قال مصدر في منظمة التحرير الفلسطينية ل"الحياة"ان الجيش اللبناني"تقدم في شكل بطيء داخل مخيم نهر البارد وسيطر على عدد من مواقع"فتح الاسلام"، لكن تقدمه فعال إذ يسمح بحصر وتطويق المسلحين، خصوصاً من الجهة الشمالية الشرقية للمخيم، ما دفع بمعظم أولئك المسلحين الى التراجع، نتيجة القصف العنيف والمركز الذي تعرضوا له، نحو المنطقة الشرقية - الجنوبية من المخيم حيث المدنيون الباقون في المخيم والذين تفيد الاحصاءات التي أجريناها ان عددهم يناهز ال4800 من السكان". وأضاف المصدر:"حركة"فتح"، بالتعاون مع سائر الفصائل في منظمة التحرير الفلسطينية أقامت جداراً أمنياً، عبر الحراسات ومقاتلي الفصائل عند الجهة الشرقية - الجنوبية من المخيم لمنع مسلحي"فتح الاسلام"من التراجع للاحتماء في تلك المنطقة، وكي لا يتسببوا بالأذى للمدنيين الباقين في المخيم نتيجة اضطرار الجيش للرد عليهم". وأوضح المصدر في منظمة التحرير ل"الحياة"ان"من خلال اتصالاتنا المتواصلة مع المخيم يمكن القول ان القوة القتالية لعناصر"فتح الاسلام"تراجعت الى عشرات المقاتلين الأساسيين والمدربين بعدما كانوا بالمئات، إذ ان الكثيرين منهم فروا ورموا السلاح فيما بقي آخرون لكنهم ليسوا بفعالية المقاتلين المدربين جيداً، كل ذلك نتيجة هجمات الجيش عليهم وعملية حصرهم وتطويقهم. والخسائر المؤكدة لديهم هي على الاقل 17 قتيلاً من مقاتليهم الاشداء وعشرات الجرحى الذين تصعب عليهم معالجتهم. وهم يتحصنون ضمن مثلث مواقع مؤسسة صامد والتعاونية والخان، وهي المناطق التي يقصفها الجيش في شكل مركز وفيها تقع الابنية التي يتم انزالها على الارض". وتابع:"هذا لا يمنع القول ان وضع المدنيين صعب جداً في المخيم وهناك اصابات في صفوفهم، مع ان الاحساس العام هو ان مقاتلي"فتح الاسلام"يتجهون الى الانهيار". ويبدو ان تكتيك الجيش يقوم على حصرهم في المربع الشمالي - الغربي للمخيم الواقع لجهة البحر بحيث يصبح امكان تدمير مواقعهم اكثر سهولة لأنهم يكونون في هذه الحال تحت مرمى الجيش أكثر، خصوصاً ان الاخير يستخدم القصف المتحرك ضدهم وان فوج المغاوير يبلي بلاء حسناً ضدهم في الاقتحامات التي نفذها وفي صد محاولاتهم التسلل الى مواقعه. وأشار المصدر نفسه الى ان قيادة المنظمة في لبنان عينها على المخيمات الأخرى ايضاً وهي بعد ان اكدت عبر تصريحات مدير مكتبها في بيروت عباس زكي التغطية الكاملة لعملية الجيش وعبر البيان الصادر عن المنظمة وفصائلها في هذا الصدد، تقوم بالتنسيق مع الجيش لمواجهة أي احتمال لأي تحرك أمني في المخيمات الاخرى ? خصوصاً في مخيم عين الحلوة ? التي تشهد استنفاراً عالياً لمقاتلي حركة"فتح"التي يتزعمها الرئيس محمود عباس وللمنظمات الحليفة من اجل الحؤول دون أي عمل أمني، كرد فعل على اقتحام مخيم نهر البارد، ضد الجيش. وأكد المصدر ان قيادة المنظمة و"فتح"أبلغتا التنظيمات الفلسطينية الاسلامية في مخيم عين الحلوة ان أي تعرض أمني للجيش من أجل مشاغلته سترد عليه"فتح"باطلاق النار في سرعة على المتسبب به، كائناً من كان ولن تسمح بفتح معركة مع الجيش في مناطق أخرى خصوصاً عين الحلوة. وأوضح المصدر في المنظمة ل"الحياة"ان قيادتها في لبنان مهتمة بعمليات الاغاثة المطلوبة بكثافة للنازحين من نهر البارد الى مخيم البداوي في الشمال، وعينها على التحريض السياسي الذي تمارسه فصائل قوى التحالف الفلسطيني المعارضة لقيادة المنظمة والتي تضم حركة"حماس"والفصائل الحليفة لسورية للمدنيين الفلسطينيين وسط الاحتقان الشعبي احتجاجاً على الخسائر في صفوفهم والتهجير الذي تعرضوا له، والتي تسعى الى دفع هؤلاء الى التظاهر ضد الجيش والحكومة اللبنانية. وأشار المصدر الى ان قيادة المنظمة تتبع سياسة المرونة والتشدد مع أوضاع المخيمات الاخرى للحؤول دون ما يربك الحكومة والجيش ولضبط الوضع خصوصاً في مخيمات الجنوب، لأنها لا تريد للوضع المتفجر في غزة بين"فتح"و"حماس"ان ينتقل الى مخيمات لبنان،"ولهذا لم يكن سهلاً ان يتدرج موقفنا الى مستوى تغطية العملية التي يقوم بها الجيش". ورأى المصدر نفسه ان قوى التحالف الفلسطيني، وبعض القوى اللبنانية سعت الى استغلال موضوع تعرض المدنيين، وموضوع نازحي مخيم نهر البارد وتبين انه تم بث اشاعات بين هؤلاء بأنهم لن يتمكنوا من العودة الى نهر البارد بعد انتهاء المعارك، لأن منازلهم ستدمر ولأن المخيم سيتحول الى ثكنة كبيرة للجيش وان حكومة لبنان ستستقدم قوات أميركية الى الاراضي اللبنانية وستجعل أرض المخيم قاعدة لهذه القوات الاميركية. وأكد المصدر في المنظمة ل"الحياة"ان زيارة عباس زكي الى مخيم البداوي قبل يومين أدت الى توضيح كل هذه الامور إذ نقل اليهم تأكيدات من رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ان كل نازح من المخيم سيعود الى منزله، وأبلغهم تطمينات بأن لا صحة لكل هذه الاشاعات ونقل اليهم ومن عدد من الدول المانحة انه ستتم اعادة إعمار الابنية التي تهدمت نتيجة العمليات العسكرية. كما شرح للنازحين الابعاد السياسية لما يحصل وخطر"فتح الاسلام"على المخيمات والمدنيين في حال بقيت وتوسّعت. ما ساهم في تغيير المزاج الشعبي العام على رغم استمرار حملات التحريض، لكن الاستنفار من"فتح"لاحباط أي تأثير في الحس الشعبي العفوي ما زال قائماً. ورأى المصدر ضرورة نجاح الجيش في حسم المعركة في سرعة لتفادي المزيد من الاستغلال من أطراف تريد إرباك الساحة والتأثير في موقف جمهور المخيمات.