لا يفارق هاجس حوادث"الدهس"مخيلة سكان حي المسعودي، أحد أحياء مدينة المبرز محافظة الأحساء، المعروف بكثرة حركة مرور المشاة والسيارات فيه. وبين فترة وأخرى تخيم على الحي الأحزان، بسبب حوادث الدهس تحت عجلات سيارات المتهورين، وغالبية الضحايا من الأطفال، الذين أصيب بعضهم بإعاقات، أو على الأقل بكسور وجروح وكدمات وغيرها من الإصابات، فيما فارق بعضهم الحياة، وهم في عمر الزهور. ويطالب أهالي الحي الجهات المتخصصة بوضع حدّ لمعاناتهم، عبر إنشاء مطبات اصطناعية، تجبر قائدي السيارات على تخفيف السرعة، ولا سيما عند المواقع الحيوية من الحي، مثل المدارس والمركز الصحي. ويقول محمد العجاجي، الذي يقطن في الحي:"بين فترة وأخرى نشاهد ونسمع ما يتعرض له أطفال، من حوادث دهس من متهورين"، متذكراً حادثة مفجعة، راح ضحيتها ابنه عبدالله، وعمره حينها سنتان و8 أشهر، إثر دهسه من قائد سيارة متهور كان يقود بسرعة جنونية. ويضيف:"كان طفلي تناول العشاء معنا، ثم خرج من المنزل، من دون أن نشعر به، ولم يستطع السائق السيطرة على سرعة مركبته، فدهس طفلي وتم نقله إلى المستشفى، في حال خطرة، وأدخل قسم العناية المركزة، متأثراً بالإصابات الخطرة، وبعد يومين فارق الحياة"، مؤكداً ضرورة الإسراع في وضع مطبات اصطناعية، تمنع المتهورين من القيادة بسرعة عالية، وإيقاف حوادث دهس الأطفال. ولم يفقد بدر الدوخي، حياته في حادثة الدهس، التي تعرض لها، ولكنه خرج منها بحزمة من الإعاقات. ويقول والده عبدالرحمن الدوخي:"كان ابني في الخامسة من عمره حين تعرّض إلى الحادثة، التي تسببت في إطفاء الشمعة التي تضيء جنبات البيت، بكلماته وضحكاته العالية، ودعاباته الخفيفة". واستدرك الدوخي:"خرج بدر من المنزل، متوجهاً إلى بيت أحد الأقارب، فدهمته سيارة يقودها شاب متهور، لا يتعدى عمره 18 سنة، وعلقت ثياب بدر في السيارة، التي جرّته على الأرض لأمتار، حتى لم يصدق من رآه أنه لا يزال حياً بعد هذه الحادثة المؤلمة. ووسط الذهول الذي سيطر على المكان، حاول السائق المتهور الهرب من الموقع بعد دهس ابني، ولكن تمكن أحد المارة من القفز داخل السيارة وإمساكه". ويوضح أبو بدر أن ابنه أصيب بإغماءة"حادة". ويتابع:"تبين بعد الفحوص والتحاليل التي أُجريت له في المستشفى، أنه أصيب في المخ، نتيجة كسر في الجمجمة، مع تشنج في الأطراف الأربعة، وتعطل كامل المخيخ، ونزيف داخلي، وأُدخل العناية المركزة لأشهر طويلة، إلا أن حال بدر ظلت كما هي عليه، من دون تقدم، بل زادت سوءاً، إذ اكتشفنا أنه لا يتمكن من النطق، لتشمل إعاقته النطق والحركة". كما تعرض ابن يعقوب يوسف، إلى حادثة دهس. ويقول يعقوب:"منذ فترة وجيزة، تعرض ابني 7 سنوات لحادثة دهس، من سائق متهور، كان يقود سيارته بسرعة كبيرة داخل الحي. ولم يتمكن من السيطرة على مركبته، أثناء عبور ابني الطريق، فدهسه"، مضيفاً:"تعرض ابني لجرح كبير في الرأس وخُيّط رأسه، وكسر في اليد. تم تجبيرها". فيما يقول أحمد المحسن، الذي كانت ابنة أخته شمة، إحدى ضحايا حوادث الدهس:"سقطت تحت العجلات سيارة سائق متهور قبل سنتين، وهو ما أدى إلى وفاتها على الفور في موقع الحادثة"، لافتاً إلى أن الحادثة سببت صدمة لأخته وزوجها بعد أن علمَا أن