عبدالعزيز بن سعود يرعى حفل تخريج 1935 طالبًا من كلية الملك فهد الأمنية    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    حفل خريجي «المنشآت التدريبية» برعاية أمير تبوك.. غداً    عبدالعزيز بن سعد يشهد حفل تخرج جامعة حائل.. غداً    405 مليارات إجمالي إيرادات الربع الأول.. 80 مليار ريال توزيعات أرباح «أرامكو السعودية»    5.6 % نمو "غير النفطية".. ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي    ديوانية الأطباء تكرم البحرينية بثينة عجلان    كبرى شركات النفط تستعد لأوقات عصيبة مع تأثر المنتجين بانخفاض الأسعار    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس وأعضاء «غرفة الأحساء»    السعودية تقود المشهد من حافة الحرب إلى طاولة التهدئة    "اعتدال" و"تليجرام" يزيلان 16 مليون مادة متطرفة في 3 أشهر    بعد 50 عامًا في المدار… سقوط مركبة سوفيتية فاشلة    دبلوماسية الحسم    سياسيون ل«الرياض».. زيارة ترمب تفتح آفاق المستقبل للعلاقات الدبلوماسية    القادسية ل" الثالث".. والرائد إلى" الأولى".. الاتحاد يقترب من " روشن".. والشباب يعبر الأهلي    سورلوث مهاجم أتلتيكو يتفوق على ميسي ورونالدو    تحضيرًا لجولتي الحسم في تصفيات مونديال2026.. الشرقية تجهز الأخضر لمواجهتي البحرين وأستراليا    أسرة الجهني تحتفي بزواج عمّار    احتفال آل برناوي وآل سيامي بعقد قران حمزة    91 % نسبة رضا المستفيدين عن أداء الموظفين بديوان المظالم    «المظالم» يُسجّل قفزة في رضا المستفيدين    عودة «عصابة حمادة وتوتو» بعد 43 عامًا    أمريكية وابنها يحصلان على الماجستير في اليوم نفسه    الهروب إلى الخيال..    بتنظيم من وزارة الشؤون الإسلامية.. اختتام تصفيات أكبر مسابقة قرآنية دولية في البلقان    المملكة تواصل ريادتها الطبية والإنسانية    أبشر.. أكثر من 33 مليون عملية إلكترونية في مارس    العميد على بعد خطوة من التتويج    الاحتلال الإسرائيلي اعتقل 770 طفلًا من الضفة منذ بدء حرب الإبادة    نادي القادسية يتوّج بكأس وزارة الرياضة لكرة الماء    دوليون يستكشفون إرث المملكة الحضاري ونهضتها    «الدرعية لفنون المستقبل» و«سكاتاريلا أسوسياتي» يفتتحان «البصمة الخفيفة»    القادسية يحسم لقب الدوري الممتاز لكرة القدم تحت 17 عامًا    لوران بلان: الاتحاد لا يخشى أحدًا!    جراحة روبوتية لإنقاذ طفل مصاب بفشل كبدي بالرياض    جدة تستضيف بطولتي العالم للبلياردو والماسترز للسنوكر يوليو وأغسطس 2025    22.6 مليون ريال تعويضات عام لانقطاعات الكهرباء    زيلينسكي يرحب بعرض بوتين ويشترط وقفا شاملا للنار    الأمير سعود بن نهار يطلع على الخدمات المقدمة للحجاج في مطار الطائف    الحج بتصريح.. نظام يحفظ الأرواح ويعظم الشعائر    احتفاء باليوم العالمي للمتاحف    بدء فصل الخدمات عن مبان آيلة للسقوط في جدة    سحب سامة تحاصر 160 ألف شخص في منازلهم    السعودية: ندعم حق الدول باستغلال ثرواتها الوطنية    جوازات مطار المدينة تستقبل أولى رحلات الحجاج القادمين من نيجيريا    من أعلام جازان.. اللواء الركن أحمد محمد الفيفي    الانتهاء من تطوير واجهات مبنى بلدية الظهران بطراز الساحل الشرقي    مستشفى الرس ينقذ طفلا تعرض لاختناق قاتل    ‫دعم مستشفى عفيف العام بأجهزة طبية حديثة وكوادر تخصصية    الأمير ناصر بن محمد يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه نائبًا لأمير منطقة جازان بالمرتبة الممتازة    "فرع الإفتاء بعسير"يكرم القصادي و الخرد    جامعة الإمام عبد الرحمن تكرم الفائزين ب"جائزة تاج" للتميز في تطوير التعليم الجامعي    ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 2.0% خلال شهر مارس 2025    سمو ولي العهد يجري اتصالًا هاتفيًا بسمو أمير دولة الكويت    "الشؤون الدينية" تكلف 2000 كادر سعودي لخدمة ضيوف الرحمن.. 120 مبادرة ومسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية للحجاج    انقطاع النفس أثناء النوم يهدد بالزهايمر    تعزيز الأمن الدوائي    «تعليم الرياض» يفتقد «بادي المطيري».. مدير ثانوية الأمير سلطان بن عبدالعزيز    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ألف صدام وصدام
نشر في الحياة يوم 06 - 11 - 2006

تقول دفاتر بغداد ان المشهد عادي جداً. بارد وتنقصه الإثارة. كئيب وهجين ومستورد. وان الحكام الجدد ضعفاء الى درجة الاتكاء على القانون. هذه بغداد فلا تخطئ في الحساب. لا يولد الحاكم هنا في أحضان الدستور. هنا القصر بوابة القبر. لا فسحة بينهما. لا يتعب الحاكم. لا يستقيل لا يتقاعد. لا وقت لديه لتدبيج المذكرات. بالبطش والمكر يفوز الحاكم بالقصر. وبالبطش والمكر يخسره. وليمة الحكم لا تتسع لشركاء، وتكون فيها طاعناً أو مطعوناً.
