لا يستطيع البيروتيون إلا أن يضحكوا أمام إجراءات غير مجدية لتنقية الهواء في مدينتهم. هنا لا يكتفي المرء بإعلانات الجدار الملونة وبتحديد منطقة معينة، كما في مدينة فرانكفورت، تبلغ نصف مساحة المدينة. قامت بيروت بواجبها في شكل شبه كامل في ما يخص الغاز المنبعث من السيارات، ولم يعد مسموحاً استخدام المركبات التي تعتمد على الديزل حتى وإن كانت تحتوي مصفاة للهواء. لا تزال مدينة المصارف الألمانية متأخرة في هذا المجال، ومطلع الشهر المقبل يبدأ العمل بما يسمى المنطقة البيئية، وسيسمح فقط بدخول السيارات التي تصدر أقل نسبة غاز ملوث إلى هذه المنطقة من المدينة داخل دائرة الأوتوسترادات بعد ان حددت إدارة المدينة أنواع الملوثات. ويمنع النوع الأول من الدخول الى المدينة ويشمل المركبات القديمة التي لا تحتوي على"كاتاليزاتور"وتشكل نحو 5 في المئة من السيارات. ولا تحوي المنطقة البيئية أقساماً واسعة من فرانكفورت، لذلك واجه هذا الإجراء انتقادات من مجموعات بيئية مستقلة ومن المعارضة في برلمان المدينة. إلا أن إدارة المدينة تأمل في تقليص تركز جزيئيات الغبار fine dust في الهواء في شكل جذري، بعد تجاوزها الحدود التي وضعها الاتحاد الأوروبي مرات عدة. وفي حين بات مسموحاً لسيارات الديزل الجديدة التنقل في فرانكفورت، إلا أن المرء في بيروت يشم البنزين فقط. حتى تحت غطاء المحرك في سيارات التاكسي الكثيرة والهرمة، لا يُسمع سوى صوت همهمة محرك البنزين. أما محركات الديزل فمسموحة فقط وفي شكل استثنائي في الباصات والشاحنات. والطريف في الموضوع أنه وعلى رغم المعالجة الراديكالية هذه، فإن جودة الهواء في مدينة المليوني نسمة لا تزال دون المستوى المطلوب. ويمكن القول أن رائحة كريهة تفوح بين الأبنية وهي من دون شك نابعة من ماسورة العادم"إشبمان"على رغم أن كثيراً من السيارات تبدو جديدة، بيد أن معظمها نزع منها"الكتاليزاتور". وحقيقة أن هواء فرانكفورت ليس أفضل بكثير من بيروت، والجو الرطب والحار في"غلاّية"سهل نهر"الراين-ماين"في منتصف الصيف مشابه تماماً لجو المدينة المطلة على البحر المتوسط. ولا يوجد في بيروت أي بديل عن استعمال السيارة، هناك باصات للنقل العام إلا أنه لا يمكن الاعتماد عليها، ولا توجد وسائل نقل للمسافات القريبة كالمترو أو الترمواي. كما لا يرى المرء سائقي دراجات هوائية. وفي بيروت، يمكن رؤية السيارات الجديدة، كما الجاهزة لأن تكون خردة. ومن المفيد أن يزور السياسيون الألمان بيروت خصوصاً انهم يحبذون المنافسة الحرة وتسهيل إعطاء إجازات قيادة سيارات الأجرة، لأن حرية المنافسة أدت إلى عدم أخذ الجودة في الاعتبار. لا لون موحداً أو تسعيرة معينة لسيارات الأجرة في هذه المدينة المتوسطية الصاخبة. فعلى ما يبدو أن الأهم في شوارع بيروت أمران: سيارة تعمل على البنزين وبوق يعمل في شكل جيد. * صحافي في جريدة"فرانكفورتر روندشو"الألمانية، والنص ثاني المساهمات التي تنشرها الجريدة و"الحياة"في إطار برنامج"كلوز أب"للتبادل الصحافي بالاتفاق مع المعهد الثقافي الألماني غوته. تشارك في البرنامج صحف ألمانية وأخرى من افريقيا والشرق الأوسط، على مدى أسابيع، لتغطية شؤون سياسية وثقافية واجتماعية.