سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرّج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    عسير.. وجهة سياحة أولى للسعوديين والمقيمين    "الغذاء " تعلق تعيين جهة تقويم مطابقة لعدم التزامها بالأنظمة    الثلاثاء المقبل.. رفع نسبة استقطاع التقاعد للموظفين الجدد    الخارجية الإيرانية: منشآتنا النووية تعرضت لأضرار جسيمة    تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك    غروسي: عودة المفتشين لمنشآت إيران النووية ضرورية    في جولة الحسم الأخيرة بدور المجموعات لمونديال الأندية.. الهلال يسعى للتأهل أمام باتشوكا    في ربع نهائي الكأس الذهبية.. الأخضر يواصل تحضيراته لمواجهة نظيره المكسيكي    النصر يفسخ عقد مدربه الإيطالي بيولي    أسرة الزواوي تستقبل التعازي في فقيدتهم مريم    بحضور مسؤولين وقناصل.. آل عيد وآل الشاعر يحتفلون بعقد قران سلمان    طقس حار و غبار على معظم مناطق المملكة    الجوازات: جاهزية تامة لاستقبال المعتمرين    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    ما يسوي بصلة… مع الاعتذار للبصل    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    "التخصصات الصحية": إعلان نتائج برامج البورد السعودي    مؤتمر صحفي يكشف ملامح نسخة تحدي البقاء لأيتام المملكة    الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين تنهي استبدال كسوة الكعبة    «الظبي الجفول».. رمز الصحراء وملهم الشعراء    الإبداع السعودي يتجلى في «سيلفريدجز» بلندن    الهلال يصل ناشفيل وكوليبالي يحذر باتشوكا    اعتماد روزنامة الموسم الرياضي لرابطة الهواة    رخصة القيادة وأهميتها    أوكرانيا: 19 قتيلاً في ضربات روسية.. ومساعدات هولندية لصناعة المسيرات    المملكة حضور دولي ودبلوماسية مؤثرة    توقيف قائد «داعش» في لبنان    صوت الحكمة    صيف المملكة 2025.. نهضة ثقافية في كل زاوية    بكين تحذّر من تصاعد توترات التجارة العالمية    مهندس الرؤية وطموحات تعانق السماء    مرور العام    جبر الخواطر.. عطاءٌ خفيّ وأثرٌ لا يُنسى    القطاع غير الربحي في رؤية 2030    الجوعى يقتلون في غزة.. 94 شهيداً    دورتموند يكسب أولسان ويتصدر مجموعته بمونديال الأندية    «الشورى» يطالب بخفض تذاكر طيران كبار السن والمرابطين    نائب أمير منطقة مكة يستقبل القنصل البريطاني    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الصحة بالمنطقة والمدير التنفيذي لهيئة الصحة العامة بالقطاع الشمالي    وزير البلديات والإسكان يتفقد مشاريع استثمارية نوعية في الشرقية    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    رئيس جامعة أم القرى يترأس الجلسة العاشرة لمجلس الجامعة للعام الجامعي 1446ه    بنفيكا يكسب البايرن ويتأهلان لثمن نهائي مونديال الأندية    النفط يتراجع بعد يوم من التصعيد وإنهاء الحرب    أمير الجوف يبحث تحديات المشروعات والخدمات    أقوى كاميرا تكتشف الكون    انحسار السحب يهدد المناخ    الجوز.. حبة واحدة تحمي قلبك    الميتوكوندريا مفتاح علاج الورم الميلانيني    استشارية: 40% من حالات تأخر الإنجاب سببها الزوج    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المحبة وحدها لا تكفي في تنشئة الأولاد
نشر في الحياة يوم 22 - 12 - 2010

تشرح المحللة النفسية كلود هلموس الأسباب التي تؤكد نظريتها وتعطي مفاتيح تساعد على تغيير الطرائق التقليدية في التربية بما فيه خير الأهل والأطفال.
سعيد شاب لبناني عاش في كنف أسرة تتألف من ثلاثة أولاد وأم وأب، تسودها العلاقات الحميمة والأحاسيس القوية التي تفرض على الأولاد التزامات كبيرة ومسؤوليات مادية ومعنوية تجاه الأهل.
تزوّج سعيد ولم تتقبل أمه الأمر الواقع، فظلت ترغب في أن تملي عليه تصرفاته، بل توسعت دائرة التسلط لتطال الزوجة والأحفاد. وبدأ الصراع يتفاقم عندما تمرّد الشاب وزوجته على الوضع القائم وحاولا إفهامها أن لهم حياتهما ومواقفهما الخاصة بهما.
لكن ما يظهر أن كل الحبّ والمعاملة المميزة التي خصّ بها الوالدان ابنهما كانت مقدمة لضمان"مَن سيُؤمّن آخرتهما".
وإذ اتفق الابن مع شقيقاته على المشاركة في تأمين مصاريف الأهل رفضت الأم:"أنت الرجل وأنت من سيتولى أمرنا، أخواتك لم يعدن لنا أنت لنا وحدك"، هذه هي العبارات التي استعملتها الأم ووافقها الأب وهزّ رأسه مؤيداً".
معظم الآباء يعتقدون أن اظهار عاطفة جيّاشة يكفي أولادهم ويساعدهم على النمو في شكل صحيح وسليم ذلك لأنهم يتأثرون بأفكار المجتمع من حولهم، وبخاصة تلك التي تتعلق بعلاقات الأهل مع الاولاد وتسودها محبة وحنان لا مُتناهيين. نسمع دائماً أصداء تقول أن انفصال الوالدين مثلاً سيجعل الطفل في حال أفضل، إذ سيحظى باهتمام الجميع.
