اتفاق حماس وإسرائيل بين الشك والتقسيم    أوكرانيا تنسحب من عدة قرى جنوبي البلاد    ملفات قيصر من جديد: سوريا تبحث عن التعافي بينما تعود ذاكرة الجرائم    محافظ الزلفي يلتقي برئيس جامعة المجمعة    الأخضر يخسر مواجهة مالي ويودع مونديال الناشئين من الدور الأول    وزير الدفاع يلتقي وزيري الخارجية والحرب الأميركيين والمبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط    ضبط شخص في الرياض لقيادته مركبته في المسارات المخصصة للنقل العام    "الشؤون الإسلامية" تعلن أوقات إقامة صلاة الاستسقاء بمدن المملكة يوم الخميس المقبل    منتدى TOURISE يعلن عن استثمارات ب113 مليار دولار لتسريع نمو قطاع السياحة العالمي    «سلمان للإغاثة» يوزع (1.293) سلة غذائية بمنطقة في بوركينا فاسو    مركز الحياة الفطرية: إدراج «الثقوب الزرقاء» و«رأس حاطبة» ضمن قائمة المحميات الوطنية يعزز الريادة السعودية في الحماية البيئية    البيئة تحتفي بيوم الغذاء العضوي بإنتاج يتجاوز 98 ألف طن    أمير تبوك يطّلع على التقرير السنوي لأعمال فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر    الطائرة المجنحة.. أحدث وسائل المراقبة الأمنية للحجاج    وزير الحج والعمرة يلتقي بأكثر من 100 وزير ومفتي ورئيس مكتب شؤون الحج ويحثهم على استكمال إجراءات التعاقد قبل 15 رجب    منصة إحسان تدعم جمعية الإعاقة السمعية بجازان بمشروع توفير الأدوية للمرضى المتعففين    مجلس الوزراء: الموافقة على نظام حماية المؤشرات الجغرافية    القيادة تعزي رئيسة جمهورية سورينام في وفاة الرئيس الأسبق رونالد فينيتيان    الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعتمد برنامج جراحة الفم والوجه والفكين في تجمع تبوك الصحي    كريستيانو رونالدو: المملكة في قلبي ودوري روشن في تطور مستمر    المشهد السياسي العراقي في ضوء الانتخابات البرلمانية الجديدة    المملكة تشارك في مؤتمر الإنتربول العالمي لمكافحة الفساد واسترداد الأصول    أمانة الشرقية تحصد المركز الأول في فئة أفضل مشروع اجتماعي    أمير الشرقية يكرم مدارس المنطقة بدرع التميز والاعتماد المدرسي    مجموعة شركات SAMI تحصد ثلاث جوائز للتميز في توطين الصناعات العسكرية    القيادة تهنئ رئيس جمهورية بولندا بذكرى إعلان الجمهورية لبلاده    ب "رؤية ما لا يُرى".. مستشفى الملك عبدالله ببيشة يُفعّل اليوم العالمي للأشعة    قصيدة اليقين    الفقد والادعاء.. حين يساء فهم معنى القوة    سعر برميل النفط ينخفض إلى 63.93 دولار    تعليم الطائف يعقد الاجتماع الأول للجنة الشراكات والاتفاقات    «التواصل الحضاري» ينظّم ملتقى التسامح    لجان الكرة وقرارات غائبة أو متأخرة    شلوتربيك أولوية لبرشلونة في يناير    تحت رعاية ولي العهد.. تنظيم المؤتمر العدلي الدولي الثاني بالرياض    النصر يتصدر بالمحلي    غارات على مواقع مرتبطة بتنظيم القاعدة في شبوة    الديوان الملكي: وفاة وفاء بنت بندر    يوثق التحولات التاريخية والحضارية للمشاعر.. «الدارة» تطلق ملتقى تاريخ الحج والحرمين    وعكة صحية تدخل محمد صبحي المستشفى    1.7 مليون دولار تعويضاً على تنمر النظارات    موجز    يتباهون بما لا يملكون    تقديراً لجهودها في إبراز خدمات المملكة لضيوف الرحمن.. نائب أمير مكة يكرم وزارة الإعلام بمؤتمر الحج    علامات تكشف مقاطع الفيديو المولدة بال AI    أمريكي يبحر 95 كيلومتراً داخل يقطينة    ممرض ألماني يخدر المرضى ليهنأ بليلة هادئة    موانع حمل للرجال (1)!!؟    الأخضر تحت 19 عاماً يدشن تدريباته في معسكر الأحساء استعداداً لكأس آسيا    خديعة القيمة المعنوية    أزمة الأطباء الإداريين    رئيس جامعة جازان يطلق منصة "ركز" للاستثمار المعرفي    "مسام" ينزع (1.044) لغمًا من الأراضي اليمنية خلال أسبوع    القصيم: فرع الشؤون الإسلامية يُتعامل مع 1169 بلاغًا خلال الربع الثالث    «الرياض الصحي»: البحث العلمي شريكٌ محوري في التحول الصحي    رجال أمن الحرمين قصص نجاح تروى للتاريخ    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. منح رئيس «الأركان» الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. رئيس هيئة الأركان العامة يُقلِّد رئيس هيئة الأركان المشتركة الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغيير العربي لا يأبه ب "القاعدة"
نشر في الحياة يوم 21 - 09 - 2011

تابعتُ التغطية الإعلامية وقرأتُ التعليقات التي صاحبت ذكرى 11/9 أخيراً، وأدهشتني مجدداً التغييرات العميقة التي اكتسحت منطقة الشرق الأوسط خلال العام الحالي.
