أظهرت نتائج استطلاع للرأي أمس، أن غالبية البريطانيين تؤيد قائد جيش البلاد في تأكيده ضرورة سحب القوات البريطانية من العراق قريباً لأن وجودها يزيد الوضع الأمني سوءاً. وكان رئيس أركان الجيش البريطاني ريتشارد دانات أثار عاصفة اعلامية وسياسية الأسبوع الماضي حين انتقد تخطيط ما بعد الغزو الأميركي - البريطاني للعراق. وقال دانات لصحيفة"ديلي ميل"إنه يجب سحب القوات البريطانية"قريباً لأن وجودنا يزيد المشاكل الامنية تفاقماً"في كل من العراق وافغانستان، وبالنسبة الى المصالح البريطانية في أنحاء العالم. وفي استطلاع للرأي أجرته مؤسسة"اي سي ام"بالهاتف لمصلحة صحيفة"صنداي اكسبريس"، أكد 74 في المئة من المستطلعة آراؤهم أنهم يتفقون في الرأي مع دانات. وكانت تصريحاته غير عادية بالنسبة الى مسؤول عسكري بارز ما زال في الخدمة، وضاعفت من أزمة رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بسبب الحرب على العراق. وفي مقابلات لاحقة، نفى دانات أن يكون هناك أي خلاف بينه وبين بلير الذي قال يوم الجمعة الماضي إنه اطّلع على نسخ لمقابلات الجنرال، ويؤيد تصريحاته، مضيفاً أن الاستراتيجية البريطانية هي الانسحاب حين تُنجز المهمة. وأضاف أن"ما يقوله في شأن الرغبة في سحب القوات البريطانية من العراق، هو تحديداً الشيء ذاته الذي نقوله جميعاً". وقال ناطق باسم بلير إن رئيس الوزراء يتمتع بثقة كاملة في الجنرال. وانقسمت آراء المعلقين في شأن ما اذا كانت تصريحات دانات غير ملائمة بالنسبة إلى جنرال ما زال في الخدمة بما يخالف الاعراف السائدة في بريطانيا حيث لا يخوض ضباط الجيش في السياسة. وطالب بعض المعلقين بإقالته، فيما رحب آخرون بحديثه العلني. وقال المراقب السابق للسلام في البوسنة بادي اشداون لقناة"سكاي نيوز"الاخبارية:"كان هذا خرقاً واضحاً للدستور... ما كان يجب أن يقول هذا بالتأكيد". غير أن الاستطلاع الذي نشرته الصحيفة أظهر أن 71 في المئة من المشاركين فيه قالوا إن دانات يجب ألا يُقال بسبب تصريحاته. وفي هذا السياق، اتهم وزير الداخلية السابق ديفيد بلانكيت دانات بأنه يتدخل في الشؤون السياسية على نحو يخالف التقاليد الدستورية. وقال بلانكيت إن تعليقات الجنرال دانات عن الموقف في العراق ومطالبته بانسحاب القوات البريطانية من هناك في سرعة تعتبر أموراً دستورية لم يكن مخولاً الخوض فيها. وحذر الوزير السابق في حديث مع هيئة الاذاعة البريطانية بي بي سي من خطورة تدخل القوات المسلحة البريطانية في النظام الديموقراطي في بريطانيا في أمور من اختصاص الحكومة المنتخبة، ومن بينها اتخاذ قرارات خاصة بأمور عسكرية. واتفق بلانكيت مع عدد من المعلقين الآخرين على أن قائد الجيش البريطاني تخطى حدود عمله بعدما هاجم خطة ما بعد الحرب على العراق ووصفها بأنها كانت ساذجة، واعتباره أن قيام نظام ديموقراطي ليبرالي في العراق قد يكون أمراً مفرطاً في التفاؤل. وأوضحت تعليقات أخرى أن هناك احتمالاً لأن يفقد الجنرال دانات وظيفته، على رغم دعم رئيس الوزراء البريطاني توني بلير له، وتأكيده بأنه يتفق مع كل كلمة ذكرها قائد الجيش البريطاني عن العراق. وفي تطور آخر، نقلت صحيفة"صنداي ميرور"عن وزير رفيع المستوى مطالبته بإقالة الجنرال دانات لأنه تخطى حدود اختصاصاته كقائد للجيش البريطاني. وفي الوقت ذاته، أوضح وزيرا دفاع سابقان في حكومة المحافظين السابقة وهما مالكوم ريفكند ومايكل بورتيلو أن استمرار الجنرال دانات في وظيفته يعتبر أمراً مشكوكاً فيه على رغم اتفاقهما مع كل انتقاداته للحملة العسكرية في العراق.