في أيلول سبتمبر الماضي، تسبب رب عائلة ثمل في مدينة كمبتن جنوبألمانيا بحادث سير أدى إلى إصابة 6 أشخاص بجروح، أثناء إيصال ولديه البالغين من العمر 11 و14 سنة، إلى المدرسة. لم ينتبه إلى الإشارة الحمراء، فاصطدم بسيارة امرأة كانت تهم أيضاً بنقل أولادها إلى المدرسة. وتشهد ألمانيا ارتفاعاً في عدد حوادث المرور المرتبطة بالمدارس. ففي النصف الأول من هذا العام، أعلن عن نحو 62 ألف حادث، بزيادة 2600 حادث عن النصف الأول من العام الماضي، وفقد 31 طفلاً حياتهم. وأثبتت دراسة لمؤسسة التأمين الإلزامي في ألمانيا، خطأ الاعتقاد السائد أن نقل الأبناء بالسيارة الخاصة إلى المدرسة، يقيهم من الأخطار. وعلى العكس، فإن خطر الحوادث في"تاكسي الأهل"أكبر بأربعة أضعاف من خطر التنقل إلى المدرسة مشياً، برفقة تلامذة آخرين. وتشير الأرقام إلى أن من أصل 10 آلاف شخص متنقل، يبلغ عدد الإصابات بين الذين يركبون السيارات 51، مقابل 13 إصابة بين المشاة، سنوياً. وأحد أكبر مصادر الخطر هو الأهل الذين يركنون سياراتهم في الأماكن المحظورة أمام المدرسة ليترجّل منها الأبناء، ما يؤدي إلى حجب الرؤية عن السائقين الآخرين. ولذا تنفّذ البلديات والهيئات والجمعيات الأهلية المتخصصة بشؤون المرور وأخطاره، حملات توعية لإقناع الأهل بالتخلي عن نقل أولادهم إلى المدرسة بواسطة السيارة. وذلك لأن الذهاب إلى المدرسة مشياً على الأقدام ليس أقل خطراً فحسب، بل أيضاً مفيد من الناحية التربوية. فبدل أن يرى التلامذة المنطقة عبر نافذة السيارة في شكل مجتزأ وسريع، يصبحون أكثر إلماماً وتعلّقاً بالمحيط، إذا مشوا إلى المدرسة. وشيئاً فشيئاً يصبحون أكثر يقظة وتركيزاً في الطريق... وفي الصف أيضاً. لدى هواة المشي في ألمانيا"لوبي"خاص بهم. وتمثّل مصالحهم أندية مثل"التجمع للسير على الأقدام"و"جمعية القدم"و"اتحاد المشاة". وتنفّذ هذه الاندية نشاطات هادفة مختلفة، وخصوصاً في 22 أيلول"اليوم العالمي للمشي إلى المدرسة". وحتى أهل السياسة يدعمون هذا المطلب، إذ يشارك أربعة وزراء في نشاطات ذلك اليوم. وأصدرت مدينة فرانكفورت دليلاً يحتوي خرائط لطرق المشاة إلى كل من مدارسها الابتدائية السبعين. وهي تنصح باعتماد طرق معينة للوصول إلى كل مدرسة. كل ما يمكن أن يجده المرء في الشوارع أدرج في الدليل على شكل رسوم توضيحية، مثل الإشارات، أماكن مرور المشاة، الأماكن الخطرة، محطات الباصات والترامات، وحتى الجانب المفضّل للسير في الشارع. وتتوافر هذه الخرائط في المدارس، وعلى المواقع الإلكترونية الخاصة بطرق المدارس في المدينة. ولتحقيق درجة عالية من الأمان، استعين بمرشدين للتلامذة من مهماتهم ايقاف السيارات في الشوارع الخطرة والتقاطعات. ويُزَوَّد هؤلاء، ومعظمهم من التلامذة الأكبر سنّاً، بسترات خاصة تعكس الضوء. وعند بداية كل عام دراسي تُعلّق لافتات على طرق المدارس يكتب عليها"بدأت المدرسة". * صحافي في جريدة"فرانكفورت روندشو"الألمانية، والنص من مساهماته التي تنشرها"الحياة"، في إطار برنامج"كلوز أب"للتبادل الصحافي، بالاتفاق مع المعهد الثقافي الألماني غوته. وتشارك في البرنامج صحف ألمانية وأخرى من أفريقيا والشرق الأوسط، على مدى أسابيع، لتغطية شؤون سياسية وثقافية واجتماعية. للمشي إلى المدرسة منافع تربوية وصحية واجتماعية