لا شك في أن الحادي عشر من سبتمبر كان ذروة الاعتداءات بالنسبة الى أعضاء تنظيم القاعدة، فقد احتلوا عناوين الأخبار في العالم بتنفيذهم هجوماً عنيفاً صاعقاً ملؤه الكراهية، ولقد تبعته هجمات شنيعة أخرى - ففي عام 2005 تعرض بلدي لاعتداء أدى الى مقتل 51 من المواطنين الذين كانوا في طريقهم إلى أعمالهم على متن وسائل النقل العام. لكن أعضاء تنظيم القاعدة لم يتمكنوا مرة أخرى من تنفيذ أي هجوم بفظاعة ما حدث في ذلك اليوم في نيويورك. عدوهم المعلن هو الغرب، لكنهم لم يحققوا أي نجاح كبير هناك منذ بضع سنوات، وضحاياهم من القتلى منذ 11/9 كان أغلبهم مسلمين، فقد قتلوا مئات العراقيين عمداً، وما زالوا مصدر تهديد في الجزائر وفي مناطق الاضطرابات في العالم كالصومال واليمن، وحققوا نجاحات منفردة في أماكن أخرى، بما فيها نيجيريا.
لكن، بينما احتفظ أعضاء تنظيم القاعدة ببعض قدرتهم على الترهيب، بعد مرور عشر سنوات على هجمات نيويورك، فإنهم فقدوا تقريباً كل قدرتهم على الإلهام. أعتقد أن مصيرهم كان دائماً هو الفشل نظراً للأيديولوجية السلبية التي يعتنقونها، فقد سعوا الى استغلال الإحساس بالظلم، لكنهم فعلوا ذلك بمناشدة مشاعر الكراهية واليأس، وموّال الكراهية والدمار الذي يكررونه لم يؤدِّ سوى للمزيد من العنف والبأس. وحتى الذين أيدوا تنظيم القاعدة بداية نفروا منه لاحقاً حينما أدركوا بأن أساليبه تنطوي على قتل مدنيين أبرياء، فلم يكن لدى أعضاء القاعدة يوماً أي برنامج يهدف الى تحسين حياة المواطنين العاديين.
وشهدت أيديولوجيتهم تراجعاً مستمراً في الدول الإسلامية، لكن التاريخ سيشهد بأن ما أدى للقضاء على القاعدة في 2011 ليس مقتل أسامة بن لادن - رغم أن ذلك كان حدثاً رمزياً كبيراً - بل هو الربيع العربي الذي برهن على أن تنظيم القاعدة لا يعني الشعوب في أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فطوال الشهور السبعة الماضية عبّر مئات آلاف المواطنين عن شعورهم باليأس والظلم بالخروج في تظاهرات سلمية، وسعوا إلى تحقيق نتائج إيجابية وملموسة تتمثل بحريات سياسية واقتصادية أكبر، واحترام لحقوق الإنسان للجميع، وسيادة القانون، والقضاء على الفساد في الحكومة. وخلافاً لما حقق الإرهابيون، فقد حقق المتظاهرون من المواطنين أثراً حقيقياً في بلد تلو الآخر في المنطقة. ففي تونس ومصر استطاعوا إطاحة حكومات مستبدة وانطلقت في البلدين عمليات ديموقراطية. وفي مصر يخضع الرئيس السابق حسني مبارك للمحاكمة حالياً، وفي تونس سوف تجرى في الشهر المقبل أولى الانتخابات الديموقراطية هناك على الإطلاق. وفي ليبيا أطيح نظام القذافي الاستبدادي، ويعمل المجلس الوطني الانتقالي حالياً على تشكيل حكومة أفضل تمثيلاً لرغبة الشعب الليبي. وقد وعد المجلس بإطلاق عملية سياسية شاملة، وتوفير الأمن للجميع، وإجراء انتخابات مبكرة. وفي الأردن حدد الملك عبدالله رؤية مستقبلية لمجتمع ديموقراطي، وتعهد كذلك الإصلاح الاقتصادي، وهو يجري مشاوراته مع المجتمع الأردني في شأن التفاصيل. وهناك إصلاحات جارية في المغرب أيضاً.
