دخلت الأزمة السياسية في الأراضي الفلسطينية امس مرحلة أشد خطورة تنذر بتكريس الانقسام وتقريب شبح الاقتتال الداخلي، وذلك عندما اعلنت حكومة"حماس"بدء عمل القوة الامنية الخاصة، في تحدٍ للرئيس محمود عباس الذي اصدر تعليمات الى الاجهزة الامنية ب"الانتشار في المناطق كافة للقيام بمهامها في مجال حفظ الامن ولمنع اي شخص من القيام بالمهام الملقاة على عاتقها"، في حين اعتبرت"فتح"قرار الحكومة"تصعيداً خطيراً". راجع ص5 ويأتي إعلان الحكومة عقب موجة من التدهور الأمني شهدها قطاع غزة أخيراً وتمثلت بسلسلة اغتيالات ومحاولات اغتيال وتفجيرات واشتباكات متبادلة بين انصار حركتي"حماس"و"فتح"، كان آخرها اغتيال اثنين من كوادر الجناح العسكري ل"حماس"خلال الساعات ال48 الماضية. واتهمت"حماس"جهاز الأمن الوقائي بالوقوف وراء عملية الاغتيال الأولى التي طاولت محمد التتر 25 عاماً ليل الثلثاء - الاربعاء. وقال الناطق باسم الحركة في غزة مشير المصري:"نؤكد أن فرقة الموت التابعة لجهاز الامن الوقائي تعبث بالدم الفلسطيني وأمن المواطن، ونطالب الفصائل ووزارة الداخلية بوضع حد للفتنة والإرباك على حساب دم الشعب". واضاف:"هذا يجري ضمن مخطط مبرمج لإقحام حماس في الحرب الداخلية ولإظهار عجز الحكومة". في المقابل، قالت مصادر امنية في قطاع غزة ان مسلحي"حماس"قتلوا خطأ احد عناصر حركتهم ويدعى بلال ابو قصيعة صباح امس لاعتقادهم انه من حركة"فتح". واستغلت حكومة"حماس"حال التدهور الامني المتزايد وسارعت الى اعلان بدء عمل القوة الامنية الخاصة التي شكلتها اخيراً وقوبلت باعتراض الرئيس عباس. وقال وزير الداخلية سعيد صيام في مؤتمر صحافي في غزة امس:"بصفتي وزيراً للداخلية ومسؤولاً عن الامن الداخلي، أُعلن بدء عمل القوة الامنية التنفيذية التي شُكّلت لحماية امن المواطنين وممتلكاتهم"بسبب"عجز الاجهزة الامنية عن القيام بواجباتها ووجود عصابات تعمل على ارباك الساحة". وعن قرار سابق للرئيس عباس بالغاء هذه القوة، قال صيام:"ان القضية منتهية ومتفق عليها، وهي في اطار القانون وصلاحياتي". واكتفى الرئيس الفلسطيني الموجود في ستراسبورغ بالقول ان انشاء القوة لا يمكن ان يتم من دون موافقته، موضحا انه اتفق مع صيام على"استيعاب اعداد من العناصر تنتمي الى كل الحركات في اجهزة الامن". اما الناطق باسم"فتح"توفيق ابو خوصة فقال لوكالة"فرانس برس":"هذا تصعيد خطير باتجاه الفتنة التي يقودها وزير الداخلية"، معتبراً ان القوة"جزء من المشكلة وليس الحل". واضاف ان افراد القوة الجديدة هم من"كتائب القسام وهي قوة حزبية يراد اعطاؤها شرعية وغطاء لتصفية حسابات قديمة". وفي وقت لاحق، التقى رئيس الوزراء اسماعيل هنية بزعماء"حماس"و"فتح"في محاولة لتهدئة التوتر بين الحركتين. وتتألف القوة الجديدة من نحو ثلاثة آلاف عنصر، غالبيتهم من الجناح العسكري ل"حماس"ومن"لجان المقاومة الشعبية"المؤيدة لها. وقال شهود ان أفرادا من القوة الجديدة انتشروا على طول الطرق الرئيسة، وبعضهم كان ضمن دوريات متحركة. وتقول مصادر متطابقة في غزة ان الحركتين تؤسسان جيشين كبيرين من شأن اي انفجار بينهما ان يؤدي الى اشعال حرب اهلية مدمرة. وتقدّر هذه المصادر حجم القوة العسكرية ل"حماس"في غزة بخمسة آلاف مقاتل في"كتائب القسام"، تدعمها قوة من الجيش الشعبي يصل تعدادها الى 20 ألفاً. اما"فتح"فيصل عدد مجموعاتها العسكرية الى نحو خمسة آلاف عنصر، تدعمها قوة من الأجهزة الأمنية قد يصل تعدادها الى اكثر من 30 ألفاً. في غضون ذلك، أغلق المئات من الموظفين الحكوميين الطريق الرئيسي في رام الله مطالبين بدفع رواتبهم. وتزامنت التظاهرة مع اخرى للعاملين في شركة"جوال"للهاتف المحمول احتجاجاً على تعرض مقرهم الثلثاء لاعتداء مسلحين.