لقي المرسوم الذي اصدره امس، الرئيس السوري بشار الأسد بإقامة علاقات ديبلوماسية مع لبنان وفتح سفارة سورية في بيروت، ردود فعل مرحبة لبنانياً ودولياً من دون ان يخلو بعضها من تحفظات. وابدى الرئيس اللبناني ميشال سليمان ارتياحه للمرسوم، وتمنى ان"يكون القرار فاتحة لإعادة صفحة العلاقات المشرقة بين البلدين الشقيقين على شتى المستويات وفي مختلف المجالات". واعلن وزير الخارجية فوزي صلوخ انه سيزور اليوم دمشق، حيث سيتم توقيع بيان مشترك بين وزارتي الخارجية في البلدين، إيذاناً بدخول مرحلة العلاقات الديبلوماسية. وعقد صلوخ مؤتمراً صحافياً أعلن فيه عن زيارته الى سورية، واعتبر الخطوة ستكون"مؤشراً الى مرحلة متجددة على صعيد العلاقات اللبنانية - السورية، تسودها الاخوة والتعاون لأجل تكريس علاقات مميزة بين البلدين تلبي آمال الشعبين الشقيقين وتطلعاتهما". واوضح أن الزيارة ستتطرق"الى مختلف الامور ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، سواء تلك المتعلقة بالعلاقات الثنائية او الاقليمية". وامل ان يتم فتح السفارتين"من الآن الى نهاية العام الحالي". وقال:"نحن من جهتنا نقول في مطلع سنة 2009 يكون للجمهورية اللبنانية سفارة في الدولة العربية الشقيقة الجمهورية العربية السورية، وكذلك سيكون لسورية سفارة في لبنان". ولفت الى ان تسمية السفير تتم"في سرية تامة كي تجري الموافقة عليه من الدولة المضيفة، وكذلك الامر بالنسبة الى الشقيقة سورية". ورأى رئيس"اللقاء الديموقراطي"النيابي وليد جنبلاط في المرسوم"تطوراً ايجابياً يندرج في اطار الترجمة العملية للتعهدات التي قطعها الأسد الى نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي خلال زيارته دمشق مطلع أيلول سبتمبر الماضي". ودعا جنبلاط في حديث الى"إلاذاعة البريطانية"بي بي سي، الى"انتظار استكمال الجانب السوري الإيفاء بتعهداته عبر ترسيم الحدود مع لبنان تمهيداً لاستعادة مزارع شبعا ووضعها تحت السيادة اللبنانية". ورأى وزير العدل ابراهيم نجار، في تعليق لإذاعة"مونت كارلو"، ان المرسوم"يثير ارتياحاً كبيراً على المستوى السياسي لكونه يضع حداً لتساؤلات عدة ويفتح صفحة جديدة في العلاقات السيادية بين لبنان وسورية ويجعل من الندية التي أصر عليها الرئيس اللبناني ميشال سليمان في خطاب القسم واقعاً قائماً أثمرت مفاعيله القانونية والدستورية". وميز نجار"بين العلاقات الديبلوماسية بحد ذاتها وهي علاقات اعتراف متبادل ترسخ الاعتراف السوري بالسيادة اللبنانية الكاملة وبالاستقلال الناجز بعد عشرات السنين من التساؤلات والتحليلات والمغالطات، وبين إشكالية الإبقاء على المجلس الأعلى اللبناني - السوري وموضوع إعادة النظر بمعاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق بين لبنان وسورية والاتفاقات العديدة التي نتجت عنها". واعتبر النائب مصباح الاحدب المرسوم"امراً ممتازاً"، وأكد التمسك"بالامور الاخرى التي تتطلب معالجة مناسبة لتنقية العلاقات بين البلدين، مثل اعادة ترسيم الحدود والبحث في ملف المفقودين والمعتقلين وغيرها من المواضيع، لأنه لا يمكن تنقية هذه العلاقات في حين ان عدداً من المسائل لا يزال عالقاً". وقال النائب سمير فرنجية من قوى 14 آذار:"انه يوم تاريخي للبنان، للمرة الاولى هناك خطوة سورية تؤشر بوضوح الى طي صفحة الماضي وهذا انتصار لجميع اللبنانيين وأيضاً مدخل لتصحيح العلاقة، وهذا المطلب قديم وأول من تقدم به هو المرحوم والدي حميد