هنالك حمل ثقيل يلقى على كاهل الأهل لأن لديهم أحاسيس قوية وجارفة تجاه ولدهم ولا يسعهم إلا التعبير عنها وهذا ما يسيء في أكثر الأحيان الى تربيته.
عندما نقول"محبة"علينا أن نتساءل هل هذا الحب مختلف عن غيره!! نحن نفهم"الحب"على أنه وجه آخر للتعبير عن الأحاسيس. في حين أن الحب تجاه الأطفال هو حب من نوع مختلف.
إن الافكار الشرقية التي تسيطر على عقول الوالدين على رغم التطور الحضاري الحاصل اليوم، تجعل الأهل ينتظرون الكثير من أولادهم ويستغلون عواطفهم لكي يحركوهم كدمى تنفذ أوامرهم وتخضع لرغباتهم.
حبّ الطفل هو حبّ مميز. نعم هو حبّ مميز لأننا نحب شخصاً لا نستطيع أن نمتلكه كلياً. بالأحرى لا نمتلك جسده لأن ذلك من المحرمات وبالتالي لا نمتلك روحه وشخصيته لأنه هو بذاته من يختار اتجاهاته ويكوّن شخصية خاصة به. والأهم من هذا كله اننا نحبه ونبذل حياتنا من أجله كي يتركنا في نهاية المطاف ويشق طريقه بنفسه. وهذه هي كل المفارقات الأساسية بين حبّ أولادنا وحبّ أشخاص راشدين، فنحن لا نتقبل مثلاً هجرة زوجنا أو حبيبنا أو الزوجة أو الحبيبة وهذا الأمر هو بالنسبة إلينا والى المجتمع ككل عمل غير مقبول وغير طبيعي. بينما بالنسبة الى الطفل هو طبيعي جداً، يتطلب طبعاً تقبلاً كبيراً من الأهل وعملاً متواصلاً من أجل ما هو خير لبنيهم.
علينا ألا ننكر أن الحب أمر ضروري وأساسي في علاقة الطفل بذويه. فطفل لم يحظَ بحنان وافر من أبيه أو من أمه يمكن أن يضيّع حياته بكاملها ويبقى يبحث عن تعويض لهذا النقص الكبير.
إذن المحبة الأبوية هي فرض من فروض التربية السليمة.
كيف ذلك؟
عندما تكون المحبة الوالدية فقط تعبيراً عن الأحاسيس ننسى أسس التنشئة. العامل الأساسي في التنشئة هو التربية، فهي التي تجعل الطفل مخلوقاً متحضراً لا تقوده الغرائز والملذات، وذلك يفترض من الأهل رسم حدود لا يمكن تخطيها. وهنا تكمن الصعوبة لأنهم يخشون من معاناة طفلهم ولكن هذه المعاناة ضرورية جداً لنموّه وتربيته في شكل سليم. لدينا انطباع أن الأهل الذين يعطون الكثير من الحب والعاطفة الى أولادهم، يشعرون أنهم حُرموا منها في صغرهم. ومن هذا المنطلق يجب ان يتبعوا تعليمات وإرشادات معينة تساعدهم على بناء شخصية ولدهم، لأن هناك توجهاً معيّناً وتعليمات تخصّ الحياة النفسانية مماثلة لقواعد الحمية على سبيل المثال والتي تخص العالم ومركز اهتمام الجميع. الولد في حاجة الى أن يفصل حياته عن حياة أهله.
منذ الطفولة الأولى نرى أطفالاً يعانون خلال تربيتهم وتنتظرهم المصائب والأهوال التي يمكن تفاديها. هناك فئات عدة من الأهل: فئة المحرومين مادياً طبعاً ولديهم المشاكل نفسها بالاضافة الى حياة البؤس والبطالة والنفي الاجتماعي. وهناك فئة أخرى من الذين لا يحسنون التعامل مع أطفالهم بسبب عقدهم النفسية وثقافتهم الخاطئة عن تربية الأولاد.
ما الحل؟
الحل يكمن في الإكثار من عدد المعالجين النفسيين في المدارس ووضع الأهالي أمام مسؤولياتهم وإرشادهم الى الطريق المستقيم وبالتالي مساعدة الأطفال على حل الأزمات التي يمرون بها في مختلف مراحل حياتهم.
التربية اذاً هي مساعدة الطفل على اكتشاف ميوله واتجهاته وتحقيق رغباته وتكوين شخصيته الفريدة ومساعدته ايضاً على ان يفهم ان تحقيق هذه الرغبات والميول تحده عقبات وممنوعات كثيرة من المجتمع، عليه أن يعرف كيف يزيلها.
علينا أن نرسم حدوداً للطفل لا يسعه تخطيها وذلك مع المحافظة على احترامه ككائن له كرامته. والأهم أنه لا يمكنه الرضوخ للأمر الا اذا شعر بأن من يملي عليه القوانين ويسنّها هو نفسه يخضع لها ويحترمها.
والأطفال الذين لا يلتزمون حدوداً معينة هم أشخاص قلقون، لا يشعرون بالسعادة والرضا طوال حياتهم. وهم ايضاً فريسة أهوائهم، فالطفل يستطيع أن يتخيّل أنه يملك العالم وأن باستطاعته أن يقتل اذا شاء أو يسرق. إذا وجد أهله غير قادرين أن يجعلوه يطيع وبالتالي لا يستطيعون أن يحموه.
في النهاية حب من دون إدخال التربية ليس حبّاً بينما التربية هي الحبّ بحد ذاته بما أنه العمل الوحيد الذي يسمح للطفل أن يصبح راشداً يستطيع تحمل أعباء الدهر وهو يستحق الحياة وجدير بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.