القيادة تعزي رئيس روسيا في ضحايا حادث تحطم طائرة ركاب    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    رئيس الوزراء الإسباني يرحّب بإعلان فرنسا أنها ستعترف بدولة فلسطين    وزير أمريكي: التجارة مع الصين في "وضع جيد"    32 لاعبًا يتأهلون إلى دور ال 16 في بطولة العالم للبلياردو بجدة    جمعية الإعاقة السمعية في منطقة جازان تزور مسنًا تجاوز التسعين من عمره    أكثر من 40 ميدالية في ختام بطولة المملكة البارالمبية لرفع الأثقال للرجال والسيدات    الوفد السعودي الاستثماري يختتم زيارته إلى سوريا    السعودية ترحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزم بلاده على الاعتراف بدولة فلسطين الشقيقة    طحين الدم    «بيئة جازان» تنظم ورشة عمل عن طرق الاستفادة من الخدمات الإلكترونية الزراعية    هل مديرك معجزة؟    الأخضر الأولمبي يختتم مشاركته في دورة أوزبكستان الودية بمواجهة اليابان    قطار الرياض ينقل أكثر من 23.6 مليون راكب بالربع الثاني ل 2025    حرس الحدود بجازان ينقذ مواطنَيْن من الغرق أثناء ممارسة السباحة    وفد ثقافي وفني يزور هيئة التراث في جازان لتعزيز التعاون في مجالات الهوية والتراث    القمامة الإعلامية وتسميم وعي الجمهور    «هُما» القصيبي من جديد..    خطبة الجمعة تحذر من إساءة استغلال الذكاء الاصطناعي    القبض على يمني و4 سودانيين في عسير لترويجهم «الإمفيتامين»    الهلال الأحمر يفعل «المسار العاجل» وينقذ حياة مواطن بجدة    وزير الرياضة "الفيصل" : لحظة تاريخية لرياضة المملكة بتخصيص ثلاثة أندية    المملكة تشارك في مؤتمر الأطراف باتفاقية الأراضي الرطبة "رامسار"    أمير جازان من الدائر: البن ثروة وطنية والدعم مستمر    إيزاك يبلغ نيوكاسل برغبته في استكشاف خيارات أخرى    6300 ساعة تختتم أعمال الموهوبين في أبحاث الأولويات الوطنية بجامعة الإمام عبد الرحمن    هيئة الأدب تستعد لإطلاق النسخة الرابعة من معرض المدينة المنورة للكتاب2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عبدالعزيز الغريض    أمير منطقة جازان ونائبه يلتقيان مشايخ وأهالي محافظة الدائر    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي وزيري الخارجية والداخلية الأفغانيين في كابل    الشؤون الإسلامية في جازان تواصل تنفيذ الدورة العلمية الصيفية الثالثة    مستشفى المهد يعتمد تقنية تخدير الأعصاب لتقليل الألم    رسميًا.. فيرمينو ينضم إلى السد القطري    تحطم طائرة الركاب الروسية المفقودة    القادسية يختتم المرحلة الأولى من معسكره التحضيري في هولندا استعدادًا لموسم 2025/2026    الإحصاء: ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 6.0% في مايو 2025م    الأمير محمد بن عبدالعزيز يستقبل قائدَي قوة جازان السابق والمعيّن حديثًا    الإحسان الطبية تنفذ مشروع «الإستشاري الزائر» في مستشفى صامطة العام    منظمة الصحة العالمية تنفي انتهاك السيادة الأمريكية    أكثر من 7 آلاف زيارة منزلية خلال 6 أشهر بمستشفى الظهران    الوفد السعودي بدأ زيارته لدمشق.. اتفاقيات اقتصادية لدعم التنمية في سوريا    توجه رئاسي لحصر القوة بيد الدولة.. غضب على «حزب الله» في الداخل اللبناني    تعاون سعودي – سريلانكي في مجالات الإعلام    الشهري ينال الماجستير بامتياز    الصنهاج والزهراني يحتفلان بزواج ريان    بالتنسيق مع 5 وزارات تمهيداً لوضع الإجراءات.. "البلديات" تشترط عدم كشف مساكن العمالة للجيران    المفتي يطلع على أعمال "حياة"    أكدت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة.. "الموارد البشرية": تطوير برنامج الرعاية الاجتماعية المنزلية    وسط تحذيرات دولية وركود في مفاوضات الهدنة.. غزة على شفا مجاعة جماعية    "الداخلية" تعلن فتح تحقيق في انتهاكات السويداء.. لا إعدامات جماعية في سوريا    موجز    واست رئيس بنغلاديش في ضحايا سقوط الطائرة.. القيادة تهنئ الرئيس المصري بذكرى اليوم الوطني لبلاده    دوران يسجل في فوز فنربخشة برباعية على الاتحاد وديًا    «سلمان للإغاثة» يوزّع (840) حقيبة إيوائية في منطقتين بإقليم جامو وكشمير في باكستان    اختيار سلمان: هكذا أطلق صقره ليحلق بالوطن    «سوار الأمان».. حلول ذكية في المسجد الحرام    "الشعفي" يُرزق بمولودته الأولى "سما"    مفوض إفتاء جازان يستقبل منسوبي إدارة جمعية سقيا الماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرصة السلام بين الحقيقة والوهم
نشر في الحياة يوم 01 - 05 - 2005

انتخب محمود عباس بعد رحيل عرفات رئيساً للسلطة الفلسطينية مع تفويض شعبي لوقف الانتفاضة تمهيداً للدخول في مفاوضات مباشرة مع شارون من أجل إطلاق عملية السلام من جديد.
