القيادة تهنئ رئيس جمهورية الأرجنتين بذكرى استقلال بلاده    التنمية الاجتماعية بالمدينة تحتفي باليوم الدولي للتعاونيات    200 طالب وطالبة في تعليم الطائف يواصلون اكتسابهم للمهارات والمعارف في الإجازة    زيادة بنسبة 121% في عدد العمليات الجراحية في تجمع الأحساء الصحي    مستشفى الأمير محمد بن عبدالعزيز ينهي معاناة مريضة سبعينية من فقدان البصر    انطلاق معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب.    ولي العهد السعودي ووزير الدفاع يلتقيان وزير الخارجية الإيراني في جدة    الذهب قرب أدنى مستوى له في أسبوع    استشهاد 16 فلسطينيًا في قصف على قطاع غزة    المؤسسة العامة للري: موافقة مجلس الوزراء على تنظيم المؤسسة تُجسّد اهتمام القيادة وتُعدّ نقلة نوعية في مسيرتها    "الضمان": مراجعة طبية مجانية للمستفيد خلال 14 يوماً    34 % زيادة سجلات الذكاء الاصطناعي    في ثاني مواجهات نصف نهائي كأس العالم للأندية.. قمة مرتقبة تجمع ريال مدريد مع باريس سان جيرمان    تغطية إعلامية غير مسبوقة من قلب الرياض| كأس العالم للرياضات الإلكترونية يبث إلى 140 دولة حول العالم    الهلال يبهر العالم    11 مليون"تبليغ" إلكتروني لأطراف القضايا في 2025    إقرار تنظيم المؤسسة العامة للري.. مجلس الوزراء: الموافقة على نظام تملك غير السعوديين للعقار    عمليات أمنية ب 4 مناطق تستهدف "تجار السموم"    25 مليون مسافر عبر مطار المؤسس خلال نصف عام    وصفت بأنها الأقسى منذ اندلاع حرب أوكرانيا.. أوروبا تستعد لفرض حزمة عقوبات على روسيا    عباقرة سعوديون ينافسون 90 دولة في أولمبياد الكيمياء    القراءة والغرور    فن الحديث في النقاط الملتهبة داخل الأقسام العلمية    وسط صمت دولي وتمسك الدبيبة بالسلطة.. تحركات لتشكيل حكومة ليبية جديدة    خسائر بشرية وبيئية وتحذيرات دولية.. هجوم حوثي يضرب الملاحة الدولية قبالة الحديدة    دراسات حديثة: الكركديه ليس آمناً للجميع    لقاء "حديث الإعلاميين" بجازان يستضيف المعشي ومهاب    نائب أمير الرياض يستقبل السفير البريطاني    مذكرة تفاهم تجمع جمعية حوكمة الذكاء الاصطناعي وجمعية الذكاء الاصطناعي للأشياء بالكويت    الحباك الذهبي.. مهندس الأعشاش    الذكاء الاصطناعي بين الأغنياء والفقراء    خالد بن سلمان وعراقجي يبحثان تطورات الأوضاع في المنطقة    فهد بن سلطان يثمن دعم القيادة للقطاع الصحي    «الريزن».. حرفة تحاكي حائل ومعالمها    فيصل بن مشعل: الرس تحظى بمشروعات تنموية وخدمية    إطلاق مبادرة "إثراء قاصدينا عِزُّ لمنسوبينا"    فهد بن محمد يقلّد مدير «شرطة الخرج» رتبته الجديدة    هلال مكة الأحمر: تقديم 30 ألف ساعة تطوعية    «الشورى» يطالب بمعالجة تأخر تصريح إقامة الجمع وتعيين الأئمة    مستشفى الملك فهد الجامعي يدشّن "صوت المستفيد"    أخضر السلة يدشن البطولة الخليجية بفوز كبير على الإمارات    أخضر الناشئات يواصل استعداداته في معسكر البوسنة استعداداً لتصفيات آسيا    ولي العهد يلتقي وزير خارجية إيران    أمير جازان ونائبه يتفقدان عددًا من المشروعات التنموية والسياحية بمحافظة الريث    نائب أمير مكة يستقبل نائب وزير الحج    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم الحملة الترشيدية لاستهلاك المياه    أمير منطقة جازان يلتقي مشايخ وأهالي محافظة الريث    بلدية محافظة أبانات توقع عقدًا لصيانة الإسفلت بأكثر من 3 ملايين ريال    أكثر من 88 ألف مستفيد من خدمات "المودة" خلال النصف الأول من العام 2025    أمير تبوك يطلع على التقرير الاحصائي لمديرية مكافحة المخدرات بالمنطقة    التطبير" سياسة إعادة إنتاج الهوية الطائفية وإهدار كرامة الانسان    الجراحات النسائية التجميلية (3)    لسان المدير بين التوجيه والتجريح.. أثر الشخصية القيادية في بيئة العمل    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التسلطية القطرية ومحاولاتها التحديثية
نشر في الحياة يوم 01 - 03 - 2007

بدخولنا القرن الحادي والعشرين , هذا القرن الذي يوصف بأنه قرن السرعة والعصرنة والانفتاح على الآخر المختلف عنا كلياً , لا يزال تيار واسع من أنصار الحركة القومية العربية يتشبث بمعطيات الأمس البعيد , رغم الهزائم والإخفاقات المتكررة التي مني بها تيار الحركة في ستينيات القرن الماضي , الإخفاق الأكبر تجلى بالفشل في تحقيق المشروع النهضوي المتمثل بالوحدة , الذي جسدته الحركة في أدبياتها , وذلك بدءاً من الأفراد والجماعات وصولاً إلى الأحزاب السياسية التي دارت وبقيت تدور حتى الآن في فلكها, ما أعطى الحركة الحافز القوي لتبني أطروحة الدولة القطرية بشكل حتمي , لصد هياكل المجتمع المدني الخارجة عن جملة الإخفاقات , والمتماشية مع شروط الحاضر وآفاقه المستقبلية , فالقطرية هي الفعل العكسي المباشر لهذا المجتمع المتشكل حديثاً, ونتيجة ذلك تمكنت القطرية من سحق بناه ودعائمه التقليدية المتمثلة بالديموقراطية وحقوق الإنسان .
