أمير تبوك يواسي الدكتور عبدالله الشريف في وفاة والدته    تمكين 9600 متدرب في الأمن السيبراني    200 % ارتفاع طلبات تقييم الاستدامة خلال النصف الأول 2025    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10964) نقطة    استشهاد 73 فلسطينيًا من منتظري المساعدات برصاص الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة    أحداث تاريخية في جيزان.. حرب الريث الأولى    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس مجلس إدارة كلية "منار الجنوب" للعلوم والتقنية    الدوريات البرية لحرس الحدود‬⁩ في حقل تحبط تهريب مادة الميثامفيتامين المخدر "الشبو"    أمير تبوك يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    أمير منطقة جازان يتسلّم التقرير الشامل لأداء "تعليم جازان" وخططه المستقبلية    زلزال بقوة 7.4 درجات قبالة كامتشاتكا الروسية    "الجوازات" تحث المواطنين على التأكد من مدة صلاحية الجواز قبل السفر إلى خارج المملكة    المياه الوطنية تبدأ تنفيذ 9 مشاريع مائية وبيئية في نجران بأكثر من 551 مليون ريال    أمير الشرقية يدشّن مخطط مطار الملك فهد ويعلن ناقلاً وطنياً جديداً بقيمة مشاريع تتجاوز 1.6 مليار ريال    القيادة تهنئ رئيس جمهورية كولومبيا بذكرى استقلال بلاده    فرع وزارة البيئة بحائل يوقع مذكرة تفاهم مع جمعية التنمية الزراعية    اختتام فعاليات برنامج موهبة الإثرائي الأكاديمي والعالمي 2025 بجامعة الملك سعود    إنطلاق الدورة العلمية الصيفية الثالثة في محافظة فيفا    هونج كونج تصدر أعلى تحذير من العاصفة مع اقتراب الإعصار ويبا    ظاهرة المد الأحمر تقتل آلاف الكائنات البحرية بأستراليا    الفريق الروسي يحصل على درع البطولة ومليون دولار بعد تغلبه على السعودي "Team Falcons" في المباراة النهائية    المملكة ترحب باتفاق إعلان المبادئ بين الكونغو وحركة 23 مارس    نقي يتوّج بكأس بطولة منطقة الشرقية 2025 للهوكي    عمالتكم عطشى يا محطات الوقود    الأخضر الأولمبي يواصل تدريباته في أوزبكستان استعداداً للدورة الدولية    ولي العهد يرحب بإجراءات الشرع لاحتواء الأحداث الأخيرة في سورية    وفاة الوليد بن خالد بن طلال    زفاف أسطوري لنجل إيلي صعب    الرنين المغناطيسي يقتل رجلا    الهلال يفاوض آيزاك هداف نيوكاسل    روسيا تهاجم ميناء أوديسا الأوكراني    وسط تقييمات متباينة بين الطرفين.. تصعيد متبادل بين واشنطن وطهران بشأن «النووي»    القيادة تُعزّي رئيس جمهورية العراق في ضحايا الحريق الذي وقع في مدينة الكوت    ولي العهد للرئيس السوري: واثقون من قدرة الحكومة السورية بقيادتكم على تحقيق الأمن والاستقرار    من البلاغ إلى القبض.. الأمن العام يختصر الزمن ويحسم القضايا    إحباط 1541 محاولة تهريب خلال أسبوع في مختلف المنافذ    الداخلية: ضبط 23 ألف مخالف في الحملات الميدانية    ضرورة وجود صكوك ملكية للمشاريع.. البيئة: ضوابط جديدة لحفر آبار المياه الجوفية غير المتجددة    86 ألف مكالمة في يوم واحد إلى مركز 911    39 % معدل النمو .."