سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الخبير الاقتصادي كمال حمدان يستبعد أي إجراءات إصلاحية قبل الانتخابات النيابية . المتغيرات الدولية والإقليمية منذ "باريس - 3" عقدت استكمال الالتزامات المتبقية على لبنان
رأى مدير مؤسسة البحوث والاستشارات في بيروت كمال حمدان أن"المتغيرات الدولية والإقليمية المستجدة منذ"باريس - 3"، لم تعد تتيح موضوعياً استكمال تنفيذ ما تبقّى من التزامات بالأشكال المقررة". ورجّح في حديث الى"الحياة"، أن"يتحاشى الحكم، نظراً إلى الشهور القليلة الفاصلة عن الانتخابات النيابية وهاجس الكسب الانتخابي المباشر، اعتماد إجراءات إصلاحية يترتب عنها أثر اجتماعي موجع في المدى القصير". وشدد قبل طرح تصوره لسيناريوات سياسة الحكومة الجديدة في مجال الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، على ضرورة"الإشارة إلى أداء الاقتصاد منذ 2005، الذي كان يمكن أن يكون أسوأ مما هو عليه الآن. فاستناداً الى ضخامة التحويلات، تمكنت الحكومة من تأمين التمويل لإنفاقها في ظروف سياسية واقتصادية وأمنية غير مستقرة، وواصلت الواردات العامة ارتفاعها بنسبة تزيد على نسبة زيادة الإنفاق الأولي - ما انعكس تحسناً نسبياً في مؤشرات العجز - وتحقيق فائض أولي تجاوز 1100 بليون ليرة. كما استمر - على الأقل على صعيد محاولات التشريع ? تطوير أداء البعض القليل من إدارات الدولة خصوصاً وزارة المال. وحصل تقدم نسبي في تنفيذ جانب من التزامات الحكومة إزاء مؤتمر"باريس -3"، خصوصاً تعهدات الدول المانحة". واعتبر حمدان أن"بمعزل عن حصول توافق ضمني أو لا في مؤتمر الدوحة، على المضي في تنفيذ هذه الالتزامات، فإن المتغيرات الدولية والإقليمية المستجدة منذ"باريس -3"، لم تعد تتيح موضوعياً استكمال تنفيذ ما تبقّى من التزامات بالأشكال المقررة". وأبرز هذه المتغيرات"تضاعف أسعار النفط من نحو 70 دولاراً آنذاك إلى 135 دولاراً، وتفجّر أزمة الغذاء العالمية، إضافة الى عودة شبح التضخم في البلدان الصناعية"، وكلها في رأيه"ظواهر ترتبط بالانكماش الاقتصادي وبالتراجع الحاد في سعر صرف الدولار". ولفت الى أن"الحكومة كانت تأمل مطلع 2007 في استعادة حصتها من رسوم مبيعات البنزين عبر زيادة أسعار هذه المادة آنذاك الى ما بين 35 و38 ألف ليرة للصفيحة، ولكن هذا الهدف لم يعد ممكناً مع سعر النفط الحالي، إلا على عتبة 60 ألف ليرة". كما كانت زيادة معدل الضريبة على القيمة المضافة من 10 الى 12 في المئة،"ميسّرة نسبياً آنذاك، مع معدل تضخم وسطي لا يتعدى 5 في المئة سنوياً، وباتت صعبة إلى حد كبير الآن، بعد ارتفاع معدل التضخم السنوي الى 13 في المئة في أيار مايو الماضي، وهو الأعلى منذ 12 عاماً". أما ملف الكهرباء، فپ"حدّث ولا حرج"، بحسب حمدان، معتبراً أنه"العنوان الأكثر سطوعاً لفشل الطبقة السياسية في إدارة الشأن الاقتصادي"، إذ"أنفقت الدولة ? تجهيزاً وعجزاً في نفقات التشغيل وتسديداً لخدمة الدين - ما يزيد على 11 بليون دولار منذ العام 1994 وحتى الآن، ولا تزال هذه الخدمة غير مؤمنة بانتظام، كماً ونوعاً وبأسعار ملائمة. حتى أن البنك الدولي خلص إلى استحالة تخصيص هذا المرفق في ظل أوضاعه المريعة الراهنة، على رغم أن أسعار مبيع الكيلوواط/ ساعة بين الأعلى في المنطقة". وفي تصحيح الأجور،"ربما كان - بعد مرور 11 عاماً على التصحيح الأخير الرسمي - يشكل فرصة مواتية