سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أطلق في طنجة مشروعه لقيام "اتحاد متوسطي" ونجح في إبرام صفقات فرنسية مع المغرب بقيمة 3 بلايين يورو ساركوزي : الحكم الذاتي للصحراء أساس للتفاوض عن "حل معقول"
أشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، في اليوم الثاني لزيارته للمغرب، بخطة الرباط لحل قضية الصحراء الغربية على أساس منح الإقليم حكماً ذاتياً موسعاً، واعتبرها جدية وذات صدقية. وأعلن توقيع اتفاقات بين شركات فرنسية والمغرب بقيمة ثلاثة بلايين يورو، بينها بروتوكول تعاون نووي سلمي. وقال ساركوزي في خطاب ألقاه أمس في البرلمان المغربي خلال زيارة الدولة التي يقوم بها للمملكة:"إن خطة الحكم الذاتي للصحراء التي عرضتها المملكة المغربية هي جدية وذات صدقية كأساس للتفاوض". وأضاف:"بالنسبة إلى فرنسا، هذا حل سياسي عبر التفاوض واتفاق الطرفين بإشراف الأممالمتحدة يتيح حل صراع طال أمده". وزاد إن خطة الحكم الذاتي المغربية مطروحة على الطاولة وتمثل اقتراحاً جديداً بعد سنوات من المراوحة في المأزق. وتمنى أن تكون الخطة"أساساً للتفاوض من أجل البحث عن حل معقول". وتقدم ساركوزي في خطابه أمس في الرباط بعرض لقيام"شراكة حقيقية"مع المغرب تكون"متساوية ومتوازنة". وأشاد بمسيرة الإصلاح المغربية والتعددية الثقافية في البلاد، مشيراً تحديداً إلى"انشاء المعهد الملكي لثقافة الأمازيغية". وأوضح أن الشراكة الجديدة التي جاء يعرضها ترتكز على مشاريع استراتيجية وبنيوية لمستقبل البلدين. وقال، في هذا الصدد، إن الطاقة النووية المدنية هي طاقة المستقبل ولا يجب حصرها في الدول الأكثر تطوراً طالما أن المعاهدات الدولية الخاصة بهذه الطاقة يتم احترامها. وأضاف:"أقول ذلك للقول لإيران إن التعاون معها ممكن في هذا المجال، وإننا لسنا محكومين بالمواجهة مع هذا البلد. وأعني أيضاً أن تطور الجنوب الضفة الجنوبية للمتوسط يمر عن طريق حصوله على الطاقة النووية"السلمية. ورحب بشراكة مغربية - فرنسية لبناء شبكة نووية مدنية تتناسب مع احتياجات المغرب إلى التطور. وفي هذا الإطار، وقع بروتوكول اتفاق بين الشركة الفرنسية المتخصصة في انتاج الطاقة النووية"اريفا"والمكتب الشريفي للفوسفات لاستخراج اليورانيوم من اسيد الفوسفات المغربي. وقال مصدر مغربي ان"العاهل المغربي والرئيس الفرنسي سيناقشان تعاوناً في المجال النووي المدني لأن المغرب يدرس امكان الطلب من فرنسا بناء محطة نووية لانتاج الطاقة الكهربائية". وعن موضوع الهجرة، قال ساركوزي في خطابه أمام البرلمان المغربي:"أنوي مواصلة هذه الورشة الكبيرة في ظل الرئاسة الفرنسية للاتحاد الأوروبي في النصف الثاني من العام 2008 عبر تنظيم مؤتمر أوروبي - أفريقي ثان على غرار مؤتمر الرباط"في تموز يوليو 2006 الذي قال انه"فتح الباب أمام حقبة جديدة في تاريخ حركات الهجرة". وأشار الى الاستثمار الضخم الذي قامت به شركة"رينو"للسيارات في المغرب، وهو أضخم استثمار لها في افريقيا. ورأى أن إنشاء خط القطار السريع، الأول من نوعه في العالم العربي، في المغرب بتقنية فرنسية ودعم مالي فرنسي يظهر لمستثمري العالم أن اقتصاداً حديثاً وفاعلاً ونشطاً"ينتظرهم في الأطلسي"، في إشارة إلى خط السكة الحديد المتوقع أن يربط طنجة بالدار البيضاء على سواحل المحيط الأطلسي. وتطرق ساركوزي إلى التطرف والإرهاب وقال إنهما أولاً نتيجة الجهل والخوف من الآخر. وقال إن الإسلام نشأ كعامل سلام ومصالحة وانفتاح. وأشاد بانفتاح المغرب على تعددية الأديان، قائلاً إن علماء الدين والائمة في المغرب تدربوا في معهد يعلم تاريخ اليهود والمسيحيين واللغات والعلوم الاجتماعية الحديثة، وقال إن"فرنسا هي اليوم البلد حيث يوجد فيه أكبر عدد من المسلمين. فالإسلام جزء من فرنسا، لذا