديدة يكاد يستحيل نقلها الى السينما، أو يحتاج انتاجها الى ميزانيات ضخمة لا يستطيع سوق السينما المصرية تحملها، ولم يستطع السينمائيون التعامل في العامين الأخيرين الا مع أعمال يمكن اعتبارها من فلول الواقعية كما عند يوسف القعيد وبهاء طاهر وابراهيم أصلان ومحمد جلال وخيري شلبي وبعض اعمال مجيد طوبيا وجمال الغيطاني، وعلى رغم ذلك فإن اعمالهم لم تنتج وبقيت مشاريع واتفاقات شفوية مع بعض المنتجين والمخرجين. وعندما نقل داود عبدالسيد رواية "مالك الحزين" لابراهيم أصلان الى السينما غيّر الاسم الى "الكيت كات" ولم يلتزم بالرواية، كذلك احدثت "الحرب في بر مصر" ليوسف القعيد التي ظهرت كفيلم باسم "المواطن مصري" من اخراج صلاح أبو سيف مشاكل باضافة شخصيات وقصص أخرى واختلاف بين نهاية الفيلم ونهاية الرواية.
من الحرف الى الصورة
والأعوام الأخيرة، لم تبرز ظاهرة المخرج المؤلف فقط، وإنما هجر عدد من المؤلفين الكتابة الروائية وتركوا التعامل مع الحرف المطبوع ليكتبوا للسينما مباشرة حيث يؤثرون في الملايين، وهم كتّاب على درجة رفيعة من الموهبة والقدرة، وكلهم بدأوا قصاصين: مثل وحيد حامد وله عمل منشور هو "القمر يقتل عاشقه" قبل ان يتجه الى الشاشة فيكتب 35 فيلماً أولها "طائر الليل الحزين" عام 1976 وآخرها "الارهاب والكباب" عام 1992، ومثل أسامة أنور عكاشة وله عمل واحد منشور هو "أحلام في برج بابل" ثم عدد ضخم من الاعمال التلفزيونية المؤثرة وأفلام عدة، ومثل محسن زايد وبشير الديك وغيرهما.
أما كناسة دكاني نجيب محفوظ وإحسان عبدالقدوس التي ظهرت في التسعينات، فكانت عن قصص قصيرة أراد منتجوها نفخ الروح في أعمال لا تصلح للاستفادة تجارياً من أسماء كاتبيها الكبار، فخرجت كأعمال رديئة لم تلفت النظر أبداً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.