ندلب": 986 مليار ريال ناتج الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية    الشرع يحذر من مشاريع الانفصال والتدخلات الخارجية.. وقف شامل لإطلاق النار في السويداء    السعودية مرشحة لاستضافتها العام المقبل.. العالم يترقب مواجهة ميسي ويامال في كأس فيناليسيما    أزياء مستلهمة من ثقافة المملكة    حياكة السدو    5 أفلام صيفية تتنافس في الصالات العربية    أكدت أهميتها في بناء المعرفة.. "الدارة" تناقش دور الوثائق التاريخية في صياغة الذاكرة الوطنية    مطلقات مكة يتصدرن طلبات النفقة المستقبلية باستقطاع شهري    ممثل الوطن يستحق المقعد الآسيوي    أشياء يومية تعج بالبكتيريا الخفية    فوائد غير متوقعة للنحاس عند كبار السن    دراسة: البيض لا يرفع مستويات الكوليسترول الضار    وفاة «مؤثر» اتبع حمية اللحوم لمدة 3 سنوات    خطيب المسجد الحرام: ذِكر الله يُحيي القلوب ويُؤنس الوحشة    أمير القصيم يدشن مبادرة "أيسره مؤونة" للتوعية بتيسير الزواج    أكثر من 11 ألف طن من مياه زمزم لسقيا ضيوف الرحمن في المسجد النبوي    ترسيخ الاعتدال ومحاربة التطرف    السعودية تُرحب بالتوقيع على إعلان مبادئ بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو    أمير منطقة جازان يستقبل وكيل الإمارة والوكلاء المساعدين الجدد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالية الفارسي رسامة المكان العماني المتخيل
نشر في الحياة يوم 12 - 03 - 2012

يكاد الوجه البشري أن يكون قاسما مشتركا بين تجارب العديد من الرسامات الخليجيات. والرسامة العمانية عالية الفارسي ليست استثناءً في هذا المجال إلا حين تشرع في رسم المشاهد المستلهمة باقتضاب من البيئة العمانية.
تلك المشاهد المرسومة بأسلوب هو أقرب الى التجريد منه إلى التمثيل انما تعبر عن رغبة مزدوجة لدى الرسامة في انصاف عناصر الرسم والاصغاء لتجليات المشهد المتلاحقة.
الوجه هو الآخر لا يُرسم سعيا وراء شبه ما، بل يتجاوز تشخيصيته إلى محاولة اطلاق عاطفته الكامنة، حيث تسعى الرسامة إلى اختبار طاقة الخط على التعبير عما يتشكل من جراء حركته المتوترة والعابثة.
في الحالين إذاً الوجوه والمشاهد تنطلق عالية من مبدأ واحد: قدرة حاسة البصر على استيعاب حاجات عناصر الرسم التعبيرية واشباعها. وهي حاجات يمكن التماس بها من خلال التوتر والاختزال وصولا إلى نوع من الزهد البصري الذي يقابله نوع من الثراء التعبيري، حيث المادة المرئية تنزع إلى التخلي عن قشرتها الخارجية مستسلمة لإيقاعها الداخلي. وهو ايقاع يظل محتدما.
الأصل والواقع
في تلك الحالة يكون الوجه للا أحد ولا يقود المشهد المرسوم إلى أصله في الواقع. وقد تكون اللوحة مجرد نتيجة عرضية لبحث مختبري لا يقوى أحد على أن يتنبيء بنتائجه التصويرية. استنتاج من هذا النوع وهو توقع ليس إلا تؤكده الأفكار التي تنبعث من لوحات هذه الفنانة كما لو أنها المرجع الذي تستند إليه في علاقتها بالمكان وبالإنسان معاً.
ومن الطبيعي أن تحتل النساء الواجهة في بحث من هذا النوع، يمتزج فيه الواقع الحسي بظلال من الوعي مغرقة بشاعريتها وحنوها على كثافة أسرارها ورغبتها في التبشير بمشهد جمالي مختلف. نساء عالية يحضرن باعتبارهن مساحات عمودية، تتحقق من خلالها طريقة في النظر، تجد في تجزئة المشهد نوعاً من القوة التي تتكافأ مع الطاقة المحتملة للتعبير. هذه الرسامة لا تكرس بعداً بعينه لكي يكون مقياساً للنظر، بقدر ما تلاحق الأبعاد الخفية التي يتستر عليها وجود المرأة في مجتمع تسوده المفاهيم الذكورية، من أجل أن يكون ما نراه منسجماً مع الحقيقة. ولكنها الحقيقة التي لا تنسج خيوطها من مواد واقعية.