قدّمت للإسلام في فرنسا وسائل لتحويله إلى إسلام فرنسا. وفي هذا الإطار، حصل تقدم كبير مع انشاء المجلس الفرنسي للدين الإسلامي ومؤسسة أعمال إسلام فرنسا وتدريب الأئمة". وعبر عن سروره بكون وزيرة العدل الفرنسية رشيدة داتي التي رافقته في هذه الزيارة، فرنسية من أصل مغربي، وقال:"من المهم جداً أن يحتل مسلمو فرنسا مواقع مهمة في الحكومة الفرنسية". وقال إن"فرنسا تؤيد المغرب في رغبته في الحصول على وضع متقدم مع الاتحاد الأوروبي". ونقلت وكالة"رويترز"عن مصدر ديبلوماسي فرنسي بأن منح المغرب صفة"وضع متقدم"سيؤدي الى توثيق الحوار الاستراتيجي وسيمنحه عضوية في بعض الهيئات الأوروبية. وأعلن ساركوزي أ ف ب ان فرنسا وقعت عقوداً مع المغرب بقيمة ثلاثة بلايين يورو. وقال"إنها زيارة دولة ممتازة وتم خلالها الدفاع في شكل جيد عن مصالح فرنسا. لقد وقعنا بالأمس الإثنين عقوداً بقيمة ثلاثة بلايين دولار مع جلالة الملك"محمد السادس. وأهم هذه العقود هو العقد الخاص بخط القطار السريع تي جي في بين طنجة والدار البيضاء والمقدر ببليوني يورو سيعود نصفها بالخصوص الى ثلاث مؤسسات فرنسية هي"الستوم"والشركة الوطنية للسكك الحديد الفرنسية و"شبكة السكك الحديد الفرنسية"التي ستتولى توفير العربات وتجهيزات السكة. ووقعت شركة"الستوم"أيضاً عقدين آخرين مهمين بقيمة 274 مليون يورو. وستزود بموجبهما بداية من 2010 المغرب ب20 قاطرة كما ستجهز محطة كهربائية في شمال شرقي المغرب. وعلاوة على ذلك ستبيع فرنسا المغرب فرقاطة متعددة الاستخدامات من نوع"فريم". وبحسب الصحف المغربية فإن قيمة هذه الصفقة تبلغ 500 مليون يورو. كما تقرر خلال زيارة ساركوزي أن تتولى فرنسا تحديث 25 مروحية من نوع"بوما"و140 عربة للجيش المغربي. كما ستزود فرنسا المغرب بنظام لمراقبة الحدود. ورداً على سؤال عن عزم المغرب اقتناء مقاتلات قاذفة أميركية من طراز"أف - 16"بدل"رافال"الفرنسية، علّق ساركوزي"لم تكن هناك نجاحات فقط"خلال الزيارة. وسألت"الحياة"الرئيس الفرنسي بعد انتهائه من القاء خطابه أمام البرلمان المغربي عما إذا كانت فرنسا تنوي القيام بوساطة بين الرباط والجزائر، فأجاب:"لا حاجة إلى وساطة. قلت إن هناك خطة مغربية جدية وجيدة للتفاوض، وأنا أتابع هذه المسألة منذ زمن طويل. فقد قمت بزيارة العيون كبرى حواضر الصحراء عام 1991 عندما كانت قلة من الفرنسيين تزور هذه المنطقة البعيدة في الصحراء. وأنا أرى أنه ينبغي أن تتكلل جهود المغرب بنجاح في هذا الملف". الاتحاد المتوسطي وانتقل ساركوزي بعد ظهر أمس إلى طنجة وشرح، في خطاب القاه في هذه المدينة التي تضم ميناء ضخماً، مشروعه لقيام اتحاد متوسطي سينطلق بقمة لرؤساء الدول المتوسطية تعقد في حزيران يونيو 2008، إما في مرسيليا أو باريس. وشرح مصدر معني بالتحضير لهذا المشروع ل"الحياة"أنه يقوم عملياً على مشاريع تعاون محددة بين دول حوض المتوسط، وان إنطلاقة الاتحاد ستكون عبر مشاريع كبرى مثل انشاء وكالة للمياة ووكالة لحماية الشاطئ ونظام لتعزيز نظافة البحر المتوسط وتعزيز التبادل الطلابي وربما انشاء معهد جامعي للمتوسط. وأوضح المصدر أن تمويل هذه المشاريع سيأتي إما عن طريق قروض من البنك الأوروبي أو البنك الدولي أو من خلال تمويلات ثنائية، لكنه لن يكون من تمويلات اضافية من الاتحاد الأوروبي. وكان ساركوزي الذي وصل أول من أمس إلى مراكشجنوب عقد لقاء مساء الإثنين مع العاهل المغربي محمد السادس، لكنه ألغى لقاء مبرمجاً مع رئيس الحكومة عباس الفاسي بحجة ارهاق صحي. إلا ان مصادر مطلعة في المغرب لاحظت ان الرئيس ساركوزي بدا مرهقاً من المشاكل في حياته الشخصية طلاقه من زوجته سيسيليا، وقد أمضى عشاء اليوم الأول من زيارته للمغرب في مطعم في مراكش برفقة ابنيه الشابين اللذين رافقاه في زيارة الدولة.