وفي أنحاء المنطقة كلها تطوى صفحة الظلم واليأس وتفتح صفحة الأمل والكرامة.
بعد بضعة أيام من ذكرى هجمات 11/9 نشر قادة تنظيم القاعدة شريط فيديو زعموا فيه أن الربيع العربي يمثل انتفاضة الأمة الإسلامية ضد الغرب، وحاولوا نسبتها لأنفسهم. يذكرني ذلك بجنرالات قدماء متقاعدين لم يستطيعوا في تسعينات القرن الماضي فهم الثورات في أوروبا الشرقية، وكانوا - داخل عقولهم - يناضلون في الحرب الباردة. وبالمثل فإن قيادات تنظيم القاعدة لا يستطيعون إدراك أن شعوب الشرق الأوسط رأت التعبير الحقيقي عن تطلعاتها ليس في مقر البرجين في نيويورك عام 2001، بل في ميدان سيدي بوزيد وميدان التحرير في 2011.
ذلك لا يعني أن على الغرب التهاون في شأن علاقاته مع العالم العربي أو الإسلامي. فما زال هناك الكثير من الجروح التي يتعين شفاؤها، وبينما نقلب صفحة عقد من الأعمال الإرهابية التي ارتكبت بإلهام جهادي، علينا أن نفتح صفحة جديدة ببناء علاقات جديدة مبنية على تبادل الثقة والكرامة والاحترام بين الشرق والغرب.
ولدى قيامنا بذلك علينا أن نحقق توازنا هاماً. إننا نعلم أنه لا يمكن تحقيق سلام دائم ولا نجاح في الأجل الطويل من دون تطبيق إصلاح أساسي. وسوف ندافع عن قيمنا، ولن نقبل بالفساد وسوء إدارة الاقتصاد كثمن ضروري للحفاظ على الاستقرار، أو نتوقع أن ترضى الشعوب بوعود زائفة وإصلاحات شكلية. بل سنعمل بدل ذلك على دعم المنادين بإصلاحات حقيقية، بمن فيهم من يشغلون مناصب في الحكومات الحالية، لكي تكون نظرة الأجيال القادمة للمستقبل ملؤها الأمل، لا اليأس. لكن هذه الثورات ليس ثوراتنا نحن كي نحاول تحديد معالمها أو التحكم بها، وفي النهاية فإن شعوب المنطقة تجدد مستقبلها بنفسها.
وبالطبع، لا يمكن أن تبدأ مرحلة جديدة في الشرق الأوسط إلى أن يتوصل الإسرائيليون والفلسطينيون الى تسوية عبر المفاوضات، وكون هذا الجرح ما زال ينزف فهو برأيي أكبر فشل ديبلوماسي في السنوات الخمسين الماضية. ويطالب الفلسطينيون والإسرائيليون أيضاً بالاحترام والحرية - لكن ما يطالبون به هو الضمانة من التهديد بالدمار والتحرر من الاحتلال. آمل أن تتسم المرحلة الجديدة التي بدأها الربيع العربي بجهود مشتركة بين الدول العربية والغربية لحمل الطرفين على استئناف المفاوضات. وسوف تتجه الأنظار مجدداً نحو نيويورك هذا الأسبوع، حيث يتوقع الكثيرون تصويتاً على الاعتراف بالدولة الفلسطينية على رغم أنه ليس من الواضح أثناء كتابتي هذا المقال ما الذي سيحدث. لكنني أعتقد، مرة أخرى، بأن الحل الحقيقي والضمان الحقيقي لأن ينعم الشرق الأوسط بالسلام والازدهار لا يوجدان في نيويورك، بل في الشوارع والميادين - وحول طاولات المفاوضات - في المنطقة نفسها.
* وزير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية البريطانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.