رأى المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى في لبنان أن "استمرار الازمة السياسية سيؤدي إلى انهيار الوطن على كل الصعد". وتوقف المجلس خلال اجتماعه أمس برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني أمام"استمرار الأزمة السياسية التي تعرقل عمل المؤسسات الدستورية وتعطل مسيرة الدولة وتنعكس سلباً على الوحدة الوطنية"، وأمام"استمرار الاعتصامات في وسط بيروت التجاري، الأمر الذي يربك العمل السياسي ويلحق بالاقتصاد الوطني أضراراً وخسائر لم يعد يقوى على تحملها ولا يجوز استمرارها". وقال المفتي قباني في مستهل الجلسة:"نستقبل الأسبوع المقبل سنة هجرية جديدة، وكلنا أمل بأن تكون سنة مباركة، سائلين الله أن يعمَّ الوفاق والخير على العرب والمسلمين عامة، وعلى اللبنانيين بخاصة وأن ينعموا بالاستقرار والأمان، متطلعين إلى أن يعود اللبنانيون للتلاقي بعضهم مع بعض متحابين ومتعاونين ليعود لبنان النموذج بوفاقه وأمانه واستقراره وازدهاره". وبعد مناقشة الأوضاع، أصدر المجلس بياناً ألقاه عضو المجلس رئيس المحاكم الشرعية السنية العليا الشيخ عبداللطيف دريان، رأى فيه أن"الأزمة السياسية الراهنة أنهكت الشعب اللبناني اقتصادياً ومعيشياً، واستمرارها سيؤدي إلى انهيار الوطن على جميع الأصعدة، وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم في ما يتعلَّق بحاضر لبنان ومستقبله في الانسحاب من الشارع بعد انقضاء شهر ونيف من دون الوصول إلى أي نتيجة سوى تعطيل الحياة اليومية وشل الاقتصاد اللبناني، والعودة إلى العمل السياسي الطبيعي من خلال المؤسسات الدستورية في البلاد". وحذر المجلس من"أخطار التصعيد السلبي بأشكاله كافة خصوصاً بعد أن تأكد ألا حل في الشارع وأن السلبية لا تؤدي إلا إلى المزيد من السلبية وأن الحوار والتفاهم المسؤول هما المدخل الشرعي والوحيد للتوصل إلى التفاهم الوطني المنشود، والتأكيد على التمسك بأهداب الوحدة الوطنية والوحدة الإسلامية والخطاب السياسي العاقل". وثمن المجلس"دور الحكومة ورئيسها الأستاذ فؤاد السنيورة وجهودهما لحل الأزمة الاقتصادية"، مؤكداً"أهمية البرنامج الاقتصادي الذي أعدته الحكومة اللبنانية تمهيداً لمؤتمر باريس-3 الذي يعلق عليه لبنان آمالاً كبيرة من أجل تجنب المزيد من التدهور الاقتصادي والمزيد من التداعيات الاجتماعية والمعيشية المترتبة على ذلك، ولإعادة النهوض بالاقتصاد الوطني وتجديد الصدقية الدولية بلبنان ومستقبله". ودعا اللبنانيين جميعاً إلى"الترفع عن خلافاتهم المحلية وللعمل يداً واحدة وتوفير عوامل النجاح الضرورية لهذا المؤتمر الذي يشكل فرصة ذهبية للانطلاق من جديد في عملية إعادة البناء والإعمار". ونوه ب"مبادرة جامعة الدول العربية والمساعي العربية والاسلامية خصوصاً الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، والتي تعكس الحرص على وحدة لبنان واستقراره وأمنه"، داعياً القوى السياسة الوطنية المختلفة الى"التجاوب معها للتوصل إلى حلول ترضي الأطراف كافة وتحقق المصلحة الوطنية العليا، ويتمنى المجلس على الامين العام لجامعة الدول العربية متابعة جهوده ومساعيه الخيرة". وأكد المجلس تطلعه واللبنانيين كافة الى"كشف حقيقة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وإعطاء المحكمة ذات الطابع الدولي الخاص وضعها النهائي، وأن كل ما يتعلق بهذه الحقيقة ليس معروضاً للمساومة أو للتفاوض أو للتنازل عنه". وأعرب المجلس عن قلقه ل"التعرض للجيش اللبناني ومراكزه العسكرية"، منوهاً ب"الدور الوطني الذي يقوم به ومؤسسات الدولة اللبنانية العسكرية كافة في حفظ الأمن والنظام وترسيخ الاستقرار في البلاد". واستنكر المجلس"افتراءات إحدى وسائل الإعلام"، مشدداً على أن "أسلوب المس بأي مقام ديني مسلم أو مسيحي يهدف إلى إحداث إرباك في الصف اللبناني وبث الفتنة فيه وهو أسلوب يجمع اللبنانيون على إدانته رفضه".