الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة ( غرس وأثر ) بمحافظة أبو عريش    استمرار فعاليات «الممر الثقافي» في مهرجان جازان 2026 وجذب لافت للزوار    سوق الأسهم السعودية يعود للمكاسب ويرتفع 73 نقطة    انطلاق الجولة ال 14 من دوري يلو وصراع متقارب على القمة    الاحتلال يحمي اعتداءات المستوطنين في المسجد الأقصى    الداخلية: غرامات وسجن ومنع من الاستقدام بحق المنشآت المخالِفة لأنظمة الإقامة والعمل    الرئيس الأوكراني: سترفع الأحكام العرفية عند انتهاء الحرب    نائب أمير الشرقية يطلع على أنشطة مهرجان ربيع النعيرية    وزير البيئة الألماني يؤيد حظر السجائر الإلكترونية أحادية الاستخدام    تجمع الرياض الصحي الأول يدشّن "ملتقى القيادة والابتكار " ويحتفي بمنشآته المتميزة    بلدية محافظة بيش تواصل أعمال النظافة اليومية بالكورنيش حفاظًا على الشاطئ وراحة الزوار    النصر يمدد تعاقده مع عبد الرحمن السفياني    تأجيل الدوام في مدارس منطقة تبوك إلى الساعة التاسعة صباحًا    جمعية الزهايمر تستضيف المرضى وأسرهم في رحلات الخير    رونالدو يستهدف الهدف 1000    ختام النسخة الأولى من برنامج "حرفة" بالمنطقة الشرقية    الأمن البيئي يضبط مخالفًا في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية    دبي تستضيف حفل جوائز الفيفا للأفضل العام المقبل    الإنهاك العاطفي الصامت حين يستنزفك الضغط دون أن يراك أحد    طرح 24 مشروعًا عبر منصة "استطلاع"    والد الفريق محمد البسامي في ذمة الله    ارتفاع أسعار النفط    كونسيساو يرفض إراحة اللاعبين    اختبارات اليوم الدراسي.. تعزيز الانضباط    وكيل إمارة الرياض يستقبل مدير فرع وزارة البيئة    محمية الملك سلمان تدشّن "الإصحاح البيئي" في "نايلات"    227 صقرًا تشارك في 7 أشواط للهواة المحليين بمهرجان الملك عبدالعزيز للصقور 2025 في يومه الرابع    د. باهمام يحصل على جائزة «الطبيب العربي» 2025    الشؤون الدينية تطلق مبادرة "عليكم بسنتي"    "الشؤون الإسلامية" تقيم مسابقة القرآن في الجبل الأسود    فهد بن محمد يكرم مدير «جوازات الخرج»    أرض الصومال.. بؤرة الصراع القادمة    الركراكي: أنا الأنسب لقيادة الأسود للقب    بين التانغو والتنظيم الأوروبي.. البحث عن هوية فنية جديدة للأخضر    موجز    «الموارد»: توظيف 65 ألف مواطن في قطاع الاتصالات    وزير التعليم يطلع على إنجازات الكلية التقنية بحائل    الإجرام الجميل    حكم بالحبس والغرامة على «مها الصغير»    ليالي جازان ألوان فرح والأطفال يتسلطنون    دعوات مستمرة لوقف التصعيد.. وشبكة حقوقية: «الانتقالي» ينفذ انتهاكات في حضرموت    السجن 1335 عاماً لعضو في عصابة بالسلفادور    الزواج بفارق العمر بين الفشل والناجح    البيت الحرام.. مثابةٌ وأمنٌ    التحضيرات جارية للقاء نتنياهو وترمب.. 3 دول توافق على المشاركة في قوة الاستقرار الدولية    صراع شرس بين كبار أوروبا لضم «نيفيز»    مركز الملك سلمان يوزع سلالاً غذائية بالسودان ولبنان.. وصول الطائرة السعودية ال77 لإغاثة الشعب الفلسطيني    اختبار دم يتنبأ بمخاطر الوفاة ب«مرض القلب»    رحيل المخرج المصري عمرو بيومي    دعوى فسخ نكاح بسبب انشغال الزوج المفرط بلعبة البلوت    طرائف الشرطة الألمانية في 2025    علاج جيني روسي لباركنسون    دغدغة المشاعر بين النخوة والإنسانية والتمرد    رفض واسع يطوق قرار نتنياهو ويفشل رهاناته في القرن الإفريقي    القيادة تعزي رئيس المجلس الرئاسي الليبي في وفاة رئيس الأركان العامة للجيش الليبي ومرافقيه    بيش تُضيء مهرجان شتاء جازان 2026 بهويتها الزراعية ورسالتها التنموية    وزير الداخلية تابع حالته الصحية.. تفاصيل إصابة الجندي ريان آل أحمد في المسجد الحرام    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفقر الهيكلي
نشر في الحياة يوم 23 - 12 - 2008

المقصود بپ"الفقر الهيكلي"هو الفقر شبه الدائم الذي تعود أهم أسبابه إلى البطالة المستمرة لا الموقتة، كالفقر المزمن الذي يكثر وجوده في الدول النامية. أما الفقر الذي تعود أسبابه إلى الحروب والكوارث الطبيعية فقد يحدث في أي مكان وفي أي زمان. وحينما حاصرت"بريطانيا"جميع منافذ الجمهورية الألمانية فمنعتها من التصدير والاستيراد خلال السنة الأولى من الحرب الكونية الأولى 1916-1917 حدثت مجاعة مفزعة أدت إلى وفاة 750 ألف إنسان من شعب ألمانيا.
