يلفت كهف الحريملاء انتباه زائره بمدخله الضيق وسط مساحة كبيرة من الأرض المسطحة، وما أن يدخل حتى يفاجأ بتجويف عميق ينحرف في مسارين. زيارة الكهف الذي يقع على بعد 120 كيلومتراً من مدينة الرياض، لا تبدو مهمة سهلة، كما يروي رئيس النادي العلمي في ثانوية اليمامة المعلم أحمد السعدون، الذي تردد كثيراً قبل أن يكون أول الداخلين إلى الكهف أمام الطلاب وقال:"ليس لدينا معلومات كافية عن الكهف، وكل ما نعرفه أن بعض الجيلوجيين قاموا بزيارته ووجدوا فيه أشياء مفيدة". ويرى السعدون أن ذلك سبب كاف للحذر،"خصوصاً أن الطلاب متحمسون لمعرفة ما بالداخل، والكهف مظلم تماماً". الظلام لم يكن وحده ما أفزع السعدون وأعضاء النادي، بل إنه ربما كان أهون المفاجآت،"أمرت الطلاب أن يمسكوا بالمصابيح جيداً، وألا يبتعدوا عن بعضهم، وسلكنا جميعاً المسار الأيمن لأنه بدا لنا أكثر اتساعاً". ويضيف:"حذرتهم من الحيات، إذ إننا صادفنا بعضها، لكنهم حافظوا على هدوئهم وتصرفوا في شكل مناسب". المفاجآت لم تنته عند ما هو مخيف، فالكهف بدا ثرياً بالفوائد العلمية التي تستحق المجازفة. درجة الرطوبة التي تعدت 70 في المئة داخل الكهف، وعينات نادرة من التربة وأنواع الصخور، من الأسرار التي تعرف عليها السعدون وطلابه بمجرد دخولهم الكهف، الذي يضيق تدريجياً، علماً بأن عمقه 150 متراً. يقول السعدون،:"بدأنا السير داخل الكهف ونحن واقفون، وعند اقترابنا من نهايته كنا نزحف". وعلى رغم الفوائد والمخاطر المتعددة التي لقيها أعضاء النادي العلمي، إلا أن المفاجأة الأخيرة كانت الأبرز. البعض وصفها بالأكثر خطورة، لكن آخرين عدوها أهم المشاهدات. يقول السعدون،:"انطلقت الخفافيش فجأة في شكل مخيف عند منتصف المسافة، ومع أن البعض فزع منها، إلا أنها كانت فرصة للاقتراب من هذا الحيوان الطائر، الذي لم يسبق لأي منا مشاهدته إلا في المسلسلات الكارتونية وأفلام السينما". وعلى رغم أن أصول عدد كبير من سكان الرياض ترجع إلى محافظة الحريملاء والمحافظات القريبة منها، إلا أنهم لا يعرفون شيئاً عن هذا الكهف، وينطبق الأمر نفسه على سكان محافظة حريملاء التي تبعد من موقع الكهف 35 كيلومتراً فقط. لكن يبقى الجيولوجيون وطلاب العلم هم الأكثر شغفاً بزيارته وكشف أسراره. وعلى غير العادة مع التشكيلات الجغرافية النادرة في الأماكن البعيدة، لم يرتبط الكهف بقصص التفاؤل أو التشاؤم، وكل ما ورد عنه في الأساطير هو طريقة اكتشافه، إذ يروى أنه لم يكن معروفاً حتى فقد راع في المنطقة إحدى غنمه وعاد للبحث عنها فوجدها عالقة في الكهف. +