أكد محللون اقتصاديون في الرياض عدم تأثر القطاع المصرفي السعودي بالأزمة المالية العالمية، وقالوا"أنه آمن تماماً من التأثيرات السالبة". وعزوا ذلك إلى أن المؤسسات المالية غير مكشوفة على أزمة الرهن العقاري في الولاياتالمتحدة ولم تتورط في شراء المشتقات المالية العالية المخاطر، إلى جانب ضمان مؤسسة النقد العربي السعودي الودائع المصرفية في المصارف السعودية. ودعا المحللون، في تصريحات الى"وكالة الأنباء السعودية"المواطنين إلى عدم الاستسلام للذعر وسحب ودائعهم وتجنب الإشاعات التي يأتي بعضها مغرضاً وبعضها الآخر ينطلق من جهل بالأمور الاقتصادية. وقال المدير العام للمجموعة الشرعية في"بنك البلاد"أستاذ الاقتصاد المشارك في كلية الاقتصاد والإدارة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض الدكتور محمد بن سعود العصيمي:"إن وضع المصارف السعودية مطمئن إلى حد كبير، كون حزمة الإجراءات الحكومية الأخيرة بما فيها خفض مؤسسة النقد نسبة الاحتياط الإلزامي للمصارف، والتصريحات الأخيرة، خصوصاً الصادرة من المجلس الاقتصادي الأعلى ومجلس الوزراء، طمأنت السوق والمواطنين إلى حد كبير". وأضاف:"بما أن وضع الفوائض المالية ممتاز للغاية بعد ارتفاع أسعار النفط في السنوات السابقة، ونظراً لأن قطاع موظفي الحكومة كبير ولا يُستهان به، فلن تعاني المصارف السعودية أي انخفاض في مستوى سداد قروضها السابقة لهذا القطاع المهم والكبير، إضافة إلى أن الفوائض أسهمت في سداد الحكومة كثيراً من ديونها المحلية، ما يجعل الحكومة في وضع مريح جداً من ناحية السيولة والملاءة، وقادرة على ضخ مبالغ كبيرة في حال الحاجة". ولفت العصيمي إلى أرباح المصارف، خصوصاً الربع الثالث، جيدة و"هي الدليل القاطع على سلامة الوضع الربحي لغالبية المصارف". وعن الوضع في سوق الأسهم السعودية، قال:"إن هذه السوق لها طبيعة خاصة، وهي من أشد الأسواق تأثراً مباشراً بالأزمات، بل بالإشاعات. لكنها لا تعكس بالضرورة وضع الأسس المحورية لاقتصاد السعودية". وأكد رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية الدكتور محمد محمود شمس ان لا خطورة على الاقتصاد السعودي من الأزمة وقال"ان المؤسسات المالية السعودية لم تتورط بأزمة الرهن العقاري الأميركي، او في شراء المشتقات المالية العالية المخاطر، إلى جانب أن لدى المملكة احتياطاً نقدياً ضخماً من العملات الصعبة تستطيع من خلاله تغطية أي نقص في السيولة المالية في المؤسسات المالية". وحذّر المودعين من سحب أموالهم من المصارف وقال:"إن أكبر مصيبة تواجه اقتصاد أية دولة مهما كبر أو صغر هي الإصابة بالذعر المالي واللجوء إلى سحب الودائع الأمر الذي يجفف مصادر تمويل المشاريع الاقتصادية ويدفع الاقتصاد الوطني إلى ركود حاد وارتفاع كبير في البطالة، وإفلاس الشركات والمصارف وبالتالي فإن الخاسر الأول هو المجتمع بجميع فئاته". وفيما لم يستبعد الدكتور شمس تأثر الاقتصاد السعودي بالأزمة المالية العالمية، أكد أن تأثيرها لن يكون بالدرجة التي يصورها به بعضهم. وقال:"إن الركود الاقتصادي العالمي يعني انخفاض الطلب على السلع والخدمات ومنها النفط، وهو المغذي الرئيسي لإيرادات الموازنة السعودية الذي يمول المشاريع الحكومية، الأمر الذي يقلص هذه الإيرادات وما يتبعها من برامج اقتصادية واجتماعية، وسياسات خفض معدل البطالة، ورفع المستوى المعيشي للمواطن. وشدد على أن السعودية تستطيع من خلال ما تمتلكه من احتياط ضخم من العملات الصعبة أن تتجاوز تداعيات هذه الأزمة إلى حد كبير، بل رأى أن هذه الأزمة سيكون لها تأثير إيجابي سيلمسه المواطن والمقيم، ويكمن في انخفاض معدلات التضخم". ورأى المحلل الاقتصادي عبدالوهاب سعيد أبو داهش، أن استقرار النفط عند السعر العادل له وهو 60 دولاراً للبرميل، كاف لمحافظة السعودية على استدامة النمو الاقتصادي، كما أن خسارة أسعار البتروكيماويات نصف قيمتها لن يؤثر كثيراً في الصناعة نفسها، لامتلاك السعودية الميزة التنافسية في صناعة البتروكيماويات التي تتميز برخص الكلفة، ما يجعلها قادرة على المنافسة بقوة. وأكد أن تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة الذي قد يتباطأ في الوقت الحالي بسبب الأزمة سيعاود التدفق متى عاد الاستقرار إلى الأسواق المالية العالمية الذي يعتقد بأنه لن يطول،"كون القطاع المصرفي والصناديق الحكومية تتميز بملاءة مالية عالية قادرة على تلبية حاجات التمويل لسنوات مقبلة". وزاد أن التوقعات تشير إلى مواصلة موازنة الحكومة على توازنها مع وجود فوائض مالية قادرة على إبقاء زخم الإنفاق الحكومي توسعياً، ما يجعلنا نطمئن إلى استمرار تدفق السيولة التي ستسهم في محافظة الاقتصاد المحلي على نموه المطرد.