لتمرير جزء من التزامات"باريس -3"، في مقابل إقرار زيادة معقولة في الأجر الوسطي، لكن ما حصل أن الحكومة هرّبت"زيادة مقطوعة"بمقدار 200 ألف ليرة، ليُصار إلى تطبيقها على كل فئات الأجر. ولو كانت هذه الزيادة تشكل 66 في المئة من الحد الأدنى للأجر، فإن فاعليتها محدودة جداً، نظراً إلى أن الحد الأدنى يطال أقلّ من 5 في المئة من الأجراء في البلاد. إذ أوضح أن"معظم فئات الأجر تراوح بين مليون ومليونين ليرة للأجير الواحد شهرياً، ولم تنل هذه الفئات إلا زيادة وسطية نسبتها 15 في المئة في التصحيح الأخير، فيما زاد التضخم المتراكم منذ 1996 على 57 في المئة، بحسب مؤسسة البحوث والاستشارات". واعتبر أن هذا الخلل بين الأجور والأسعار"آخذ في التوسع الحاد منذ بداية العام مع تعاظم الميل الصاعد للأسعار". وعن رؤيته للمعالجة للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في العهد الجديد، رأى حمدان أن"شهوراً قليلة تفصلنا عن الانتخابات النيابية، وبسبب هاجس الكسب الانتخابي المباشر، سيتحاشى الحكم اعتماد إجراءات إصلاحية يترتب عنها أثر اجتماعي موجع في المدى القصير". لكن على رغم ذلك،"يجب أن يستمر الضغط الشعبي لإحداث خرق ما على عدد من المحاور". وأبرز أهمّ خمسة منها، أولاً"مراجعة سياسة الفوائد بالتزامن مع تراجع الجانب السياسي من الأخطار السيادية". إذ"ليس مقبولاً استمرار استقرار الفوائد المرتفعة نسبياً، في حين انخفضت عالمياً الى النصف في العامين الماضيين"، وسيكون لهذه المراجعة"من دون شك تبعات إيجابية على حوافز الاستثمار وعلى عبء خدمة الدين". ثانياً،پ"التحضير العملي لتنفيذ التوصيات الاجتماعية التي خلصت إليها أحزاب المجلس النيابي قبل نحو شهرين، في ختام مؤتمر للبعثة الأوروبية في لبنان حول السياسات الاجتماعية. وفي مقدمها، إقرار مشروع قانون الشيخوخة، والتحضير لاستبدال نظم التأمينات الصحية العامة وشبه العامة بنظام وطني موحد يغطي جميع اللبنانيين". ثالثاً،"ضرورة فتح ملف مشاريع القوانين أكثر من 130 مشروعاً النائمة أو الضائعة بين مجلس الوزراء والمجلس النيابي، والعمل على إقرار الأساسي منها، بحسب منظومة أولويات تُراعى فيها درجة التكامل بينها، بما يعزّز بيئة التشريع ومناخ الاستثمار، ويزيد إنتاجية الإدارة العامة". رابعاً،"اعتماد برامج طارئة للتعامل مع جوانب محددة من أزمة الكهرباء إنتاجاً ونقلاً وتسعيراً، بما في ذلك الإسراع في التحوّل التدريجي من الفيول إلى الغاز، سواء عبر تشغيل الخط السوري ? اللبناني المنشأ المُنفّذ أو عبر الاستيراد المباشر للغاز، والطلب الى دول الخليج تقديم التزامات محددة في شأن دعم أسعار المحروقات المحلية". وتمثل المحور الأخير، في"وضع اليد على ملف تطوير صناعة التكرير والاستفادة من خطوط النقل والمصبات القائمة بالتعاون مع شريك عربي استراتيجي، بعدما أضاع لبنان ثلاثة عقود كاملة في هذا المضمار، بسبب مصالح طفيلية ضخمة يستفيد منها أطراف أساسيون داخل الحكم وخارجه". واعتبر حمدان أخيراً أن"للسياسة تأثيراً قوياً على الاقتصاد، وفوّتت الطبقة السياسية اللبنانية في مؤتمر الدوحة، فرصة فتح ثغرة إصلاحية في نظام طائفي يُعاد إنتاجه من دون كلل منذ أكثر من قرن. والمطلوب هو العودة بسرعة الى روح الشق الإصلاحي من اتفاق الطائف، الذي يمهّد لانتخابات على أساس النسبية وخارج القيد الطائفي، مع تشكيل مجلس شيوخ يمثّل الطوائف".