عكست مناسبة عيد العمال في الأول من أيار مايو الخلافات السياسية اللبنانية، على رغم تبريد السجال بعد التوافق في مؤتمر الحوار الوطني على تمديد البحث في مصير رئيس الجمهورية اميل لحود الى 16 الشهر الجاري. وأفرز التشتت السياسي اللبناني، تشتتاً في الحركة النقابية بحكم تعدد الولاءات السياسية فيها، فشهد عيد العمال ثلاثة احتفالات، الأول أقامه الاتحاد العمالي العام برعاية رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحضوره، وإلى جانبه قادة حركة"أمل"و"حزب الله"وحلفائهما من الأحزاب والقوى الحليفة والمؤيدة لسورية، والثاني نظمه الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه النائب وليد جنبلاط، و"جبهة التحرر العمالي"التي تضم تنظيمه النقابي، وحضره عدد من الأحزاب الحليفة له في قوى 14 آذار. أما الاحتفال الثالث فأقامه الحزب الشيوعي اللبناني في مهرجان خطابي أعقب مسيرة له الى وسط بيروت التجاري. وفيما تطرقت المنابر الثلاثة الى الوضع الاقتصادي - الاجتماعي، وشهدت تقارباً في المواقف من بعض نقاط الورقة الإصلاحية التي طرحتها الحكومة للمناقشة، كان رئيس الحكومة فؤاد السنيورة يلتقي في الكويت أميرها الشيخ صباح الأحمد الصباح في زيارة ليوم واحد، حيث أكد ان لا مبادرة كويتية في شأن علاقة لبنان مع سورية. راجع ص6 و7 لكن منابر الأول من أيار فتحت المجال لخطبائها كي يعيدوا تأكيد الاختلاف السياسي، انطلاقاً من نظرة كل منهم الى المعالجات المطلوبة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وفيما هدد رئيس الاتحاد العمالي العام الحكومة بالنزول الى الشارع اذا استمرت على سياستها الضريبية، أقر بري بالحاجة الى حوار بين العمال نتيجة خلافاتهم"كأن المطلوب ان ينقسم الرغيف". اما في شأن الخلافات السياسية فأعلن ان البلد لا يُحكم بالضغط ولا بالعداء للسوريين والفلسطينيين، وأشار الى ان"التنكر للمقاومة"ولما قدمه الجنوب ولبنان كله هو"محاولة لاستدعاء إسرائيل مجدداً الى لبنان". إلا انه جزم بأن مؤتمر الحوار الوطني سيتوصل الى اتفاق على استراتيجية دفاعية حول سلاح المقاومة. وقال بري في تصريح إثر زيارته العلامة السيد محمد حسين فضل الله ان لديه أفكاراً لتنفيذ ما اتفق عليه في الحوار. وعن رأيه بلقاء جنبلاط مع وفد من"الأخوان المسلمين"في سورية اكد:"فلننه وضع بلدنا وكيف تكون علاقته مع سورية قبل ان نجرّب أي أمر آخر، وهذا لمصلحتنا ومصلحة وليد بك". اما مهرجان"الاشتراكي"فشهد هجوماً من وزير الإعلام غازي العريضي، ممثلاً جنبلاط على"عدد من الهيئات النقابية التي تحمل اسم اتحادات عمالية وهي تابعة لأجهزة استخبارات محلية وخارجية". ودعا الى"تحرير"الاتحادات والنقابات والحركة السياسية من"التقييد والتطويع والاستخدام"، مشيراً الى"مكاتب استخدام توظيف تحولت أجهزة استخبارات. وفيما طرح بعض النقابيين في مهرجان"جبهة التحرر العمالي"ملاحظات على برنامج الحكومة الإصلاحي، اكد العريضي ان وزراء حزبه موافقون على كثير من هذه الملاحظات، لكنه اتهم البعض بمحاولة استغلال الأزمة الاقتصادية لمواجهة الحكومة من اجل تصفية حساب. ولمح الى سعي البعض الى"التراجع عما اتفق عليه على طاولة الحوار، لأن لديه التزامات لقوى غير لبنانية". واعتبر ان الهجوم على الحكومة بدأ حين فتحت ملف الضمان الاجتماعي لأنه"تحول مزراب هدر لتمويل حركات سياسية وأحزاب سياسية لتدمير الاقتصاد". وطرح علامات استفهام حول افلاس مستشفيات و"مافيا الفيول أويل في مؤسسة الكهرباء المحمية من مركز القرار الاستخباراتي ? السياسي"وعن"السرقات في وزارة الإعلام". اما الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة فقال في المسيرة الحاشدة التي نظمها مناصروه ان"الحكومة تحاول ان يكون لبنان نموذجاً للانصياع للشروط السياسية والاقتصادية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي". ورأى ان"الاستقلال صوري اذا تجرد عن التغيير الديموقراطي ولا يسعه إلا استبدال رستم ب رستمفيلد"... وما يقال انه صنع في لبنان الحوار لم يصنع فيه". الى ذلك، اصدر"تكتل التغيير والإصلاح"الذي يتزعمه العماد ميشال عون بياناً لمناسبة الأول من ايار، دعا فيه الحكومة الى الاستقالة في أسرع وقت لتأليف حكومة وفاق وطني، متهماً إياها بالتقصير وبقصور رؤيتها الاقتصادية والاجتماعية.