يبدو أن التطمينات المتتالية حول خلو السعودية من مرض أنفلوانزا الطيور ليست كافية لجعل الناس يتغلبون على مخاوفهم من الإصابة بالمرض. ففي الرياض انحسرت بشكل ملحوظ هواية تربية الحمام وعمت الكستد محال طيور الزينة فيما انتعشت سوق بيع اللحوم والأسماك في منطقة تبوك. وفضلاً عن الكساد يعاني أصحاب محال الدواجن والعاملون فيها القلق من احتمال إصابة أي منهم بمر ض إنفلونزا الطيور بعد اكتشاف حالات عدة في مصر وتركيا والعراق. ولا يجد هؤلاء بداً من القلق، على رغم تأكيدات وزارتي الصحة والزراعة أن الوضع تحت السيطرة التامة من خلال الرقابة المستمرة. وفي ظل هذه الأجواء تشهد المنطقة انتعاشاً ملحوظاً في أسواق الأغنام والأسماك مع زيادة الإقبال عليها بديلاً للدجاج الذي أصبح عدد كبير من المواطنين والمقيمين ينفرون من تناوله. ويقول نايف الناصر 38 عاماً إن القلق تزايد بعد اكتشاف حالات إصابة بإنفلونزا الطيور في عدد من محافظات مصر القريبة جغرافياً من منطقة تبوك. ويؤكد الناصر أنه توقف تماماً عن تناول الدواجن، وبات يعتمد وأسرته على اللحوم والأسماك على رغم الارتفاع المطرد في أسعارها في الفترة الأخيرة بسبب تزايد الطلب عليها. ويلاحظ المقيم صبري النجار، وهو أحد العاملين في المحال المختصة في بيع الدجاج الحي، أن الإقبال على المحل انخفض في شكل كبير في الشهور الماضية. ويشير إلى أن الأمر يزداد سوءاً يوماً بعد يوم، موضحاً أن الكثير من المواطنين والمقيمين بدأوا يركزون على لحوم الأغنام والأسماك بدلاً من الدجاج الذي"فقد رونقه". وإضافة إلى الدجاج قرر سالم العطوي مقاطعة البيض والتركيز في طعامه على كل ما هو بعيد من الطيور الداجنة بأنواعها كافة. من جانبه ذكر عمر الأفندي الذي يعمل في مطعم أسماك في حي الخالدية في تبوك، أنه واجه إقبالاً كبيراً من المواطنين والمقيمين على شراء الأسماك، سواء من عنده أو من عند المحال المجاورة لمحله، مضيفاً أن مطعمه أصبح يوفر كميات أكبر من خلال الموارد السمكية من طريق ميناء ضباء. إلى ذلك، تحولت تربية الحمام في المنازل من هواية ممتعة إلى هم ثقيل، ينبغي الخلاص منه بأسرع وقت ممكن بعد تزايد القلق عالمياً من مرض أنفلونزا الطيور القاتل. وتوقف ممارسو تلك الهواية عن"تحويم الحمام"، أي تطييره في الجو خوفاً من احتمال انتقال العدوى إليه من طيور مهاجرة. ويقول عبدالعزيز العييد إن ذلك انعكس سلباً على أسعار بيع الحمام بمختلف أنواعها حتى انها انخفضت إلى أكثر من النصف، مؤكداً عزوف غالبية هواة الحمام عن اقتنائه، خوفاً من مرض أنفلونزا الطيور. ويضيف العبيد أن غالبية من يعرف من الشباب فضل نقل الحمام من منزله إلى استراحة يملكها أو يستأجرها حتى لا يتأثر أهله بالمرض إذا التقط أحد الطيور عدواه. أما عبدالله الذياب فتخلص آسفاً من أسراب الحمام التي كان يربيها ليتجنب كلفة علاجه العالية نسبياً لندرة الأطباء البيطريين الاختصاصيين في علاج أمراض الحمام. ومن جانبه لا يزال عبدالرحمن العتيق، مصراً على أن وجبة الحمام المشوي هي أكلته المفضلة، مشيراً إلى الإجماع على أن طهي الطيور جيداً يجنب الإصابة بأي مرض قد تحمله. من جهته، يؤكد تاجر طيور الزينة عبدالله العويدان أن قلة إقبال الزبائن عليها دفعه وغيره من التجار إلى تخفيض أسعارها بشكل كبير. ويضيف العويدان أنه يعرف أن الطير مريض بصفة عامة إذا كف عن التغريد، وهنا يبادر بالتخلص منه على الفور، خصوصاً أن المكان الذي تبيت فيه طيوره قليل التهوية، على حد قوله. ويؤكد الطبيب البيطري علي فاخر أن الطيور المصابة بأنفلونزا الطيور لم تصل إلى الآن إلى السعودية، داعياً إلى عدم الخوف من أكل الطيور الوطنية للرعاية الصحية التي تقوم بها السعودية في مجال الأغذية.