أخضر اليد يتعادل مع البرازيل في انطلاق بطولة العالم للناشئين    وصول جثمان الطالب محمد القاسم إلى المملكة غدا    البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يضع حجر الأساس لمشروع تعليمي بالمكلا    ارتفاع عدد وفيات سوء التغذية في غزة إلى 193 بينهم 96 طفلاً    العلا يوقع مع المجحد    إحباط تهريب (10) كيلوجرامات من مادة الحشيش المخدر في جازان    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الجوهرة العساف    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق مرتفعًا عند مستوى (10946) نقطة    مركزي جازان ينجح في إزالة ثلاث عقد في الغدة الدرقية الحميدة بالتردد الحراري دون تدخل جراحي    أمير القصيم يفتتح مركز الملك عبدالعزيز للمؤتمرات بجامعة القصيم    تفعيل الشراكات.. ركيزة لتحقيق المنجزات..    محافظ تيماء يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة تبوك    إجراء أول زراعة منظم ضربات قلب لاسلكي في المملكة    اتفاقية تعاون بين الصين و مصر بشأن إدارة مواقع التراث الثقافي العالمي    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحقق إيرادات بقيمة 1.51 مليار ريال خلال النصف الأول من عام 2025    مدير عام فرع وزارة الموارد البشرية بالمدينة المنورة، يرعى تسليم جائزة السيارة للمستفيد    البريد السعودي ‏يُصدر طابعًا تذكاريًا بمناسبة تكريم أمير منطقة ⁧‫مكة‬⁩ المكرمة ‬⁩تقديرًا لإسهاماته    هبوط اسعار الذهب    تأهل 4 أندية إلى ربع النهائي    أمير تبوك يستقبل رئيس هيئة الرقابة ومكافحة الفساد    سيرة من ذاكرة جازان.. إياد أبوشملة حكمي    الفيصل: التكريم لفتة غير مستغربة.. طابع تذكاري تخليداً لإسهامات الفيصل في تعزيز التنمية    نوتنجهام ينافس أندية سعودية على نجم اليوفي    برشلونة يفتح إجراء تأديبياً بحق تيرشتيغن    لاعب الهلال مطلوب في أوروبا والبرازيل    تمكين المواطن ورفاهيته بؤرة اهتمام القيادة    أداء قوي رغم تقلبات الأسواق.. أرامكو السعودية: 80 مليار ريال توزيعات أرباح الربع الثاني    «إنسان» تودع 10 ملايين ريالٍ في حسابات المستفيدين    تعديل تنظيم المركز الوطني للأرصاد.. مجلس الوزراء: فصلان دراسيان لمدارس التعليم للعام الدراسي القادم    «الفصلان الدراسيان» يعودان برؤية تطويرية.. رضا مجتمعي واسع واستجابة للمتغيرات التعليمية    موسكو تعلن حرية نشر الصواريخ المتوسطة.. استهداف روسي أوكراني متبادل يعطل الإمدادات العسكرية    بعد 80 عاما من قصفها هيروشيما تدعو العالم للتخلي عن السلاح النووي    والد ضحية حفل محمد رمضان: أموال الدنيا لن تعوضني عن ابني    هيئة التراث ترصد (24) حالة تعدٍ على مواقع وقطع أثرية    معرض «المهمل»    رواندا تستقبل 250 مهاجرا مرحلا من الولايات المتحدة    حوت غاضب يقذف سيدة من قارب    من تنفيذ تعليمات إلى الفهم والقرارات.. سدايا: الذكاء الاصطناعي التوكيلي يعزز الكفاءة والإنتاجية    الرياض تصدرت معدل الامتثال ب92 %.. 47 ألف مخالفة للنقل البري في يوليو    "الإسلامية" تنفذ برنامجاً تدريبياً للخُطباء في عسير    فيصل بن مشعل: المذنب تشهد تطوراً تنموياً وتنوعاً في الفرص الاستثمارية    احذروا الثعابين والعقارب ليلاً في الأماكن المفتوحة    صحن المطاف مخصص للطواف    سفير سريلانكا: المملكة تؤدي دوراً كبيراً في تعزيز قيم التسامح    سعود بن نايف يشدد على الالتزام بأنظمة المرور    سرد تنموي    النقد السلبي    اتحاد المنطاد يشارك في بطولة فرنسا    الانضباط تغرم الهلال وتحرمه من المشاركة في السوبر المقبل    مُؤتمر حل الدولتين يدْفع لإِقامة الدولة الفِلسطينية    لجنة الانتخابات تعتمد قائمة نواف بن سعد لرئاسة الهلال    تقليل ضربات الشمس بين عمال نظافة الأحساء    الراحل تركي السرحاني    أمير جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة هروب    الشؤون الإسلامية تختتم البرنامج التدريبي المتخصص للمراقبين ومنسوبي المساجد في جازان    مستشفى د. سليمان فقيه بجدة يحصد اعتماد 14 مركز تميّز طبي من SRC    إطلاق نظام الملف الطبي الإلكتروني الموحد "أركس إير"    روائح غريبة تنذر بورم دماغي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زقزقة العصفور الأخيرة
نشر في الحياة يوم 24 - 04 - 2012

حلّق العصفور عائداً. كان مختبئاً بين فروع شجرة كثيفة الأغصان. وحين لمح الغربان تبتعد خرج من مكمنه. رأى كومة أشجار غير بعيدة فقصدها. كان عصفوراً جميلاً. له منقار أسود وجناحاه الصغيران من اللون نفسه. توقف بين فروع. تلفت حوله. كان المكان آمناً. نفض جناحيه. ولمح أعشاشاً متقاربة. قفز إلى واحد منها وراح يلتقط الحب المختفي بين أعواد القش. عادت الغربان تحوم حوله. سكنت حركته حتى ابتعدت. وراح ينكش القش في صوت خافت. شبع ورأى أن يستريح قليلاً.
