تشير معلومات حصلت عليها "الحياة" من مصادر في البيت الأبيض أن إدارة الرئيس جورج بوش استطاعت تسويق المعاهدة التي تتفاوض على بنودها مع العراق، مبدئياً لدى المشرعين، مستبعدة المواجهة بين الطرفين. وفيما توقع بوش ان تتغلب واشنطنوبغداد على الخلافات وتتوصلا الى ابرام المعاهدة، نافياً نيته إقامة قواعد عسكرية دائمة هناك، وجدد قوله أنه ليس نادماً على غزو العراق، على رغم"إساءته التعبير"عشية إطلاقها ليبدو"رجل حرب"، يبدأ رئيس الوزراء العراقي في الأردن جولة، تقوده الى تركيا والإمارات"لطمأنة الجميع"الى أن"أي اتفاق مع الولاياتالمتحدة ليس موجهاً ضد أحد". الى ذلك، أحاطت الحكومة العراقية مجلس الأمن بالمفاوضات الجارية للتوصل إلى"ترتيبات أمنية مع الولاياتالمتحدة ودول صديقة أخرى". في واشنطن، أكد رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ السناتور كارل ليفن أن مسؤولين في البيت الأبيض أبلغوا النواب في اجتماعات مغلقة انه"ستتم استشارتنا قبل توقيع المعاهدة، وليست هناك أي نية لتضمينها بنوداً تلزم واشنطن الدفاع عن العراق في حال تعرضه لهجوم أو بناء قواعد عسكرية دائمة هناك". ويعكس موقف ليفن موافقة ضمنية من الكونغرس لسعي الادارة الى توقيع المعاهدة واستبعاد مواجهة مع البيت الأبيض، لوح بها بعض النواب سابقاً، وأبرزهم المرشحة السابقة للرئاسة هيلاري كلينتون. إلا أن التطمينات التي أعطتها الإدارة للنواب بأن النص سيكون شبيهاً بمعاهدات أخرى وقعتها واشنطن مع ألمانيا واليابان وكوريا الجنوبية وتيمور الشرقية لإبقاء قواتها هناك، ولإعطاء الجيش حصانة قانونية تمنع مقاضاته أو ملاحقته في البلد المضيف، وتمنحه صلاحية التحرك عسكرياً، كل ذلك جعل أعضاء الكونغرس يتريثون في اثارة الموضوع. وطلب الكونغرس توضيحات لقضية المتعاقدين، وهي نقطة خلافية بين واشنطنوبغداد، وكيفية تصنيفهم في المعاهدة، اذ سيحتم توسيع الرقعة القانونية للنص واحتمال تطبيقه عليهم اعطاء المشرعين الحق في مراجعتها، فيما يحق للإدارة توقيع المعاهدة في حال اقتصرت على عمل القوات الأميركية. وكان الرئيس الأميركي رويترز توقع ان تتغلب واشنطنوبغداد على الخلافات وتتوصلا الى ابرام المعاهدة، لكنه استبعد إقامة قواعد عسكرية دائمة هناك. وجاءت تصريحات بوش خلال مؤتمر صحافي، بعد محادثات مع المستشارة الالمانية انغيلا ميركل في ميزبرغ في آخر زيارة له لأوروبا قبل انتهاء ولايته. وقال:"أعتقد اننا سنتوصل الى معاهدة استراتيجية مع العراق"، لكنه استبعد إقامة قواعد عسكرية دائمة في هذا البلد، وأعرب عن غضبه من التقارير الاعلامية"الخطأ"التي تحدثت عن خطط لبناء قواعد، وقال إن"كل أنواع الضوضاء"مثارة حول هذا الامر في الولاياتالمتحدةوالعراق. كما عبر عن أسفه للانقسامات الناجمة عن الحرب على العراق. لكنه أكد أنه"غير نادم مطلقاً"، فالعالم اصبح أكثر أماناً بعد اطاحة صدام حسين. وكان الرئيس الأميركي أعرب عن أسفه لأن الأسلوب الذي اتبعه قبل غزو العراق بدا كأنه"تواق للحرب"، وقال انه كان عليه ان يستخدم"اسلوباً وعبارات مختلفة". وجاءت اعترافات بوش في مقابلة نشرتها صحيفة"ذي تايمز"البريطانية أمس، وقال انه كان عليه ان يتبنى لهجة مختلفة، مشيراً الى ان عبارات مثل"ميت أو حي"او"نتحداكم للقتال"أشارت الى"أنني لم أكن رجل سلام". وواجه بوش اتهامات واسعة بالسعي للتدخل عسكرياً في العراق بعد هجمات 11 ايلول سبتمبر 2001 على رغم عدم وجود دليل يربط العراق بخاطفي الطائرات الذين نفذوا تلك الهجمات. واكد انه سعى لحل الازمة ديبلوماسياً. وقال:"أحد الامور التي لم تذكر هو اننا درسنا الحل الديبلوماسي كثيراً". وتابع:"جميعنا كان يرغب في حل المسألة بطريقة ديبلوماسية. وقد توجهت فعلا الى مجلس الأمن الدولي". وجاء في رسالة بعث بها وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الى مجلس الأمن أن الترتيبات الأمنية التي تجري حولها مفاوضات مع الولاياتالمتحدة"ستعالج حاجة العراق الأمنية التي تضطلع بها حالياً القوة المتعددة الجنسية". وقال إنه على رغم التقدم والانجازات التي حققتها الحكومة"فإن العراق ما زال في حاجة الى مساعدة ودعم هذه القوة". ولم تذكر رسالة الوزير العراقي رغبة بغداد بأن تكون الولاية الحالية للقوة المتعددة الجنسية التي تتكون أساساً من القوات الأميركية، هي الأخيرة كما سبق وأكد السفير العراقي عند التمديد لتلك الولاية آخر السنة الماضية وتنتهي في31 كانون الأول ديسمبر 2008. وأشارت الرسالة إلى"استعداد الحكومة العراقية لمواجهة الميليشيات والمجموعات المسلحة غير الشرعية التي تتحدى القانون".