كاد صدام حسين يبتسم حين لفظ القاضي الحكم. الإعدام شنقاً حتى الموت. الإعدام ليس كائناً غريباً يثير الرعب في نفسه. يمكن القول ان الإعدام كان مهنته وقاموسه في مخاطبة خصومه. يمكن القول انه أخفى دائماً في ثيابه حبلاً ومسدساً. وان السيد اعدام تحول حاجباً في مكتبه. وان حسه العملي لم يتسع لمحاكمات ومرافعات وتقديم دفوعات وأدلة وقرائن. كان الاعدام شريكه ورفيقه. مدير مكتبه. كان عضواً في القيادة القطرية وفي قيادة القوات المسلحة ايضاً. بوطأة الإعدام طهّر الجيش وطهّر الحزب وطهّر الشعب.
كاد صدام حسين يبتسم حين لفظ القاضي الحكم. تأخر الاعدام في الوصول. قال في سره. دائماً كان يتوقع تنفيذ حكم الاعدام به ومن دون اطلاعه مسبقاً على حيثيات الحكم. كان يرى شبح المؤامرة يجول في عيون الأعداء وأحياناً يراه في عيون الرفاق. بالإعدام وحده يمكن مخاطبة من يستعد لإعدامك.
كان يمكن لمشهد البارحة ان يرتدي بُعداً آخر. كما كان جميلاً لو ان المستبد حوكم على أفعاله فيما يعيش العراق في ظل ديموقراطية فعلية. جميل ان يساق الديكتاتور أمام العدالة وان يُسأل عما اقترفت يداه. لكن شيئاً ما كان يعكر الاحتفال. لعله هذا الشعور بأن حكم الاعدام نفذ. بحق العراق قبل ان يُنفذ بحق صدام. وان بعض الذين رقصوا ابتهاجاً بسقوط صدام ارتكبوا ويرتكبون أضعاف ما ارتكب. وان مسؤوليتهم في اغتيال العراق تفوق مسؤولية الاحتلال على رغم فداحة ارتكاباته.
ارتكب صدام ما يبرر صدور الحكم. ترك وجعاً في كل مدينة وقرية ووراء كل نافذة. فتيان آلة القتل أنفسهم وقعوا في شباكها. يستحيل العثور له على أسباب تخفيفية. ان عداء حاكم للولايات المتحدة لا يغسله من جرائمه. ان هجاء جورج بوش لتأكيد براءة صدام حسين يشبه العمل في مطابخ صدام أيام عزه وأوسمته وكوبوناته. ان ربط كرامة الأمة بكرامة حاكم مرتكب عمل يفتقر الى الصدقية والسوية الأخلاقية.
ارتكب صدام داخل العراق وخارجه ما يبرر صدور حكم الإعدام شنقاً حتى الموت. لكن كل محب للعراق يشعر بأن ارتكابات بعض القوى التي ظهرت غداة سقوط التمثال والمستبد تنوف في خطورتها جرائم صدام. الفرز الطائفي والمذهبي. القتل على الهوية. تحويل العراق أرضاً مستباحة من الاحتلال من جهة، ومن وفدوا بحجة مقاومة الاحتلال من جهة أخرى. تفكيك النسيج العراقي واطلاق مشاعر الطلاق. تصديع الوحدة الوطنية والسماح للقوى الاقليمية وعلى رأسها ايران بالتسلل الى داخل المعادلة العراقية. ان التذرع بمقاومة الاحتلال، وهي حق مشروع، لتغطية سياسات فئوية أو طائفية عمل يوازي المشاركة في إعدام العراق.
لا مبرر للاحتفال. إعدام العراق سبق إعدام صدام حسين. ها نحن نشهد تفكك دولة كنا نراهن على أنها ستكون الرافعة والنموذج بفضل ثرواتها الطبيعية والبشرية. لا مبرر للاحتفال لأن عراق ما بعد صدام يبدو أشد خطورة على نفسه وجيرانه من عراق صدام وهو كان بالغ الخطورة. ولا مبرر للاحتفال لأن المرء يخشى أن يولد في كل حي في العراق صدام صغير يحترف الإعدام وأن نفيق ذات يوم على عراق يغص بألف صدام وصدام في شرق أوسط يعوم على الحروب الأهلية والظلام والاستبداد والجثث المجهولة الهوية والترسانات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.