تواصلت أمس التداعيات السياسية لبث محطة"المؤسسة اللبنانية للإرسال"ال بي سي حلقة من برنامج"بس مات وطن"تناولت فيها الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصر الله وتبعتها احتجاجات رافقتها أعمال شغب. ولم ينجح في استيعابها الاجتماع الذي عقد في دار الفتوى بين مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني ونائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، ولا البيان الصادر عنهما والمعبر عن رفضهما"التجريح غير المبرر بشخص نصر الله الذي يجمع اللبنانيون على احترامه"ولردود الفعل وما اتسمت به"من تطاول على كرامات ومشاعر المواطنين ومن اعتداء على الممتلكات العامة والخاصة". راجع ص8 كما ان زيارة وفد من"حزب الله"لدار الفتوى لم تخفف من وطأة التصريحات التي رمت بثقلها على المشهد السياسي في ضوء عدم وضوح الصورة السياسية لما ستكون عليه جلسة الحوار الوطني الخميس، وفي ظل انعدام التضامن الوزاري بين أعضاء الحكومة وتحديداً بين وزراء الأكثرية في البرلمان وزميليهما في"حزب الله"محمد فنيش وطراد حمادة، رغم ان الأخيرين لم يدخلا طرفاً في السجال السياسي، لكن قياديين في الحزب صعدوا امس من حملتهم على من سموهم"الآخرين"في إشارة الى قوى"14 آذار". وتجاوزت المواقف التي صدرت عن قياديين في الحزب الذي يزور وفد منه البطريرك الماروني نصر الله صفير اليوم ردود الفعل التي حصلت في الضاحية الجنوبية ومناطق عدة من بيروت احتجاجاً على تناول شخص نصر الله الى الموقف من الحكومة. وهذا ما عكسه بصراحة رئيس كتلة"الوفاء للمقاومة"النائب محمد رعد بقوله ان"لبنان المحصن ضد المخاطر لا تبنيه سياسة إثارة البغضاء والتمييز والتسلط الفئوي وتعطيل مؤسسات البلد لمصلحة فئة جاءت في ظرف استثنائي وتوهمت ان لبنان يمكن ان يكون مزرعة لها في سياساتها الغوغائية المرتجلة"، فيما اتهم رئيس المجلس التنفيذي في الحزب السيد هاشم صفي الدين وزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت بالتقصير الأمني والإعلامي وإثارة الغرائز والنعرات الطائفية. وإذ غمز رعد من قناة"الآخرين"، في إشارة الى قوى"14 آذار"، متهماً إياهم بأنهم"يمنحون العدو الأميركي - الصهيوني الفرصة من اجل ان يقلب الطاولة على الجميع بغية ضرب المقاومة وتطويقها". قال في المقابل رئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط في أول تعليق له على ما حصل ليل الخميس الماضي ان"ثقافة الألقاب خطرة على مجتمعنا ورأينا بالأمس، كيف انه من خلال رسم كاريكاتوري لشخص يملك صفة دينية، لكن هو سياسي، انطلق الشغب في البلد"، مؤكداً"ان هناك من، باسم احادية المقاومة، يملون شروطاً علينا"، ومشيراً الى انه سيتحدث عنها بهدوء على طاولة الحوار"ولن أفصح عما سأقوله في جلسة الحوار". وفي هذا السياق أكدت مصادر سياسية ل"الحياة"ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري كان قد نشط منذ ليل الخميس الماضي ولا يزال في اتجاه جميع الأطراف المعنيين وخصوصاً"حزب الله"لتهدئة الوضع ومعالجة الأمور الخلافية بهدوء وبعيداً من التجاذبات السياسية مبدياً عدم ارتياحه الى ردود الفعل على برنامج"بس مات وطن"، رافضاً في الوقت نفسه التعرض لنصر الله، ومفضلاً ان يكون الاحتجاج من خلال الاعتصام وفي إطار القانون. إلا ان تحرك بري لم يلجم تصاعد ردود الفعل خصوصاً من كبار المسؤولين في"حزب الله"، في ظل معلومات توافرت ليل امس من مصادر مقربة منه بأنه مستمر في حملته على وزيري الإعلام غازي العريضي والداخلية بالوكالة احمد فتفت، مع استبعاد تحييد رئيس الحكومة فؤاد السنيورة عن هذه الحملة. وعلى هذا الصعيد، سألت مصادر وزارية عن أسباب تصعيد الحملة على قوى"14 آذار"ومن خلالها على الحكومة تارة تحت عنوان ما قاله الوزير فتفت من انه لا يستطيع الدفاع عمن هم في خصومة سياسية معه، وأخرى بذريعة دفاع الوزير العريضي عن معد البرنامج شربل خليل. وقالت ان ما يلفت الانتباه من خلال المواقف الصادرة عن"حزب الله"، هو ان الأخير بدأ يتصرف وكأن الحكومة ساقطة سياسياً وأن استمرارها يعود الى عدم سقوطها قانونياً أي استقالتها رسمياً. واستغربت المصادر استمرار"حزب الله"في الغمز من قناة رئيس الحكومة من زاوية انه لم يبادر في اليوم التالي أي بعد ليل الخميس الى دعوة مجلس الأمن المركزي الى الانعقاد لتحديد حقيقة ما حصل. وأوضح السنيورة ل"الحياة"انه لم يدع المجلس الى الانعقاد بهدف التخفيف من وطأة ما حصل وقطع الطريق على التوتير السياسي سائلاً:"ماذا كان سيعمل المجلس لو دعوناه، وأنا أعالج المشكلة بهدوء وطول البال والاتصال المباشر بالأطراف المعنيين". كما سأل:"أين قصّرت الحكومة حتى تبادر الى التصحيح وهل المطلوب ان تكون طرفاً في السجال أم ترك الأمر للتحقيق الذي فتح لتحديد المسؤوليات؟". ونوهت المصادر ايضاً بالجهد الذي قام به بري ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري وقيادات في الحزب لكنها سألت:"هل من الجائز استمرار الأخير في محاكمته قوى 14 آذار على النيات واتهامها بطريقة غير مباشرة بضلوعها في مؤامرة لضرب المقاومة، فقط لأنها احتجت على الاعتداءات على كرامات الناس والممتلكات العامة والخاصة وكأن المطلوب منها السكوت حيال ما حصل... علماً ان جر البلد الى حال من الفوضى سيتضرر منه الجميع وعلى رأسهم المقاومة". وبالعودة الى استئناف الحوار الخميس المقبل، يبدو ان جو الصيف السياسي سيكون حاراً ليس لأن البند الخاص بالاستراتيجية الدفاعية للبنان سيدرج على بساط البحث وللاستماع الى ردود المؤتمرين على المداخلة التي كان أدلى بها في هذا الشأن نصر الله في الجولة الأخيرة فحسب وإنما لتداخلها هذه المرة مع إطلاق الصواريخ المجهولة الأحد الماضي من الجنوب باتجاه صفد في فلسطينالمحتلة، والاعتداء الذي استهدف الجيش اللبناني في بلدة ينطا في البقاع الغربي على يد عناصر فلسطينية تابعة ل"فتح - الانتفاضة"وأدى الى استشهاد أحد عناصر الجيش. وأخيراً، يبقى السؤال الى اين تتجه العلاقة بين قوى"14 آذار"و"حزب الله"، وهل ينجح بري في ضبط إيقاع الجلسة الحوارية أم ان الأمور ستقترب من حافة الهاوية من دون ان يجرؤ أحد على الإسراع في إنجاز أوراق الطلاق السياسي في خروجه من الحكومة في ظل الإصرار الدولي والعربي على مواصلة الحوار؟