بين واقعة حسية وأخرى نسقط في الفراغ. هذه الرسامة لا تعتمد إلا في ما ندر مبدأ الوحدة الموضوعية. تصر على أن تشتت قدرتنا على النظر من خلال تشظي كائناتها ومشاهدها والوقائع التي تشعر أنها ملزمة بالحفر بحثاً عن أسبابها. لذلك فإن اللوحة تتشكل لديها من مجموعة من الصور التي تجد في السطح فضاء لتصفية حساباتها. لن يكون ما نراه إلا الجزء المتبقي من صراع وقع في لحظة انفعال الفنانة بحدث بعينه. حدث قد لا تشكل المرئيات إلا الجزء الأقل تأثيراً منه.
حين عرضت الفنانة علي رسومها التجريدية، لم تسع إلى تفسير ما فعلته بل قالت:"لقد انتهى الحال على ما هو عليه. لم أكن أملك قراراً"وإذا ما كانت الفنانة لم تحسم موقفها حتى الآن من تلك الرسوم، فهي من وجهة نظري النقدية ستعود إليها، مستسلمة بقوة لجمال هو في حقيقته خلاصة خبرة في تقنيات الخيال."سأعيد رسم المشهد مرة أخرى"تقول لي ولا أرى سوى مشهد محتمل.
حكايات الطفولة
"تلك الابنية المتطايرة، أين تقع؟"سؤال من هذا النوع لا يحرج عالية. فهي لا ترسم إلا ما تحلمه. حكايات من الطفولة عن أمكنة تتلاشى وعن نساء يسعين إلى تأثيث المكان بسحرهن الذي يذهب بالخط المستقيم إلى مستقره لكن من خلال العبث بصلابة المشهد الذي يمر به ذلك الخط. لينة تبدو مشاهد الفارسي، كما لو أنها قادمة لتوها من لحظة تخيلها. لا أحد في إمكانه أن يسأل الرسامة:"هل عشت هناك؟"فالأماكن التي ترسمها عالية لا تصلح إلا لعيش في حكاية. لا يسقط الظل إلا حذراً، فما لا يتكرر يمكنه أن يستأنف حياته مرة أخرى في حياة مختلفة. ما من صلابة. كل شيء في عالم هذه الرسامة قابلاً لكي يُمحى. ولكنه قبل أن يختفي يترك أثراً شاحباً منه. سنرى سجادة في غير لوحة، ضربة في الأفق تذهب إليها العين مباشرة. العاطفة كلها هناك. في تلك الضربة التي لن يصدق أحد أنها وقعت هناك بالصدفة."سأقول شيئاً مختلفاً هذه المرة"تقول الرسامة ولكن اللوحة لن تبوح بذلك الشيء المختلف. تظل رسوم عالية الفارسي عاكفة على غموضها التصويري.
هذه الرسامة لا ترسم الشيء عينه مرتين. لا تعود إلى ما رأته ولا إلى ما رسمته في أوقات سابقة."أجرب"ولا تقول"العب". أرى عملاً وقد ألقي على الطاولة في انتظار أن يكتمل. لا تزال هناك مشاهد لم تخترعها المخيلة."ستختفي أشياء كثيرة مما ترى لتحل محلها أشياء أخرى، لم أتعرف عليها حتى هذه اللوحة"لن تجد عالية حرجاً في الاعتراف برغبتها في التعلم. فنانة يصدمها ما ترى وما تتخيله، ما تعيشه وما تتوقعه، فتمد يدها لتتحسس الشق الذي يفصل بين الشيء وصورته. يهمها أن تكون عمانية من خلال الرسم، ولكن ما يهمها أكثر أن تكون رسامة من خلال حياتها العمانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.