لبد داخل القش وأحس بدفئه. ومن أين جاء الدفء؟ الأعشاش مهجورة على ما يبدو من زمن. رائحتها عطنة. هجرتها العصافير حين رأت الغربان تحوم دائماً حولها. غفا قليلاً وصحا.
هو رأى كل ذلك من قبل عندما مر سريعاً بالمكان. الآن يقصد شجرة غير بعيدة كثيفة الأغصان.
راح يتأملها في ضوء النهار. وقال إنها ما يريده. كانت في باله عندما قرر أن يقوم برحلته. وحل الليل سريعاً فنام ومنقاره خارج القش. أيقظته زقزقة العصافير حوله. ورآها تحلق فزعة فوقه وتصطدم ببعضها، وغربان كثيرة تهاجمها، وتلتقطها بمخالبها.
اختبأ بين أعواد القش وسكنت حركته، طاوياً جناحيه بشدة. ابتعدت الغربان أخيراً. ولمح الدماء تبلل مناقيرها. انتظر لحظة وأخرى ثم خرج من العش. نفض جناحيه مما علق بهما من نتف القش. ظل في وقفته حتى عاد ضوء النهار، استقبله فرحاً وصفق بجناحيه، والتفت يبحث عن الشجرة التي يقصدها، ورآها في ضوء النهار ضخمة كثيرة الفروع والأعشاش بها قليلة وربما كانت العصافير في باله حين قرر العودة. ورآها سريعاً وهو يحلق فوقها. وقال هي ما أريده.
حلق متباطئاً وعيناه تبحثان عن عش بعينه، اختاره دون الأعشاش الأخرى. توقف على طرف الفرع. سقط المطر فجأة ولم يجد غير العش الكبير يحتمي فيه من المطر. كان ينفض جناحيه ويتأمل العش وشمّ رائحته العطنة، كأنما لم تقربه عصافير. وجاءت عصافير أخرى وتوقفت بجواره. ورأى الغربان تحلق عن قرب.
ضايقه الأمر. بعد كل هذا المشوار ويفسد الأمر؟ وماذا بيده؟ فلينتظر. سطعت الشمس أخيراً، وكانت لها بهجة، وامتلأ الجو بزقزقة العصافير ونفضت ما علق بجناحيها من قطرات المطر وحلقت مبتعدة. كان وحده يلعق ما بجناحيه من قطرات المطر.
نكش القش حتى عثر على بعض الحبوب. طعمها مختلف عن كل مرة. لا يهم. أسكت جوعه. دفن نفسه في القش حتى أحس بالدفء. واختلس النظر إلى الفرع الصغير وقطرات الماء تتساقط في بطء. مد منقاره والتقط قطرتين. مذاقها غريب عليه. ورأى ورقة الشجرة الضخمة وقطرات الماء تتساقط منها. وقال سأنتظر حتى تجف. رآها من قبل في خياله جافة تهزها الريح. وانتظر.
انتشرت حوله زقزقة عصافير كثيرة، وحطت غير بعيده عنه. لبد ساكناً مختفياً في القش وطارت العصافير مبتعدة. أخرج رأسه متلصصاً، وأحس بالدفء. عاد ينظر إلى ورقة الشجرة الضخمة. كانت شديدة الخضرة، تهتز خفيفاً مع هبات الهواء. كانت كما تخيلها دائماً وأرادها أن تكون، دس نفسه بين أعواد القش وراح ينظر إليها. وماذا ينتظر؟ أراد أن يملأ عينيه برؤيتها فهي آخر ما سيراه. رآها مرات أثناء تحليقه وتذكرها حين قرر الأمر. انتظر حتى أحس الدفء وعيناه لا تفارقان الورقة. تسلق فرع الشجرة ليصل إليها، وتحسسها بمنقاره مرة وأخرى، وأحس بملمسها الناعم. وانتشرت في الجو زقزقة كثيفة وكأنما جاءت العصافير لتودعه. نظر إليها ساكناً ورفع الورقة بطرف منقاره. ورآها. الإبرة المدببة، كانت فرعاً من الشجرة لم يورق. نابتة من لحائها. وكما تخيل الأمر دائماً. نفض جناحيه مرة وأخرى. وأطلق زقزقة طويلة. ردت عليه العصافير بزقزقات هنا وهناك. انحنى العصفور وبسط جناحيه. ودس الإبرة في صدره وأطلق زقزقة خافتة. وارتخى جسده الصغير فوق الإبرة.
وسطعت الشمس دافئة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.