في العام المنصرم، حلت الصين محل الولاياتالمتحدة في المركز الأول في الشراكة التجارية مع اليابان. وبلغت الصادرات اليابانية الى الصين 13 في المئة من جملة الواردات الصينية في 2006، بعدما كانت ثلاثة في المئة قبل عقد من الزمن. وبلغت الاستثمارات اليابانية في الصين رقماً قياسياً، في 2005، هو 6.5 بليون دولار. وعلى رغم هذا التكامل الاقتصادي، لا تزال الحرب الصينية - اليابانية 1937 - 1945 ترخي بثقلها على العلاقات الديبلوماسية بين البلدين. والحق أن تربة الخلافات الصينية - اليابانية التاريخية الخصبة تُغذي التنافس الجغرافي - سياسي بين اليابانوالصين، وتعزز السباق على بسط النفوذ على مصادر الطاقة، وتنفخ في المآخذ التاريخية. فعلى سبيل المثال، عمّت تظاهرات احتجاج صاخبة شوارع بكين على أثر صدور كتاب مدرسي ياباني يقلل أهمية أعمال العنف اليابانيةبالصين. والتوتر الديبلوماسي يستأنف مع زيارة رئيس الوزراء الياباني أضرحة مجرمي حرب يابانيين. وترفض الصين حيازة اليابان عضوية دائمة في مجلس الامن. فهي لم تغفر لليابانيين تعدياتهم وانتهاكاتهم السابقة، وتشدد على ضرورة تحمل اليابان المسؤولية التاريخية. وتسعى الصين الى دور ريادي في جوارها الآسيوي، فتدور الدول الآسيوية، تالياً، في فلكها. وتستمد بكين نفوذها، وهي تفتقر الى شرعية سياسية بعد انتهاء الحرب الباردة، من قوتها الاقتصادية. ولا شك في ان اليابان ترفض تحول الصين الى قطب النفوذ في آسيا. فعلى رغم قوة قطاعات اقتصادها المالية والتجارية والصناعية، نأت اليابان بنفسها عن ساحة السياسة الدولية طويلاً. وهي تريد، اليوم، العودة الى هذه الساحة. وتدعو طوكيو الى إنشاء"آسيا 16"او مجموعة الست عشرة الآسيوية، وهي سوق اقتصادية أكبر من الاتحاد الأوروبي، وفيها ربع ثروات العالم الطبيعية. وانتقلت ساحة التنافس بين اليابانوالصين الى إفريقيا. فالصين الطامعة في المواد الأولية الافريقية توطد علاقاتها الاقتصادية بالدول الافريقية. وترى اليابان أن النفوذ الصيني بإفريقيا يهددها. وعليه، سارع رئيس الوزراء الياباني الى زيارة إفريقيا بعد انتهاء جولة نظيره الصيني فيها. ولا تقتصر مكانة إفريقيا على غناها بالطاقة والمواد الأولية. فاليابان تأخذ في حسبانها دور الدول الأفريقية الراجح في تأييد عضويتها الدائمة في مجلس أمن الاممالمتحدة. ولكن رجال الاعمال يترددون في تبني تصدي اليابان الى الريادة في السياسة الدولية. فمن شأن هذه الريادة توتير العلاقات السياسية مع دول الجوار، وعرقلة الاستثمارات اليابانية في الصين وسواها. تالياً، وعلى رغم طلائع تحسن العلاقات الصينية - اليابانية، تدرك اليابان أن إحكام الصين قبضتها الحديدية على دول الجوار الآسيوي، تترتب عليه خسارتها صدارتها الاقتصادية. عن سيكستين ليون - دوفور، "لوفيغارو" الفرنسية ، 27/6/2006