أبدى المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي قناعته بأن ظاهرة التضخم التي يعانيها المستهلك في السعودية، وعزاها في شكل رئيس إلى ارتفاع أسعار واردات المنتجات الغذائية واختناقات البنية التحتية القفزات القياسية في أسعار العقار وفي درجة أقل، الإيجارات، بلغت ذروتها في نيسان أبريل الماضي وتسير إلى انخفاض، وشدّدَ على أن ميزات ربط الريال بالدولار، تضاهي سلبيات ارتفاع الأسعار طالما بقيت الضغوط التضخمية ظاهرة موقتة. وقال مديرون تنفيذيون، تعليقاً على مشاورات أجراها خبراء الصندوق في الرياض في 21 تموز يوليو الماضي، وأعلنت نتائجها أول من أمس، إن"ربط الريال السعودي بالدولار أتاح ركيزةً موثوق بها، ساهمت في استقرار الاقتصاد الكلي للسعودية."واتفقوا في غالبيتهم على أن مزايا الإبقاء على نظام الربط، تفوق تكلفة التضخم، مستنتجين بأن فقدان ظاهرة التضخم صفتها الموقتة وحدوث تأخير في إنشاء الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون يستوجبان النظر في تبني سياسات صرف بديلة. وتبنت السعودية نظام الربط رسمياً في 1986، إلا أن باحثَين في صندوق النقد توصلا في دراسة تحليلية أعلنا نتائجها الأسبوع الماضي، إلى أن مستويات التضخم في اقتصادات الشركاء التجاريين للسعودية، وليس أسعار الصرف - خسارة الدولار زهاء 30 في المئة من قيمته الحقيقية منذ 2002 -، لعبت الدور الأهم في متاعب معدل التضخم السعودي الذي بقي هامشياً طوالَ العقد الأخير، لكنه قفز من أقل من نصف في المئة في 2004 إلى 4.1 في المئة في 2007 ومن ثم إلى 10.5 في المئة كمعدل سنوي في نيسان الماضي. ولاحظ خبراء الصندوق في تقريرهم، أن تسارع التضخم ترافق مع أداءٍ متينٍ حققه الاقتصاد السعودي، العام الماضي، بمساهمة قوية من نمو القطاعات الاقتصادية غير النفطية، يتقدمها البناء وتجارة التجزئة وخدمات النقل والاتصالات بنسبة 6 في المئة. وتشكل هذه النسبة نحو ضعفي نمو الناتج المحلي الذي ارتفعت قيمته إلى 382 بليون دولار، ويتوقع أن تواصل الارتفاع إلى 540 بليوناً في 2008 محققة زيادة 5 في المئة. وعلى رغم ارتفاع واردات السعودية في 2007 بنسبة 30 في المئة لتصل إلى 83 بليون دولار، إلا أن ميزان المدفوعات الخارجية للمملكة حقق فائضاً قياسياً بلغ 96 بليون دولار، استخدم لتعزيز احتياط النقد الأجنبي ليبلغ زهاء 300 بليون. وعكس فائض العام الماضي تراجعاً طفيفاً عن 2006، لكن يتوقع أن يتضاعف في 2008 مساهماً في ارتفاع حجم احتياط النقد الأجنبي إلى 438 بليوناً. وعزا خبراء الصندوق فائضَ ميزان المدفوعات القياسي المتوقع أن يتحقق السنة الحالية، على رغم استمرار نمو الواردات بوتيرة عالية، إلى احتفاظ القطاعات غير النفطية بحيويتها وارتفاع إنتاج النفط السعودي إلى 9.2 مليون برميل يومياً. لكنهم لم يأخذوا في الاعتبار تراجع أسعار النفط الخام النفط الأميركي الخفيف بنسبة 24 في المئة منذ 11 تموز الماضي، منخفضاً إلى حدود 113 دولاراً للبرميل. ويساهم النفط الخام والمشتقات بنحو 88 في المئة من إيرادات الصادرات السعودية التي بلغت قيمتها في العام الماضي 234 بليون دولار. وأبرزوا مساهمة الإصلاحات الهيكلية في زيادة ثقة المستثمرين وارتفاع تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى مستويات قياسية، وتعزيز نمو القطاعات غير النفطية، لافتين في شكل خاص، إلى البرنامج الإصلاحي والاستثماري الضخم الذي بدأت السعودية تطبيقه أخيراً لمعالجة مواطن الضعف في مجالات التعليم والصحة والمرافق العامة والنظام القضائي. ورحب المديرون التنفيذيون في هذا المجال بالتقدم الذي أحرزته السعودية لتوفير بيانات عن الوضع الاستثماري الدولي للقطاع العام. وأعربوا على الصعيد المحلي، عن اعتقادهم أن استحداث ضريبة القيمة المضافة يسهم في تنويع الإيرادات المالية العامة، ودعوا إلى خفض الدعم الحكومي للمياه والطاقة، وأشادوا، على الصعيد الخارجي، بالمساعدات الكبيرة التي تمنحها السعودية للبلدان النامية وبدعمها الفعال لمبادرة تخفيف أعباء الدول الفقيرة الأكثر مديونية، وحضوا على إعادة جدولة الديون المستحقة على العراق أسوة بالمبادرة التي اتخذها نادي باريس أخيراً.