أعلن امير الكويت الشيخ صباح الاحمد ليل امس، حل مجلس الامة البرلمان والدعوة الى انتخابات تشريعية جديدة خلال 60 يوماً، بعدما أكدت الحكومة المستقيلة عدم القدرة على التعاون مع البرلمان، وأكد انه لن يتردد في اتخاذ اي خطوة لصيانة أمن الوطن واستقراره والحفاظ على مصالحه وحماية ثوابته ومكتسباته. وانتقد الشيخ صباح في كلمة الى الامة الاستجوابات البرلمانية المقدمة ضد رئيس الوزراء المستقيل الشيخ ناصر المحمد والتي ادت الى الازمة الراهنة، وقال انه تابع"بكل استياء وألم ما تشهده الساحة البرلمانية من ممارسات مؤسفة شوّهت وجه الحرية والديموقراطية الكويتية ... ولم يعد خافيا أن تلك الممارسات افسدت التعاون المأمول بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وأشاعت أجواء التوتر والتناحر والفوضى بما أدى الى تعثّر مسيرة العمل الوطني في البلاد". واضاف:"أقول ذلك بكل الحزن والأسف بعد ان تجاوزت هذه الممارسات كل الحدود وأضحت سبيلاً الى استفزاز مشاعر الناس وتحريضهم وسبباً في إذكاء رماد الفتنة البغضاء لعن الله من يوقظها". واشار الى انه لمس خلال لقاءاته المتعددة مع المواطنين في مختلف مناطق البلاد"مشاعر القلق والاستياء التي باتت تقض مضاجعهم وتؤرقهم ... جراء الخلل المتفاقم الذي يشوب العمل البرلماني بما انطوى عليه من انتهاك للدستور وللقانون وتجاوز لحدود السلطات الاخرى وتدني لغة الحوار على نحو غير مسبوق وانتهاج سبل التعسف والتشكيك والتصيد والقدح بذمم الناس واخلاقهم وممارسة المزايدات والاستعراضات المشبوهة على مختلف المنابر والتجمعات واستغلال وسائل الإعلام لإثارة الجماهير وشحنهم وشق الصف تحقيقا لغايات قصيرة ضيقة على حساب مصلحة الوطن". وانتقد الأمير"طبيعة وظروف وملابسات استخدام الاستجوابات والتهديد بتقديمها تحت مختلف الحجج والذرائع وما انطوى عليه ذلك من خروج عن المقاصد السامية التي استهدفها الدستور وانصراف عما ينتظره المواطنون من انجازات حقيقية تلبي حاجاتهم الفعلية ومعالجة قضاياهم المهمة"، وقال انه"بعيدا عن الاعتبارات الدستورية والقانونية المتعلقة بتلك الاستجوابات ومدى انطباق الضوابط القانونية بشأنها، فهل من المستغرب ان يتساءل المواطن عن طبيعة تلك الاستجوابات والممارسات وغاياتها الحقيقية؟ وعما اذا كانت تصب فعليا في مصلحة الوطن؟ وعما اذا كانت تحقق اهداف من شرعها؟". واعتبر الشيخ صباح ان هناك"بلا شك بعض أوجه القصور في أداء الاجهزة الحكومية بما يستوجب العمل الجاد من اجل الارتقاء بأداء الجهاز الحكومي والعمل على تسريع انجاز المشاريع التنموية ... ولكن هل يمكن ان يتحقق الانجاز المطلوب في ظل أجواء مشحونة بغيوم الشد والتوتر والتعسف والتشكيك والترهيب؟". واشار الى ان"ممارسة النائب لحقوقه الدستورية في استخدام أدوات الرقابة البرلمانية حق لا جدال حوله، بل هي ممارسة رقابية محمودة ما دامت في اطارها الصحيح بما في ذلك توجيه الاستجوابات. ولكن كل حق مهما كان نوعه له شروط وضوابط لا يجوز إغفالها او القفز عنها ولعل اهمها ان يكون منضبطاً بإطاره القانوني السليم وملتزماً روح المسؤولية ومحققا لغاية وطنية وبعيدا عن الكيدية والشخصانية والا صار الحق أشبه بالباطل". واعتبر الأمير ان الدستور الكويتي"منظومة قواعد قانونية لم تأت مضامينها جزافا لتفتح باب الفوضى والعبث وهدر الوقت والجهد من دون طائل، وانما جاءت لتكفل الممارسة الديموقراطية الواعية السليمة التي ينبغي ان ندرك بأنها على اهميتها فهي اداة وليست هدفا بحد ذاتها وان نحرص على ان تكون سبيلا متقدما في الممارسة السياسية بسلطات الدولة كافة". وتساءل:"هل يليق ان تتحول قبة البرلمان الى ساحة للجدل العقيم والخلافات وافتعال الازمات التي تعج بها الممارسات الشخصانية وعبارات التشكيك والاهانة بين ابناء المجتمع الواحد خروجا عما ألفه اهله وما جبلوا عليه من قيم فاضلة قوامها الاحترام والتقدير؟". وتابع الشيخ صباح:"إن ما آل اليه الوضع ايها الإخوة، من تراجع وترد في الممارسة الديموقراطية وما ترتب على ذلك من تداعيات باتت تمس ركائز ومقومات امن مجتمعنا واستقراره، يجعلني استشعر الخطر. نعم بكل امانة اقول لكم انني استشعر الخطر كل الخطر، ولا سيما ان مناخا مضطربا بل متفجر يضرب الواقع الاقليمي والدولي في شتى صوره الامنية والسياسية والاقتصادية جميعا". وختم بالقول:"ان القرار الذي اتخذته اليوم لم يكن يسيرا على قلبي بل هو قرار حتمي تمليه علي امانة المسؤولية حيث اصبح اللجوء الى الخيار امراً ملحاً وعاجلاً ومن الامور التي تستوجبها المصلحة الوطنية، وهو ان ألجأ الى حل مجلس الأمة وفقا لأ0000حكام المادة 107 من الدستور ودعوة الشعب الكويتي الى انتخاب مجلس نيابي جديد ينهض بمسؤولياته الجسام في صيانة امن الوطن وسيادته ويتحمل مسؤولية التطوير والتنمية في روح من التعاون الواعي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية .. وليعلم الجميع انني ومن منطلق امانة المسؤولية الوطنية التي احملها لن اتردد في اتخاذ اي خطوة في صيانة امن الوطن واستقراره والحفاظ على مصالحه وحماية ثوابته ومكتسباته". نشر في العدد: 16785 ت.م: 19-03-2009 ص: الأولى ط: الرياض