أمير حائل يستقبل مدير مكافحة المخدرات المعين حديثًا بالمنطقة    أمير تبوك يطلع على سير العمل بالمنشآت الصحية بالمنطقة    سوق الأسهم السعودية تغلق متراجعة 11.81 نقطة    التجارة تُعلن نتائج تقييم المتاجر الإلكترونية    لوران بلان: نحن في هونج كونج للفوز باللقب    قيادة المركبة دون رخصة مخالفة مرورية    "الأحوال المدنية" تطلق الإصدار الجديد من شهادتي الميلاد والوفاة    نائب أمير الشرقية يستقبل مدير سجون المنطقة الشرقية بمناسبة تعيينه    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة استشر طبيبك لمنسوبيها    نصف مليون فلسطيني في غزة على شفا المجاعة    هجمات روسية تستهدف عدة مدن أوكرانية    طبيعة ساحرة    المملكة تستقبل وفدًا سوريًا استثماريًا برئاسة وزير الاقتصاد والصناعة    الفريق الفرنسي "Karmine Corp" يحصد لقب "Rocket League" في كأس العالم للرياضات الإلكترونية    تايكوندو السعودية تواصل حصد الإنجازات العالمية    عشّاق القهوة بمزاج أفضل بعد فنجانهم الأول    الشرع: وحدة سوريا فوق كل اعتبار    أوامر ملكية بإعفاء الماضي والعتيبي والشبل من مناصبهم    سيتي سكيب الرياض 2025.. تقنيات البناء ترسم المستقبل العقاري    100 مليون ريال مبيعات تمور    القيادة تهنئ رئيسي إندونيسيا والجابون ب«ذكرى الاستقلال»    «رونالدو وبنزيمة» يسرقان قلوب جماهير هونغ كونغ    الأرجنتيني كوزاني يحمي مرمى الخلود    استقبل رئيس مجلس المديرين في شركة مطارات جدة.. نائب أمير مكة يستعرض تصميم مخطط صالة الحج الغربية    القيادة تعزي رئيس باكستان في ضحايا الفيضانات    أمر ملكي: إعفاء طلال العتيبي مساعد وزير الدفاع من منصبه    سرقة مليوني دولار من الألماس في وضح النهار    وسط تحذيرات من كارثة إنسانية.. الدعم السريع يقتل 31 مدنياً بقصف على الفاشر    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. مؤتمر «مسؤولية الجامعات» يعزز القيم والوعي الفكري    صابرين شريرة في «المفتاح»    لا تنتظرالوظيفة.. اصنع مستقبلك    تربية غريبة وبعيدة عن الدين!!    الجيش يؤكد عدم اخترق أجواء سوريا.. وعون: لا تدخل في شؤون لبنان    فيضانات باكستان غضب شعبي وتحرك حكومي    قنصلية السودان بليبيا تطلق مبادرة العودة الطوعية    «الحياة الفطرية» يطلق أكبر رحلة استكشاف للنظم البيئية البرية    «إثراء» يدعم المواهب ويعلن المسرحيات الفائزة    مُحافظ الطائف يطلع على تقرير برنامج المدن الصحية    جامعة جدة تستعد لإطلاق ملتقى الموهبة للتعليم الجامعي    الأمير تركي الفيصل ورسائل المملكة في زمن الاضطراب الإقليمي    زرع الاتكالية    استعراض إحصائيات ميدان سباقات الخيل بنجران أمام جلوي بن عبدالعزيز    تجمع مكة الصحي يخصص عيادة لعلاج مرضى الخرف    حملة توعوية لطلاب المدارس بالتجمع الصحي بمكة    تعيين ثلث أعضاء اللجان في غرفة الأحساء    أمير تبوك يطلع على تقرير بداية العام الدراسي الجديد بمدارس المنطقة    مركز الملك سلمان يدعم متضرري باكستان    المشاركون في دولية الملك عبدالعزيز يزورون مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف    مدير مدرسة ابتدائية مصعب بن عمير يجتمع بالهيئة التدريسية مع إنطلاقة العام الدراسي الجديد    Ulsan يحافظ على لقبه العالمي    "قيمة العلم ومسؤولية الطلاب والمعلمين والأسرة" موضوع خطبة الجمعة بجوامع المملكة    نائب أمير جازان يزور بيت الحرفيين ومركز الزوار بفرع هيئة التراث بالمنطقة    علماء كوريون يطورون علاجًا نانويًا مبتكرًا لسرطان الرئة يستهدف الخلايا السرطانية    مرضاح والجفري يحتفلون بزواج فهد    المشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية يغادرون مكة متجهين إلى المدينة المنورة    دواء تجريبي مبتكر يعالج الصلع خلال شهرين    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    نائب أمير منطقة جازان يقدّم التعازي لأسرة معافا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نسد فتحات منازلنا ونتوه في عزلتنا
نشر في الحياة يوم 24 - 04 - 2008

أحاديث مطوّلة "تتحسّر" على نظام العمارة العربية، مثل الذي يميّز مدينتي حلب ودمشق, وتجسّده تلك البيوت الواسعة بأبوابها الواطئة الصغيرة, من خشب ومعدن, يختبئ خلفها فضاء مفتوح على السماء، وتتوسّطه بَحْرة دائرية, تحيط بها الأزهار. وحول هذا الوسط الأنيس، تتحلّق النسوة وتدور الأحاديث، في غياب رجال المنزل.
