تحتل قناة دبي مركزاً ومتقدماً بين القنوات الفضائية العربية، وهي تنتمي إلى مؤسسة دبي للإعلام التي تبث ثلاث قنوات أخرى هي:"سما دبي"، و"دبي وان"، و"دبي الرياضية". وعلى رغم صفة قناة دبي الرسمية الحكومية لكنها استطاعت أن تحقق حضوراً جيداً"انسجاماً مع سعي دبي خصوصاً والإمارات عموماً، الى مواكبة التطورات والارتقاء في مختلف المجالات الاقتصادية والاستثمارية والعمرانية... و"الإعلام يشكل جزءاً من هذه المنظومة المتكاملة"، كما يقول مدير قناة دبي عبد اللطيف القرقاوي الذي زار دمشق، أخيراً، لحضور فعاليات المؤتمر الصحافي الذي عقدته شركة"عاج للإنتاج الفني"احتفاء بمسلسل"الحوت"الذي تشارك قناة دبي في إنتاجه. ويعزو القرقاوي، في حديث الى"الحياة"، سبب نجاح محطته إلى عوامل أبرزها"غياب الرقابة في الإمارات على الإعلام، بعد إلغاء وزارة الإعلام"، ويضيف:"نحن ننطلق من سياسة عامة تستهدف التطوير في كل المجالات، وليس فقط في المجال الإعلامي، ولدينا إستراتيجية بعيدة المدى وواضحة نسير وفقها. فقبل نحو خمس سنوات كانت محطة دبي من المحطات المتواضعة، لكنها، وفي السنوات القليلة الأخيرة، بدأت تنافس الفضائيات الرئيسة في العالم العربي، وباتت تحتل مراتب متقدمة في نسبة المشاهدة". ويؤكد مدير قناة دبي ان الإمارات"تسعى الى أن تكون الرقم واحد في مختلف المجالات، خصوصاً في الإعلام، لأنه ينقل صورة الإمارات إلى العالم أجمع، وكان للإعلام، ولقناة دبي تحديداً، دور في الترويج لهذه المنظومة المتكاملة، وهي لسان حال الحكومة التلفزيوني، والناقل الرسمي للأحداث والفعاليات المقامة في دبي، وصاحبة الحقوق في الترويج لها تلفزيونياً". ولا ينفي القرقاوي دور الإمكانات المادية في صنع إعلام متميز،"فالأموال لها دور رئيس في جودة العمل، وفي الإبداع، وفي تقديم المادة الإعلامية بصورة جذابة، والمدير، مهما كان ناجحاً، ومجتهداً، لا يستطيع أن يصنع إعلاماً ناجحاً بمفرده. بل يجب أن تتوافر للمحطة الإمكانات المادية الضخمة حتى تستطيع الاستعانة بالخبرات، والكوادر البشرية المؤهلة، وأحدث التقنيات في مجال البث الفضائي، وثمة منظومة متبعة في قناة دبي تستهدف الاهتمام بأصغر موظف وصولاً إلى الموظفين الكبار". ويتابع القرقاوي:"نحن في قناة دبي نُعامل كمؤسسة تجارية، على رغم أن المحطة، في النهاية، هي محطة حكومية. لكن ثمة عقلية تجارية تتحكم في عملنا، واعتقد أن الجدوى الاقتصادية من وراء إنشاء أي منبر إعلامي تشكل المطلب الأهم، فالإعلام اليوم يُنظر إليه كمشروع اقتصادي استثماري كبير، وثمة نحو 250 محطة فضائية عربية تسعى غالبيتها إلى الربح المادي، باستثناء محطات رسمية قليلة لها مآرب سياسية معينة". وعلى رغم أن قناة دبي منوعة إذ تقدم البرامج الإخبارية والدرامية والثقافية والترفيهية... لكن ذلك لا يشكل عائقاً أو تحدياً، لأن هذه المحطة