ابنتهما توفيت تحت عجلات سيارة متهور لم يستطع أن يسيطر على المركبة، بسبب السرعة الكبيرة التي كان يقود بها. وتعرض ولدا عادل الحسين، عبادي ودانة، إلى حادثتي دهس، قبل أربع سنوات. ويعود الأب بالذاكرة إلى الوراء:"وقعت الحادثة الأولى لدانة التي نجت من الموت، ولكنها أصيبت بكسر في مقدم الرأس، وتورم في العينين، وأدخلت المستشفى"، مضيفاً:"بعد فترة تعرض ابني عبادي إلى حادثة دهس، ونجا من الموت، بعد أن تعرض إلى جرح عميق في الرأس، وخدوش. ونقل إلى المستشفى، وأجريت خياطة لرأسه، وبقي قيد الملاحظة. وبعدها خرج من المستشفى". وتعرضت طفلة قريبة لمروان المحسن، لحادثة دهس من حافلة مخصصة لتوزيع الخبر على المحال التجارية، وتعرضت لجرح عميق في القدم، نقلت على إثرها بواسطة أهالي الحي إلى المستشفى، وأدخلت غرفة العمليات، حيث أجريت لها جراحتان في الرأس والقدم، وبقيت في المستشفى فترة طويلة". ولا تقتصر حوادث الدهس على الأطفال، إذ تعرض خالد البخيت 20 سنة قبل نحو عام إلى حادثة دهس، فيما كان يقود دراجة نارية. ويقول:"فوجئت بسيارة يقودها شاب متهور، تسير بسرعة داخل الحي، واصطدم بي، وتعرضتُ إلى كسور في القدمين. ونُقلت إلى المستشفى. وأجريت لي جراحة. كما تم تركيب أسياخ في قدمي". طلاب المدارس ومراجعات المركز الصحي... متضررون ويلفت سامي السعد إلى وجود تحويلة، وورشة صيانة منذ فترة في آخر شارع النجاح، وهو شارع تجاري، وتم تحويل السيارات إلى داخل حي المسعودي، وهو ما أدى إلى زيادة حوادث الدهس، التي"خلّفت مواقف محزنة، وزادت مخاوفنا على أطفالنا أثناء خروجهم من المنازل، سواء للذهاب للشراء من السوبر ماركت، أم اللعب أمام المنزل"، بحسب قوله. ويضم الحي مدرسة الطبري الابتدائية، التي يواجه طلابها أثناء الذهاب إلى المدرسة، أو خروجهم منها،"خطر التعرض لحوادث الدهس"، بحسب قول سعد عبدالرحمن، الذي يضيف أن"الحي تتوسطه طريق كثيرة الحركة، ذهاباً وإياباً، باتجاه سوق النجاح، وأيضاً سوق المبرز. وبعض قادة السيارات من المتهورين، الذين يقودون بسرعة عالية، وهم يمرون في الطريق، الذي يفتقر إلى المطبات الاصطناعية، من دون أخذ الحيطة والحذر من مرور الأطفال، أو كبار السن". ويشير عادل الحسين، إلى قيام الأهالي بوضع مطبات اصطناعية أسمنتية في الطريق،"لإيقاف حوادث الدهس. وإجبار المتهورين على تخفيف السرعة. وبعد فترة قامت إحدى الجهات المتخصصة، بإزالة تلك المطبات، وأخبرونا بأن تصرفنا غير نظامي. وحذرونا من وضعها مرة أخرى". فيما يلفت عادل حمد، إلى أن الشارع الرئيس في حي المسعودي، يضم مركزاً صحياً، يخدم الأهالي، ويقع في مبنى مستأجر. ويقول:"موقعه غير مناسب على طريق حيوي يؤدي إلى سوق النجاح. ويعرض النساء وأطفالهن وكبار السن والمرضى، من مراجعي المركز الصحي، إلى حوادث الدهس"، مؤكداً أهمية"إيجاد مطبات اصطناعية بالقرب من المركز الصحي. وإشارات إرشادية إلى وجود المركز، وإجبار السائقين على تخفيف السرعة، وأخذ الحذر والحيطة في هذا المكان، لوجود مركز صحي". وعلى رغم مرور أكثر من شهرين على محاولة"الحياة"الحصول على ردود وإيضاحات من كل من إدارة المرور وأمانة الأحساء، حول وضع الحي، إلا أنها لم تجد تجاوباً من الجانبين.