بدأت دول مجلس التعاون الخليجي مناقشات لفرض ضرائب لأول مرة في تاريخها، في ظل متوسطات نمو اقتصادي غير مسبوقة. وتأتي هذه الخطوة وسط مخاوف كبيرة من أن تؤدي الضرائب المزمع فرضها الى تأثيرات سلبية على مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال التي تتمتع، حتى الحين، بقدر أكبر من المرونة والانسيابية والتي كانت سبباً رئيسياً في النهضة التي تشهدها المنطقة. ومن المعلوم أن دول الخليج، وبخاصة الامارات، تقدمت اقتصادياً تحت شعار"بيئة بلا ضرائب"، وهو ما يجعل من ذكر كلمة الضرائب أمراً غير مستساغ لدى رجال الأعمال. وكشفت مصادر مطلعة في تصريحات لپ"الحياة"على هامش"المؤتمر الاقليمي الأول للضرائب"الذي انطلقت فاعلياته في دبي أمس، عن أن دول الخليج تدرس إقرار نظم ضرائبية خاصة بها. ولم تستبعد المصادر فرض ضرائب على الدخل الى جانب ضرائب الاستهلاك التي تدرس الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي فرضها تحت اسم"ضريبة القيمة المضافة"، غير أن المصادر أكدت أن ضريبة الدخل ستقتصر على الشركات فقط ولن تكون هناك ضريبة دخل على الأفراد نظراً لأن هذا النوع من الضرائب يتناقض مع المسيرة الاقتصادية في المنطقة. ونفى خبراء عالميون من أكثر من 20 بلداً يشاركون بالمؤتمر، أن يكون التوجه الى فرض ضرائب في دول الخليج استجابة لضغوط دولية، أو ضمن شروط اتفاقات التجارة الحرة التي يجرى توقيعها بين دول المنطقة والدول الكبرى، مؤكدين أن دول المنطقة في حاجة الى نظام ضرائبي يفسح المجال أمام منتجاتها وشركاتها الكبرى التي بدأت تشق طريقها الى الأسواق العالمية وتضخ استثمارات ضخمة في العديد من بلدان العالم، في الوقت ذاته اعتبروا وضع نظام ضرائبي ضرورة ملحة لاستمرار استقطاب الاستثمارات الأجنبية، حيث ان الشركات التي تأتي الى المنطقة بحاجة لا يمكنها تقديم اعفاء ضريبي لصادرات المنطقة الى دولها مقابل الاعفاء الذي تقدمه دول المنطقة حالياً لها. وكانت شركة"كي بي إم جي"التي نظمت المؤتمر قد أجرت مسحاً للأوضاع الضريبية في منطقة الشرق الأوسط وجنوب آسيا. وقال أحد الشركاء في "كي بي إم جي" والمدير العام لخدمات الضرائب العالمية لافلين هيكي ان نتائج المسح الذي أجري تلقي الضوء على التحديات التي تواجهها الأعمال في المنطقة ككل في ما يتعلق بالتعامل مع القضايا الضريبية، وكيف يمكن التطور على صعيد الضرائب أن يؤثر في شكل كبير على الأعمال. وأكد التقرير الذي وضعته الشركة الحاجة الى تغيير بعض قوانين الضرائب المعمول بها واستبدالها بأخرى تعالج كل قضايا الأعمال في الاقتصاد المعاصر. وكان موضوع افتقار بعض التشريعات الضريبية الحكومية للوضوح الكافي موضع اهتمام كبير من جانب الذين شملهم المسح. واعتبر معظم من شملهم المسح أن ضرائب الشركات هي العامل الأهم في تدعيم فاعلية النظام الضريبي. من جانبه أكد رئيس قطاع الضرائب في"كي بي ام جي"عبدالحميد عطا الله ان دول المنطقة تخسر قيمة الجمارك على الواردات بينما تدفع جمارك على بضائعها التي تتجه الى الأسواق العالمية، كما تخسر قيمة الضرائب في بلادها بينما تدفع شركاتها هناك، وأن هذا الأمر بات مؤثراً مع توسع الشركات الخليجية في انحاء العالم . كما أن الضرائب مصدر مهم للدخل شريطة أن تكون بنسبة بسيطة وأن يكون النظام الضرائبي مرناً وشفافاً، مؤكداً ان لا خوف من تأثير سلبي للضرائب على الاستثمارات لأن الشركات العالمية لا تنظر الى الضريبة بقدر ما تنظر الى بيئة الاستثمار والخدمات التي تحصل عليها. وأرجع الطفرة التي تحققها دول الخليج حالياً الى توفر الخدمات والتسهيلات المشجعة للاستثمار وليس الى عدم وجود ضرائب، وهو ما ينفي المخاوف من تأثيرات سلبية.