عاد الفرح مجددا الى بيت سعيد العتبة 57 عاما، اقدم اسير في السجون الاسرائيلية، بعد ان اعلنت اسرائيل امس انه ستطلقه ضمن 200 اسير فلسطيني قررت اطلاقهم كبادرة حسن نية تجاه الرئيس محمود عباس. العشرات من اقارب وجيران الاسير العتبة تدفقوا الى بيته الكائن في الجبل الشمالي في مدينة نابلس بعد سماع النبأ لتهنئة والدته العجوز واشقائه وشقيقاته العشر. والدة سعيد الحاجة وداد 75 عاما كانت الاكثر فرحا والاكثر دهشة من النبأ، وقالت ل"الحياة":"لن اغمض عيني حتى اراه يدخل البيت". واضافت الوالدة المرتبكة من شدة الفرح:"لن استطيع ان انام، حتى لو اردت، ففرحتي هي الاكبر في حياتي، سأنتظره هنا الى ان يدخل الباب كما غادره قبل 32 عاما". وكانت والدة الاسير العتبة الذي احتفل الاسرى أخيرا بدخوله العام الثاني والثلاثين في الاسر، يئست من اطلاقه عندما استثنته اسرائيل من عشرات الافراجات السابقة، بينها عمليتا تبادل اسرى، بسبب اتهامه بالمشاركة في اعمال عسكرية ادت الى قتل او جرح يهود، وهو المعيار الذي طالما حال دون اطلاق مئات الاسرى الفلسطينيين. وكانت الحكومة الاسرائيلية صادقت اول من امس على قرار رئيسها ايهود اولمرت اطلاق 200 اسير، بينهم اثنان من قدامى الاسرى كبادرة حسن نية تجاه الرئيس عباس الذي يخوض مفاوضات مع اسرائيل لم تؤد الى اي تقدم يذكر. وقال مسؤولون فلسطينيون ان اولمرت وافق على اطلاق الاسيرين سعيد العتبة من نابلس ومحمد ابراهيم ابو علي 52 عاما من بلدة يطا قرب الخليل من قائمة تضم مئات الاسرى القدامى قدمها له الرئيس عباس في اجتماعهما امس. يذكر ان الاسير ابو علي امضى 28 عاما في السجون. وكان الاسير العتبة شابا عازبا في السادسة والعشرين من العمر عند اعتقاله. اما ابو علي فكان متزوجا ورب اسرة في الرابعة والعشرين من عمره. وكبر اطفال ابو علي وهو في الاسر، ومنهم من تزوج وانجب ليصبح جداً خلف القضبان. وقالت والدة العتبة ان اول ما ستفعله بعد اطلاق سعيد هو اقناعه بالزواج، مضيفة بحرقة:"كان من المفروض ان يملك يخطب في الاسبوع الذي اعتقل فيه، واليوم نريده ان يتزوج وينجب". وتتحسر والدة سعيد على العقود الطويلة من حياته التي امضاها خلف القضبان:"والله حرام ان يدخل السجن شابا في السادسة العشرين ويخرج منه عجوزا". واثار قرار الافراج عن العتبة وابو علي المتهمين بوجود"دماء يهودية"على ايديهما الامل في بيوت 11 ألف اسير فلسطيني، ما يزيد على الالف منهم محكومون بالسجن المؤبد بتهمة اسالة"دماء يهودية"، ذلك ان كسر هذا المعيار مرة سيفتح الطريق امام كسره في المرات اللاحقة. واعلنت اسرائيل امس عن اسمي الاسيرين العتبة وابو علي، لكنها لم تعلن اسماء باقي الاسرى. وقال وزير شؤون الاسرى اشرف العجرمي ان السلطة لم تتلق بعد اسماء الاسرى الذين تنوي اسرائيل اطلاقهم في 25 الشهر الجاري. وكان رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات اعلن عقب اللقاء الاخير بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت، ان عباس سلم اولمرت قائمة بأسماء 363 اسيرا معتقلا منذ ما قبل اتفاق اوسلو عام 1993، بينهم 110 امضوا كثر من عشرين عاما في الأسر. وقال مارك ريغيف الناطق باسم رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت لوكالة"فرانس برس"ان"لجنة وزارية اجتمعت الاثنين ووافقت على لائحة تضم مئتي معتقل فلسطيني سيتم الافراج عنهم في بادرة حسن نية حيال الرئيس محمود عباس". وصرح وزير الامن الداخلي الاسرائيلي آفي ديختر للاذاعة الاسرائيلية بأن المعايير التي اعتمدت"هي نفسها التي طبقت في السنوات الاخيرة باستثناء حالتين او ثلاث حالات". ويلمح ديختر بذلك الى رفض السلطات الاسرائيلية اطلاق فلسطينيين متورطين في هجمات ادت الى قتل او جرح اسرائيليين. وقال مسؤول حكومي كبير ان اللائحة تشمل فلسطينيين اثنين على الاقل ضالعين في هجمات ضد اسرائيليين في السبعينات. ويشكل ذلك استثناء نادرا في السياسة الاسرائيلية القائمة على عدم الافراج عن معتقلين"ايديهم ملطخة بالدماء". وكان أبو علي المعروف باسم"ابو علي يطة"، حكم بالسجن المؤبد عام 1980 بتهمة قتل زعيم للمستوطنين قرب الخليل في الضفة الغربية. كما صدر حكم آخر ضده بالسجن المؤبد بتهمة قتل فلسطيني في السجن للاشتباه في انه يتعاون مع السلطات الاسرائيلية. ورغم وجوده في السجن، الا انه انتخب نائباً في المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006. ونحو نصف المدرجة اسماؤهم على القائمة كانوا سيستكملون فترات عقوباتهم العام المقبل، لكن 43 منهم كان امامهم خمس سنوات على الاقل، واربعة من السجناء نساء. وتراوحت جرائم الذين سيفرج عنهم بين القاء الحجارة وشن هجمات بالرصاص. يذكر ان 11 الف اسير يقبعون في السجون الاسرائيلية، بينهم محتجزون من دون محاكمة بموجب ما تطلق عليه اسرائيل اسم"الحجز الاداري". وقالت المنظمة الدولية للدفاع عن الاطفال امس ان هناك 691 فلسطينيا قيد الحجز الاداري في اسرائيل، بينهم 13 تقل اعمارهم عن 18 عاما. واضافت انه خلال بعض الفترات عام 2007 كان هناك ما بين 310 و 416 قاصرا فلسطينيا في السجون الاسرائيلية ومراكز اعتقال.