الأم تتكامل مع شقيقاتها الثلاث الأخريات، فإذا كانت محطة دبي الرئيسة تتوجه إلى المواطن العربي عموماً، وهي بمثابة مرآة تعكس صورة الإمارات للعالم، فإن"سما دبي"تتوجه الى المواطن الإماراتي، بصورة خاصة، والمواطن الخليجي بصورة عامة، بينما"دبي وان"متخصصة في بث الأفلام والبرامج الأجنبية، في حين تقتصر"دبي الرياضية"على البرامج الرياضية،"فالتخصص، إذاً، يدخل ضمن إستراتيجيتنا التي تُبنى على القنوات الأربع معاً". ويشيد القرقاوي بمساهمة الرأسمال الخليجي في الإنتاج الدرامي السوري، لأن هذا"الإسهام يعبر عن نوع من التكامل العربي في مجال الفن"، داعياً إلى"تكريس هذا المفهوم، كما فعلنا نحن في قناة دبي عندما عملنا على دعم الدراما المصرية والسورية، وأثمر ذلك نجاحاً ملموساً. وشكل عاملاً مؤثراً فيهما عبر مشاركتها في الإنتاج". ورداً على قرارات نقيب الفنانين المصريين أشرف زكي، التي قضت بعدم السماح للممثل العربي بالمشاركة في المسلسلات المصرية إلا في عمل واحد كل موسم، يرى القرقاوي ان"هذا القرار خاص بمصر، وأهل مكة، كما يقال، أدرى بشعابها، ونحن في دبي لا تؤثر فينا مثل هذه القرارات، ولا تعنينا. لكنني اعتقد بأنها قرارات غير مدروسة، ونتمنى الرجوع عنها. فالسينما الأميركية حققت نجاحات واسعة بفضل مواهب ممثلين ومخرجين غير أميركيين، ونحو 90 في المئة ممن يعملون في هوليوود ليسوا أميركيين، لذلك يجب أن تفتح الأبواب أمام الممثل العربي، وعلى الفضائيات العربية أن تدعمه بمعزل عن جنسيته وبلده، وحينما أخرج حاتم علي، وهو سوري، مسلسل"الملك فاروق"، مثلاً، أثبت قدرته، وجدارته". وعن وثيقة الإعلام العربي التي أصدرها وزراء الخارجية العرب في القاهرة قبل أشهر، والتي هدفت إلى تقنين البث الفضائي، رد القرقاوي:"نحن في الإمارات ألغينا وزارة الإعلام، وما يشير إلى مدى الحرية الإعلامية التي نتمتع بها، واعتقد أن من غير المجدي فرض رقابة على الإعلام. وبالنسبة الى الوثيقة يمكن أن تفيد بعض الدول العربية التي أيدت الوثيقة، لكن نحن في الإمارات خارج هذه اللعبة التي تسعى إلى فرض قوانين على الإعلام، ولا يمكن أن نقبل مثل هذه الوثيقة، أو أي وثيقة مماثلة، فحرية الإعلام يجب أن تدعم من كل الحكومات العربية". ولدى تذكيره بأن محطة"دبي وان"، بدورها، تحذف مقاطع ومشاهد من الأفلام الأجنبية التي تعرضها، وأن هذا الحذف هو إجراء رقابي، في نهاية المطاف، برر القرقاوي ذلك بالقول:"انه اجراء نتبعه كنوع من الرقابة الذاتية، فلا يمكن أن نسمح بعرض لقطات ومشاهد تخالف مبادئنا، وقيمنا، ونحن، في النهاية، نبث لمجتمع ذي غالبية مسلمة، ويجب أن نراعي ثقافة وخصوصيته". وأعرب القرقاوي عن تفاؤله بأن التلفزيون السوري،"سيكون، في العام المقبل، منافساً لأبرز المحطات، وسيحقق نقلة نوعية عبر الشراكة الإعلامية القائمة بينه وبين تلفزيون دبي".