هل يمكن فك ارتباط أبدية التوأمة بين الأمكنة والأزمنة... تحاول التشكيلية شادن التويجري طرح إجابة متوارية لذلك، خلف لوحاتها في معرضها الشخصي الأول"مكان بلازمان"، عبر نصوص بصرية تميزت بتسميات مقتبس جلها من عناوين قصائد رواد الشعر السعودي، ويأتي أمير الشعر النبطي خالد الفيصل على رأس الهرم. بدا معرض التويجري الذي أقيم خلال الأيام الفائتة في العاصمة الرياض ? مركز الخزامي بلوحاته الأربعين كغابة من الألوان المتعانقة مع شيء من الحروفيات وشظايا الأرواح المتماهية مع الغياب، ولم يعن منح بعض اللوحات دكنة ما عبر استخدام الأحمر النبيذي أو الأسود الفاحم ارتحال الريشة إلى غوامق الألوان، بل حافظت على ريتم يتموسق بخطوط متفائلة في غالبية النصوص. اتسمت معظم لوحات الفنانة بروح الانطلاق وأفق الاغتراب المشحون بتدريجات لونية مستغرقة في تأمل الهدوء من حولها، واحتشد في لوحاتها تردد أصداء مخزون ثقافي عميق في ذاكرة ووجدان جيلها، من خلال اقتباسات متكررة، مع سبق الإصرار لمنتوج إبداعي، عهدته الذاكرة السعودية لعقدين من الزمان وأكثر، عندما كرست التويجري ريشتها لتخط توقيع اللوحات بمسميات تتقاطع مع جيل الشعراء. والملهم هو إحساس رجل، وحرف قصيدة، والأدوات لحن يتراقص على الحروف، وقطرات خرجت من نوته، لتنسج اللون وتحيك المؤامرات على الحزن في داخلها، كما تقول:"لا أنكر أن أغنيات كتب كلماتها الأمير الشاعر خالد الفيصل ألهمتني اثناء رسم اللوحات". جاءت عناوين اللوحات منسجمة مع الألوان يموت الشجر واقفاً، غريب الدار، ساهر مع النجمات، غريب ومسافر لحالي، ويتضح من العناوين مسافة الحزن المنثور في كل لوحة على حدة، تؤيد التويجري ذلك"ارتكبت أقصى مراحل الاقتباس من نزف الفيصل"، معتبرة ان ما رسمته هو شيء من الإرعاف النازف لحرف حزين ومغترب تآمرت عليه لرسمه بعد ان تآمر الشعراء على كتابته. ثلاثة أعوام... رحلة التكوين بعد 12 معرضاً مشتركاً استغرق تكوين المعرض الشخصي الأول ثلاثة أعوام ، ترجع التويجري أسباب ذلك إلى ارتباطاتها الأسرية، وهي أم تفخر بصغيرتها بسمة ذات السبعة أعوام، خصوصاً، أنها ورثت منها عشق التشكيل والرسم :"لديها أسلوبها الخاص ومدرسة خاصة أقرب إلى الفلسفة الكوميدية". تحكم شادن طقوس مختلفة تؤطر فلسفة الحضور والغياب، فهي تهرب من اللوحة عند شعورها بالعجز، وإليها عندما تتعرض للضغوط، وتنوه مبتعدة من الكلاسيكية:"لست مهتمة بربط مواعيد وأجواء الرسم بمنظر الشروق أو حتى الغروب"، وهي تؤيد الرأي القائل بغموض لوحاتها، وتراه انعكاساً للغموض الذي يعتريها، في الوقت نفسه لا تخفي كون هذا الغموض"متعباً، لكنه سمه من سماتي الشخصية انعكست على لوحاتي، ولم أتمكن من التحرر منه". لا تؤمن التويجري باتباع أي مدرسة من مدارس الفن التشكيلي، وكرست ان تتألف روح المعرض من كل بحر قطرة، تحب من السريالية المساحات الحرة وعدم التقيد، ومن التكعيبية كونها من برج الميزان ومستحقة لشيء من التوازن، وربما اتصفت لوحاتها بتجريدية ممتزجة بالواقعية.