يطلّ المطرب العراقي كاظم الساهر، بعد أيام، على خشبة مسرح"رويال ألبرت هول"في لندن، في حفلة ستسجل نقطة إيجابية جديدة في رصيد الساهر الذي يهدي أمسية، يقدم فيها تشكيلة جميلة من أغانيه، إلى الأطفال العرب. لا شكّ في أن تجربة الساهر الفنية أسهمت إلى حد بعيد، على رغم فوضى الغناء العربي اليوم، في تسجيل موقف فني سياسي أعلنه مطرب العراق في مناسبات عدة. يصعب على من يتابع إطلالاته ألا يستفزّ بهاجس مدينته الذي لا يفارق صورة الساهر. فعلى رغم خصوصية ذلك الرجل في التغزل بالمرأة والغناء لها، من النادر ألا تكون أزقة بغداد حاضرة مع صوت الفنان العربي وأغانيه. قبيل بدء الحرب على العراق، قام الساهر بجولة فنية أميركية، حاول فيها مدّ يد الصداقة إلى شعب بلاد"العم سام"، وإيصال رسالة صادقة حقيقية عن بلاده وأحلام شعبه وطموحاته وواقعه ورغباته. وفي حفلة أخيرة في الدوحة، بعث صاحب"بغداد لا تتألمي"برسائل وتحيات لبلده الذي يعيش ظروفاً سياسية صعبة. وفي حين ينتقد بعضهم رتابة الألحان التي بدأت تدق باب الساهر، بدا أسلوبه الرومانسي في غناء المرأة وحضوره المسرحي الحيوي ينقذانه في جميع حفلاته التي غالباً ما يبقى جمهورها حتى الفجر صاخباً يطالبه بالمزيد. من الفن إلى المرأة كاظم الساهر يعترف اليوم أن أهله ونادي معجبيه في العراق يطلبون منه بإلحاح عدم العودة الآن إلى أرض الوطن:"قالوا لي رجاء لا تعود، نريدك حياً تغنّي العراق في كل مكان". وعن عدم استقراره في بلد واحد، يقول الساهر:"تنفست الحرية وأنا في عمر ال31. كنت محروماً من السفر لذا تراني اليوم دائم الترحال". وأكد الساهر أنه ما زال يبحث عن الحب:"أريد امرأة شرقية تشبه والدتي وأمهاتكم. تعرف كيف تحب، وتمتلك عاطفة جارفة. جرّبت المرأة الغربية لكنها تفتقد كل تلك الخصال". ويبدو أن رغبته الحقيقية في تكوين أسرة مستقرّة هي سبب حبّه وتعلّقه بالأطفال. لذا تراه يقدم، من فترة إلى أخرى، أغنية للصغار، بدءاً من"دلع"إلى"البنية" كلماته وألحانه التي ضمّها ألبومه الأخير"انتهى المشوار"وصورها على طريقة الفيديو كليب مع طفلة قريبة من القلب، داعبها بحنان واضح ومؤثر في الكليب. كاظم الساهر الذي قدم في بداية حفلته الجميلة في مهرجان الدوحة الغنائي السابع، طفلاً عراقياً تبنت موهبته قناة"الجزيرة للأطفال"، غنّى للساهر"صغير وملعّب"، يغني بعد أيام جميع الأطفال العرب في لندن. حفلة"ألبرت هول" بعيداً من حياته الشخصية، سيكون كاظم الساهر الذي يستخدم الأوركسترا التقليدية بدلاً من الآلات الإلكترونية التي يعتمدها الكثيرون اليوم، وينتقل بسهولة بين الأسلوبين الكلاسيكي والشعبي، على موعد مميز مع جمهور لندن في حفلة تقام على خشبة قاعة"رويال ألبرت هول"، عند الساعة الثامنة من مساء يوم الثلثاء 14 آذار مارس المقبل، ليغني باقة من قصائده وأغانيه الفلكلورية والتراث. وستخصص نسبة 50 في المئة من ريع الحفلة إلى عمل خيري، فضلاً عن تخصيص جزء لمساعدة أطفال العراق. ويخصص جزء آخر لمساعدة أطفال عدد من دول الشرق الأوسط التي تعاني من نقص المياه الصحية والنظافة والبنى التحتية الصحية، ومن انتشار الفقر. وأوضحت مؤسسة"ميلكونيان للأيتام"، الراعية للحدث بالتعاون مع"الجمعية العربية الدولية"IAC، أن هدف الحفلة يعود إلى مساعدة هؤلاء الأطفال،"ففي هذه البلاد ترتفع نسبة الوفيات بين الأطفال تحت سن الخامسة عشرة، إضافة إلى الأطفال الذين يموتون بسبب الحرب في العراق وغيره... وسط مقاعد تلك الحفلة، سيجلس علي حسين الذي فقد سبعة من أفراد عائلته وفقد معهم انفه وإحدى عينيه وجزءاً كبيراً من فكه أثناء الحرب في العراق، مع علي احمد الذي فقد أطرافه الأربعة". للحصول على تذاكر الحفلة، يمكن الاتصال بشباك التذاكر في القاعة، على الرقم: 82127589020. يذكر أن الخدمات المستمرة لمؤسسة ميلكونيان تسهم بمساعدة اكثر من 50 ألف طفل على التخلص من الظروف التعيسة التي يعيشون فيها. أما الجمعية العربية الدولية IAC فهي جمعية خيرية أُنشئت عام 1967 بعد حرب الأيام الستة حزيران وكرست عملها للمساعدة على تخفيف ألم المحتاجين، ونشر الوعي الثقافي، ودعم المشاريع والأفراد لمواصلة التحصيل العلمي في بريطانيا والخارج. والجمعية مسجلة في بريطانيا منذ عام 1976، ويمكن زيارة موقعها على الإنترنت www.67iac.com.