وافقت رئاسة مجلس الشورى أمس على مطالبات الأعضاء بحضور وزير الصحة ليجيب عن استفساراتهم حول أداء وزارته، المتهمة بضعف انجازاتها وتدهور خدماتها في ظل المستوى الاقتصادي للبلاد. وفي هذا السياق أعلن رئيس المجلس الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد موافقة الوزير الدكتور حمد المانع على الحضور والتجاوب مع أسئلة أعضاء الشورى. وبحسب وصف أعضاء في المجلس، تحدثوا إلى"الحياة"، فإن ملف وزارة الصحة استهلك نحو ساعتين ونصف الساعة من وقت جلسة أمس:"وهي الحال النادرة التي تستغرق من الجلسة العادية كل هذه المدة". وأكد الأعضاء أن تقويمهم لأداء الوزارة"المخيب لأقل التوقعات المرجوة، لا يعني إطلاقاً المس بشخصية الوزير". وكانت شخصية الوزير المانع محل إشادة وتقدير خلال تعليقات نحو 15 عضواً أتيح لهم التعليق على ما ورد في أربعة تقارير سنوية للوزارة، وفيما كال معظم الأعضاء المتداخلين التهم لأداء وزارة الصحة، أكدوا بأنها وصلت إلى هذا المستوى المتدني نتيجة تراكم تاريخي سابق. واستشهد الأعضاء بعشرات من حالات التقصير والأخطاء، فيما اعتبر رئيس اللجنة الصحية في المجلس، وهي اللجنة المختصة بالخدمات الطبية، أن التقارير السنوية الأربعة لوزارة الصحة تكشف عن قصور واضح في الخدمات، وقصور في الأداء. وكان من بين الأعضاء المتداخلين الدكتور عبدالرحمن السويلم، والدكتور عبدالله بن محمد العجلان، وحمد القاضي، والدكتور خليل الخليل، والدكتور محمد آل زلفة وآخرون. وساد المداخلات رفض قاطع لتخصيص المستشفيات الحكومية، فيما سجل الأعضاء استغرابهم من قرار خفض مخصصات طلاب سنة الامتياز في التخصصات الطبية في الجامعات السعودية بما نسبته 45 في المئة. واستعان أحد الأعضاء المتداخلين بما ورد في تقرير ديوان المراقبة العامة السلطة الحكومية للتحقق من أداء الوزارات والمؤسسات الحكومية، وهو التقرير الذي سجل 15 ملاحظة على وزارة الصحة. وتساءل آخر عن الظروف المحيطة بتعثر نجاح الوزارة في إنشاء 250 مركزاً صحياً طبياً، كان معلناً أن موعد تشغيلها سيكون خلال خطة التنمية الخمسية الماضية، إلا أن"التقارير السنوية للوزارة كشفت عن إنشاء 80 مركزاً صحياً فقط"، وفي هذا السياق أيضاً، تساءل الأعضاء عن الغموض الذي يلف حقيقة تشغيل 24 مستشفىً حكومياً تم الانتهاء من بنائها. في هذه الأثناء، أكد الدكتور خليل الخليل في مداخلته ان:"توفير الرعاية الصحية من الأساسيات المستدامة، وحق للمواطن والمقيم، والحجاج والزوار، ومن المهم أن تتميز بلادنا بالرعاية الصحية"، وتساءل في مداخلته عن أسباب"النقص المخل"في الخدمات الطبية، على رغم أن توجهات الدولة تشير إلى تنفيذ خطة"الحزام الصحي"، وأشار إلى حالات وفيات بسبب قرارات إدارة بعض المستشفيات عدم استقبال بعض المصابين، خصوصاً في حوادث الطرق، وطالب الخليل اللجنة المختصة في مجلس الشورى بتقصي أسباب"هذا النقص المخل، ومساءلة الوزارة"، مقدماً اقتراحات لتلافي القصور الوارد في ملاحظاته حول التقارير الأربعة. لكن الخليل ركز على أهمية دعم"العنصر البشري"في ظل معدلات تشير إلى أن الأطباء السعوديين لا تتجاوز نسبتهم ال10 في المئة، فيما نسبة الممرضات أقل من 15 في المئة، وخاطب رئيس المجلس والأعضاء بالقول:"كما تعلمون فإن العنصر البشري هو أهم الأسس في عملية إنشاء بنية طبية وطنية متينة"، ورأى أن تحقيق هذه البنية يتطلب:"الدعم والتشجيع والابتعاث مع التركيز على التوسع في الكليات والمعاهد الصحية، واعتبار أن رفع مستوى الخدمات الطبية من أساسيات التنمية الشاملة المستدامة". وكان البيان الرسمي لمجلس الشورى حول مجريات الجلسة الثامنة، أشار إلى مطالبة الأعضاء بتطوير شامل للبنى التحتية للمستشفيات العاملة في مختلف المناطق، وتطوير الرعاية الصحية الأولية وتخصيص اعتمادات مالية كافية لافتتاح المزيد من المستشفيات في المناطق التي لا تتمتع بالخدمات الصحية المتكاملة. وتناول الأعضاء أهمية الاهتمام بالخدمات الصحية النفسية وقائياً وعلاجياً وتأهيلياً، وإيجاد حلول مناسبة للرقابة على أداء القطاع الصحي الخاص. وأشاد الأعضاء بالمستوى المتقدم لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بين كبريات مستشفيات العيون في العالم، لكنهم طالبوا بالتوسع في افتتاح مراكز طب العيون في مناطق مختلفة للقضاء على مشكلة انتظار المرضى، و"قد طلبت اللجنة مهلة للرد على مداخلات الأعضاء واستفساراتهم، وذلك في جلسة مقبلة". وكان المجلس شرع في مناقشة"تقرير إنجازات"وزارة الصحة خلال سنوات خطة التنمية السابعة، وتقريريها الإحصائي والتقارير السنوية لمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بعد استماعه لتقرير من رئيس لجنة الشؤون الصحية والبيئة الدكتور عبدالرحمن السويلم. واعتبر الأعضاء أن مناقشاتهم حول تقارير الوزارة كانت صريحة وتعبر عن كثير من هموم المستفيدين من الخدمات الطبية على مستوى البلاد، لكنهم أكدوا أن تقصي الحقائق سيكشف عن المزيد من الأسباب المباشرة وغير المباشرة التي قادت إلى هذا المستوى المتدني. من جهة أخرى صادف عرض تقارير وزارة الصحة في مجلس الشورى أمس مرور الذكرى السنوية ليوم الصحة العالمي، الذي تتبناه منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة. وخصصت المنظمة هذا العام للتضامن مع الأزمة التي تشهدها القوى العاملة في مجال الصحة عالمياً. وكانت دول العالم الإسلامي أعلنت، في توصيات قمة مكة التاريخية، عن عزمها على تكريس مفهوم أن الخدمات الصحية من أهم أولويات التنمية المستدامة والإصلاح الإداري الذي شددت عليه القمة.