تمكن ديبلوماسيون مصريون مقيمون في غزة من نزع فتيل الأزمة الفجائية الطارئة التي وقعت بين السلطة الفلسطينية و"حركة المقاومة الاسلامية"حماس بعد أن اعتقلت الشرطة ناشطاً مرموقاً في"كتائب الشهيد عز الدين القسام"الذراع العسكرية للحركة. وأسفرت الجهود التي قام بها الديبلوماسيون العاملون في سفارة مصر لدى السلطة الفلسطينية، عن اقناع قيادة السلطة باطلاق الكادر القسامي، بعد ساعات على اعتقاله. وبذلك تكون مصر أبعدت شبح أول هزة قوية كادت تعصف بحال التهدئة التي توصلت اليها السلطة مع فصائل المقاومة الفلسطينية في حوار القاهرة منتصف كانون الثاني يناير الماضي بجهود مصر ورعايتها. وشارك في هذه الجهود القيادي في حركة"فتح"أحمد حلس، فيما جرت اتصالات مع رئيس المكتب السياسي لحركة"حماس"خالد مشعل لنزع فتيل الأزمة. وكانت الشرطة الفلسطينية اعتقلت الناشط القسامي في شمال مدينة غزة ليل الاثنين - الثلثاء، وقالت انه كان ينوي مع آخرين اطلاق صواريخ على مستوطنات اسرائيلية، خلافاً للتهدئة المعلنة. ونفت مصادر"حماس"ان يكون"القساميون الثلاثة"كانوا ينوون اطلاق صواريخ على المستوطنات. وقالت هذه المصادر ل"الحياة"ان النشطاء الثلاثة هم أعضاء في"وحدة المرابطين"في"كتائب القسام"المكلفة القيام بعمليات رصد ومتابعة واستطلاع في المناطق المتاخمة للمستوطنات اليهودية، وقرب خط الهدنة الفاصل بين اراضي قطاع غزة واراضي عام 1948. واضافت ان النشطاء كانوا يحملون مسدسات فقط، الشرطة استولت عليها ولم تعدها للحركة بعد. وقال الناطق باسم وزارة الداخلية والامن الوطني توفيق ابو خوصة ان ما حدث هو قيام قوة من الشرطة بمحاولة منع افراد"حماس"من اطلاق الصواريخ، وان تنهي الحدث في شكل هادئ، الا ان افراد"حماس"أطلقوا النار على القوة، وهذا ما دعاها الى فرض السيطرة واعتقال احد افراد"حماس"، وضبط بعض الاسلحة ومنصة لاطلاق الصواريخ. وعادت الوزارة لتؤكد ذلك من جديد في بيان أصدرته أمس حصلت"الحياة"على نسخة منه. واعتبرت الوزارة ان ما قام به عناصر"حماس"أمر"يشكل اختراقاً واضحاً لما تم الاتفاق عليه من جانب حركة"حماس". وأشارت الى ما وصفته ب"الاستغلال السيئ لبيوت الله من جانب حركة"حماس"بعد وقوع الحادث، عبر مكبرات الصوت، واستخدام مصطلحات التخوين والتكفير، ومفردات تنم عن ثقافة وتعبئة داخلية سلبية، تشكل خطراً على النسيج الداخلي لشعبنا". وكان ناشطون من الحركة ومسلحون يقدر عددهم بالمئات نزلوا الى الشوارع في أعقاب الحادث وانتشروا حول عدد من المقار الامنية والمقر الرئيس للشرطة الفلسطينية في مدينة غزة، ما أنذر بقرب وقوع اشتباكات وصدامات مسلحة. ووصف مراقبون الحادث، وهو الاول من نوعه بهذا الحجم، بانه اختبار قوة بين السلطة والحركة. فالسلطة التي دأب المسؤولون فيها، بدءاً من الرئيس محمود عباس، وليس انتهاء بوزير الداخلية والامن الوطني نصر يوسف على اطلاق تصريحات تعهدوا فيها بمنع مثل هذه الظواهر ولو بالقوة، كانت تريد من هذا الحادث ان يكون رادعاً لكل الفصائل، بما فيها"حماس". لكن الحركة التي أظهرت، كما يقول المثل،"العين الحمراء"للسلطة من خلال حشد المسلحين وانصارها، ما كانت ترضى ان يبيت كادرها القسامي ولو ليلة واحدة في سجن السلطة، حتى لا يصبح الامر سابقة قد تتكرر مستقبلاً، ويبدو انها كانت على استعداد لفعل كل شيء من أجل ذلك.