تطوّرت الحياة وانتشرت الأبنية الاسمنتية، والشقق الضيّقة، مثل"علب الكبريت"، على قول المصابين بحنين إلى الماضي وبيوتاته. ولماّ ضاقت مساحات الغرف وتقزمت, اختفت الساحة الوسطية وبحرتها, وغدا المسكن مجموعة جدران تفصل بين غرف رمادية صغيرة.
ومحل التواصل العمودي مع السعة والرحابة, حيث يأتي الضوء من قبة السماء لينتشر في أرجاء الساحة الداخلية, حل تواصل أفقي مع مصدر الإنارة التي تأتي من انعكاس الضوء على الجدران القريبة المقابلة، ليتسلل إلى الداخل المظلم، ليل نهار، عبر النوافذ والشرفات. وكأن هذا التحول أتى لينشئ علاقة مواجهة بين العتمة في الداخل والنور في الخارج. فالامتداد الشاهق للأبنية الحديثة، قطع المدى البعيد نحو الأعلى بأسطح إسمنتية، بعضها فوق بعض. واختلف المشهد اليومي فانتقل من زرقة وسطوع في الأعلى إلى واقع رمادي على أفق ضيّق.
ونشطت"البلكونة"، كمكان لعقد الاجتماع بالدرجة الأولى, بينما ظلت الحارة تحتفظ ببعض من رونق التواصل والإنسجام. وتحضر الجارة إلى البلكونة للتواصل مع جارتها القاطنة قبالتها أو تحتها أو فوقها... وفي تلك الأحاديث التي تدور جهارة تنتفي الخصوصية، مهما حاول الطرفان استخدام الغمز واللمز، فهناك دائماً عين تلتقط"شفرة"الحركات وتفكّها.
وتبقى الشرفة مساحة للتواصل مع العالم الخارجي، واجتماع أفراد الأسرة أطفالاً وشباباً ومسنّين، على عشاء أو فنجان قهوة أو شاي، في الصباح أو في سكينة الليل الدمشقي... ومحطاً لأنظار"المتلصصين"التي تجعل من الحارة وبلكوناتها،"مسارح"صغيرة يتفرّج فيها القاطنون بعضهم على بعض. ومع دخول العابرين إليها تتحول الحارة قاعة مسرح كبرى، مع مقاعدها ومقصوراتها. ويتناقل السكان آخر الأخبار ويتبادلون الأنظار والتحيات، بمعانيها المختلفة. وأصبحت مساحة البلكونة وإطلالتها تعززان مواصفات المنزل. وانتقلت إلى الشرفة أزهار الساحة القديمة ونباتاتها للزينة، ولتلعب دور"الستار"الذي يخفي أحداث"المسرح الصغير"عن أعين"المتفرّجين".
غير أن ارتفاع البلكونات عن أرض الشارع، كما أسوار البيوت الدمشقية القديمة، لم تمنع سكان العمارة أو الحي من الاستمرار في علاقات الألفة والحميمية, والمشاركة في الأفراح والأتراح، ولو أن وتيرة المشاركة خفّت في شكل ملحوظ.
وتتعدد الأسباب التي ساهمت في تغيير أنماط العلاقات والتواصل، كالتي عُرفت سابقاً بين العائلات والجيران. فالفرد غلبه الانكباب على تأمين مطلبات المعيشة. وانحصر تواصله مع المقربين فقط، وفي أوقات"يسرقها"من ضغط النهار.
ثم أصبح القادم الجديد إلى العمارة ومجتمعها المصغّر، يغلق نوافذه بالستائر السميكة ويسد فتحة البلكونة بزجاج سميك يحجبه عن الخارج, مفضلاً إنشاء عالم ذاتي، ومزاولة"طقوس"عيشه بعيداً من أعين الآخرين. وإذا دفع الفضول أو الحنين إلى الألفة القديمة بأحدهم إلى مد جسر مع الآخرين، ربما ووجِه بالرفض.
وإذا لاقى ترحيباً، تصبح الزيارات وكأنها تحصل سراً أو خلسة، فالتنقّلات بين الجارين تجرى عبر السلالم والمصاعد الداخلية، وقرع الباب والجرس لا يسمعه إلاّ سكان المنزل. وأقل ضوضاء في الممرات قد تدير آذاناً منصتة إلى مصدرها، وتجذب أعيناً فضولية إلى مناظير أو عدسات صغيرة مثبّتة في أبواب المداخل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.