وما كانت ألمانيا في أوائل القرن العشرين دولة فقيرة نامية. بل كانت في طليعة الدول الصناعية الأوروبية الأكثر تقدماً. أي أن اقتصادها وكفاءة إنتاجها وصل إلى الحد الذي جعلها تركز على ما لديها في إنتاجه ميزة نسبية واستيراد ما تحتاجه من مواد أخرى بما فيها أهم المواد الغذائية من جيرانها الأوروبيين ومن بقية دول العالم. وفي هذا السياق يحسن ذكر أن الاقتصاديين المهنيين يرون أن موضوع"الأمن الغذائي"أو"الاكتفاء الذاتي"مفهوم"مغلوط"في هذا العصر لسبب بسيط، وهو من يستطيع منعك من الاستيراد قادر على منعك من استيراد الكثير من وسائل وآليات إنتاج ما يكفيك من غذاء أو غيره مما هو مهم للبقاء.
وأسباب الفقر في الدول المتقدمة، وهو لا يشمل إلا نسبة صغيرة من عدد السكان من غير حديثي الهجرة، يعود عادة إلى التغيرات"التقنية"المتسارعة التي أسماها مؤرخ"علم الاقتصاد"الأبرز البروفسور جوزيف شومبيتر 1883-1950 ب"التقنيات المدمرة". وهذا النوع من الفقر في الدول المتقدمة، يعود إلى بطالة عابرة قد تبقى لبضعة سنوات في أسوء الأحوال، ولا تشمل إلا نسبة معينة، سرعان ما تتناقص في الدورة الاقتصادية القادمة. على عكس الفقر الهيكلي في الدول النامية الذي قد يشمل ما فوق 30 في المئة من عدد السكان.
وإذا كانت التغيرات التقنية الكبيرة، ومصدرها الاكتشافات العلمية وتطبيقاتها التي تؤدي إلى إنتاج أفضل بتكاليف أقل، بطبيعتها تحتاج إلى تعليم ملائم أحدث وتدريب متتابع، أيضاً يؤدي إلى بطالة أغلب من سبق أن عملوا بصناعات وظفت تقنيات قديمة، والبطالة من أهم أسباب فقر العاطلين عن العمل.
والشيوعيون وما يماثلهم من أوجه أخرى من المتطرفين الحزبيين الساعين لتولي السلطة أياً كان شعار"التسويق"السياسي، يرون أن سبب الفقر، هو تفاوت مستويات الدخل. ومن السهل على أي نظام حكم مستبد متسلط سواء أكان ذلك من طراز"دولة طالبان"أم"نظام شمال كوريا"أم من طراز دولة"ستالين"إيجاد الحد الأدنى من مقتضيات الحياة الجسدية موقتاً ثم منع نشر إحصاءات عدد الفقراء وحتى عدد ضحايا التجويع المتعمد والمجاعات لأسباب إنتاجية كغياب الحوافز الذاتية. وخلال حكم"ستالين"لم تمنع"المساواة"بين الجميع التي وعد بها ستالين وأمثاله حدوث مجاعات قضت على حياة ما زاد على ثلاثين مليون من مواطني الدولة السوفياتية. ومع أنه يوجد عدد قليل من سكان المدن الغربية الكبيرة من المشردين الفقراء الذين ينامون في الشوارع وفي الأنفاق وتحت الجسور، فإن معظمهم من ضحايا المخدرات والخمور أو يعانون من أمراض نفسية أو أمراض عضوية جسديه في الدماغ. فالرأسمالية، على ما فيها من نقائص ومتناقضات، ووجود عدد محدود من أغنى الأغنياء إلى جانب الأغلبية الساحقة من الطبقات المتوسطة، فقد أثبتت بأنها الأداة الأكفأ لرفع قيمة وكمية الناتج الكلي للمجتمع. وللأسف تؤدي إزالة الفوارق الكبيرة في الدخول إلى التأثير السلبي على مستوى الاستثمار الذي بدوره يرفع مستوى مجموع الدخل الوطني الكلي.
اما أسباب"الفقر الهيكلي"شبه الدائم في الدول النامية من فقيرة كثيرة السكان إلى نامية ذات اقتصادات ريعية قد توحي قيمة ما تصدره من مواد خام ناضبة بغناها، تعود بالدرجة الأولى إلى تدني كفاءة الإنتاج، والذي يحكم مستواه هو التعليم والتدريب الملائمان لمتطلبات الأسواق.
وفي الختام فإن مشكلة"الفقر الهيكلي"في الدول النامية موضوع طويل معقد حتى من المنظور الاقتصادي التحليلي فقط. وقد كتب عنه الاقتصادي السويدي الشهير الفائز بجائزة نوبل 1974، قينار ميردول 1898-1978 مجلدات عدة ناقشت"الفقر"من الوجوه كافة.
وعلى مستوى التعميم الملائم لنشر موضوع في صحيفة سيارة، فإنه يمكن القول بأن مشكلة التعليم المناسب وابن عمه التدريب المتتابع الملائم للظروف الزمانية والمكانية هي البذرة التي تنمو من فروع شجرتها أغلب الأسباب الأخرى للفقر الهيكلي المزمن.
إن الفقر الهيكلي المزمن، يختلف كماً وكيفاً عن انخفاض مستوى المعيشة الذي سيشمل الكثيرين من ذوي الدخول المتوسطة، نتيجة للأزمة المالية التي بدأت في الأسواق المالية ثم شملت أكثر أسواق السلع والخدمات.
والله من وراء القصد.
* أكاديمي سعودي.
نشر في العدد: 16699 ت.م: 23-12-2008 ص: 17 ط: الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.