بالرغم أن بذور اليقظة العربية بزغت شمسها من عقول رجالات الفكر القومي , فلم يكتب لها النجاح بسبب تعارضها مع تعاليم السلطة الدينية التي حكم بها سلاطين الإمبراطورية العثمانية آنذاك, ووأدها لأي معطى فكري جديد لا يتواءم مع طبيعة حكمها السائد , المتجه نحو تتريك الدول الخاضعة , ومع ذلك استمر هذا الخيط الرفيع من الفكر النهضوي المستمد من واقع الفكر الليبرالي الغربي خلال القرن التاسع عشر .
مع بداية القرن العشرين أصبح هذا الفكر الأصيل يتيماً , بعد أن قضى رجالاته الأوائل نحبهم , ولأنّ الأجيال التي أعقبت رحيلهم فشلت في احتضان نتاجهم الفكري , بل عملت على وضعه في الاتجاه المعاكس للمسار التاريخي , وسارت به حسب ما أملته النزوات الشخصية , وأرضعته من واقع إيديولوجيتها المحلية القائمة على تقاليد العائلة والطائفة والعشيرة , بحيث جعلت منه حركة قومية متنافرة مع ذاتها والمحيط , تجمع وتفصل بين عروبتها الانتمائية وإسلامها , حسب الظروف التي تمر بها .
إنّ الخلط بين الديني المستخرج من رحم الماضي , والعلماني المستحضر من حاضر الغرب , بلور مفهوم القطرية التي ظهرت بعيد الحرب العالمية الثانية كشرط أساسي لزم عن عملية تقسيم الجغرافيا العربية إلى مجموعة كيانات سياسية هجينة, استخدمت ما تبقى من الفكر القومي في معركة استحواذ السلطة والاستئثار بها, إثر رحيل المستعمر الأجنبي , المطب الأول الذي وقعت به هذه الكيانات العربية أنها تناست أصول الفكر الأولى , المبنية على قيام الدولة القومية الديموقراطية , ذات الطبيعة البرجوازية كما هو عليه الحال في أوروبا الرأسمالية بعد انطلاق الثورة الصناعية .
فالجمع بين السلطة وفكرة القومية , نتج عنه أيديولوجيا حركية , ناقضت نفسها كما ناقضت خصمها اللدود الحركات الإسلامية من ناحية عدائها المستفحل للمطامع والمشاريع التوسعية الغربية , واعتبارها الغرب الخلفية التي تستمد منها علمانيتها وحداثتها من ناحية أخرى .
لطالما أحاطت الحركة القومية نفسها بغطاء أيديولوجي تقليدي ماضوي , فإن الدولة القومية التي أرادت لها أن تبصر النور , لم تبصره على حقيقة واقعها المتدهور سياسياً واقتصادياً , إنما أبصرته وفق رؤية أيديولوجية راهنة على حداثتها , من هنا يتضح تقهقر أغلب الحركات القومية في تحديث دويلاتها القطرية , لتجاهلها عنصري الديموقراطية والحداثة السياسية بالمفهوم الغربي الصرف , المنضوي على المواطنة في المقام الأول إلى جانب الإقرار بحرية الفرد ومشاركته في بناء المؤسسات الدستورية التمثيلية , التحديث الذي حرصت الدول القطرية على إدخاله , هو التكريس لواقع بيروقراطية الدولة , فاسحةً بذلك المجال أمام تسلطها واستعلاءها القطري , برفضيتها المطلقة للجدل والنقاش .
وترافق مع هذا التسلط , احتكار القطرية لصياغة العملية السياسية وطرائق إنتاجها , الأمر الذي أحدث شرخاً هائلاً , أدى إلى انفصال الدولة عن المجتمع , ترتب عنه اشتداد ساعد حركات الإسلام السياسي , ورفضها التام لمبدأ التسلط , ومن ثم الدخول معها في صدامات مفتوحة إلى ما لا نهاية .
* كاتب سوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.