فرنجية في عام 1947 مباشرة بعد الانتهاء من المفاوضات على جلاء القوات الفرنسية من لبنان وسورية". ورأى ان"انطلاقاً من هذا الانجاز يمكن البحث عن تسوية تاريخية ما بين لبنان وسورية". ورأى عضو كتلة"الوفاء للمقاومة"النيابية حسن حب الله ل"وكالة الانباء المركزية"ان القرار"قديم، ونعتبر ان العلاقات بين البلدين حميمة ويربط بين الشعبين علاقات تاريخية، وتالياً هذا الامر طبيعي ان يتم التبادل الديبلوماسي وأن تتعزز العلاقة". ورحب النائب علي خريس من كتلة"التنمية والتحرير"النيابية بالمرسوم وقال:"يجب بناء علاقة سليمة ومتينة ومميزة بين لبنان وسورية، والكل يعلم أن الحوار الذي دعا إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري عام 2006 حصل خلاله اتفاق على إقامة علاقة ديبلوماسية بين لبنان وسورية، وجاء المرسوم الذي وقعه الرئيس الاسد اليوم ليتوج هذا الاتفاق الذي نؤيده ونرحب به". مواقف دولية وعبرت باريس عن ارتياحها لإعلان السلطات السورية عن المرسوم واعتبرت ذلك بمثابة"مؤشر ايجابي". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية اريك شوفاليه:"نهنئ انفسنا لإصدار هذا المرسوم ولا يسعنا الا ان نكون مرتاحين لهذا الاجراء المتفق عليه خلال القمة الثلاثية التي عقدت في باريس في تموز يوليو الماضي". وذكر شوفاليه بأن تبادل العلاقات الديبلوماسية اللبنانية ? السورية"منصوص عليه ايضاً في اتفاق الدوحة"، ولفت الى ان المرسوم"ينبغي بالطبع ان يطبق ولكن مجرد صدوره يندرج في اطار منظور صيانة استقرار المنطقة". ورحّبت بريطانيا بالمرسوم السوري واعتبرته"خطوة إيجابية". وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية باري مارستون:"عندما يدخل هذا الإعلان حيز التنفيذ سيكون خطوة مهمة جداً في تاريخ العلاقات الثنائية بين سورية ولبنان، لكننا نلاحظ أنه يفتقد إلى التفاصيل مثل أسماء السفراء والتاريخ المحدد لتنفيذه". وقال مارستون:"بريطانيا ظلت طوال السنوات الماضية تدعو إلى اقامة علاقات ديبلوماسية بين دمشقوبيروت، كما ذكّر وزير الخارجية ديفيد ميليباند نظيره السوري وليد المعلم بهذه القضية وأهمية تنفيذها في شكل كامل خلال اللقاء الذي جمعهما اخيراً في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة". ولفت الى ان وزير الخارجية السوري وليد المعلم"سيزور لندن في 27 الجاري في إطار الحوار الثنائي المستمر مع سورية منذ نحو سنتين ويجري مباحثات مع ميليباند". ورحبت الحكومة الألمانية بالخطوة السورية واعتبرتها"مظهراً للعلاقات الطبيعية بين البلدين". وقال المتحدث باسم الخارجية ينس بلوتنر رداً على سؤال ل"الحياة":"إذا تأكدت الأخبار الآتية من دمشق نرحب بهذه الخطوة التي طالبنا بها منذ زمن لتكون تأكيداً لاستقلالية الدولة اللبنانية". وأضاف أن تبادل العلاقات الديبلوماسية"سيساهم في تطبيع الوضع في المنطقة أيضاً"، معرباً عن أمل حكومته"في أن تترجم دمشق الإعلان على أرض الواقع قريباً". وعن استمرار الانتشار العسكري السوري على الحدود الشمالية مع لبنان، قال بلوتنر إن حكومته التي فتحت حواراً مع دمشق منذ مدة،"تبحث مع الجانب السوري مسائل عدة محددة بخطوط حمر بينها العلاقة مع لبنان". وأضاف أنه"في حال تأكد وجود عدد كبير من الجنود السوريين على الحدود الشمالية مع لبنان، وأن الأمر لا يتعلق بمنع التهريب كما يقول الجانب السوري، سيكون القلق عندها مشروعاً". وأردف:"نحن تحدثنا بهذا الخصوص مع الحكومة السورية".