شكل انتخاب محمود عباس، مع الإرث الذي يمثله في عملية السلام، فرصة جديدة لإنهاء العنف والشروع في عملية بناء قواعد الثقة المتبادلة بين الطرفين تمهيداً لاستئناف المفاوضات. لكن انتخاب"أبو مازن"وإرثه السياسي لا يكفيان وحدهما لتجاوز كل مشاعر الحقد وانعدام الثقة التي ولدها الصراع الدموي. فالهدنة"غير المكتوبة"التي توصلت إليها قمة شرم الشيخ غير كافية للصمود أمام خروقات أمنية متكررة على غرار العملية"الارهابية"التي حدثت في تل أبيب في 15 شباط فبراير الماضي، بالإضافة إلى عمليات القصف المستمرة للمستوطنات داخل إسرائيل، أو قتل الجيش الإسرائيلي لثلاثة يافعين فلسطينيين لا تزيد أعمارهم على 14 عاما في رفح في 10 نيسان إبريل.
لذلك، فإن هناك حاجة ملحة لتحصين الفرصة الثمينة لإحلال منطق الديبلوماسية مكان منطق العنف، وبالتالي منعها من السقوط على غرار ما حدث للفرصة السابقة التي قدمتها قمة العقبة عام 2003، والتي شارك فيها محمود عباس كرئيس للوزراء إلى جانب الرئيس بوش وشارون.
رب قائل بأن الظروف قد تغيرت عما كانت عليه عام 2003، فمحمود عباس لم يعد رئيساً للوزراء تحت وصاية عرفات، وشارون يسعى للاستفادة من وجود رئيس للسلطة الفلسطينية راغب في السلام من أجل إنجاح مشروع الانسحاب من غزة وتنفيذه في ظروف مؤاتية. والرئيس بوش واللجنة الرباعية الدولية الراعية لمشروع"خريطة الطريق"راغبون في استغلال الفرصة المتاحة بعد رحيل عرفات وانتخاب أبو مازن من اجل إعطاء دفع جديد لعملية السلام. لكن التعقيدات والحواجز التي يواجهها كل من أبو مازن وشارون تحول دون إعادة بناء جسور الثقة واجتياز مرحلة الاختبار الأمني التي تؤسس لبدء العملية السياسية.
في الواقع لا يمكن الركون إلى النوايا الحسنة التي عبر عنها كل من أبو مازن وشارون، حيث أن لدى كل منهما مهمة مستحيلة للسيطرة على المتطرفين في معسكره: فالأول لا بد له وان يضبط حركة حماس والجهاد الإسلامي من الداخل ومن الخارج، ويواجه الثاني أزمة مع المستوطنين، لا يمكن التكهن بتداعياتها خصوصاً على ضوء ما نقلته الصحف الإسرائيلية من تهديدات لشارون والوزراء. هناك سباق محموم بين تيارين أحدهما يدعو إلى اغتنام الفرصة المتاحة للسير قدماً نحو المفاوضات السلمية، بينما الآخر يتربص بها شراً ويستعد للدخول من الثغرات العديدة المتوافرة.
لا تكفي النوايا الحسنة التي عبر عنها كل من عباس وشارون إذا لم تقترن بإنجازات حقيقية على الأرض. فإذا كان مطلوباً من أبو مازن أن يكون حاسما في الإجراءات الإصلاحية التي بدأها بتوحيد الأجهزة الأمنية، فان على شارون بالمقابل وقف كل العمليات الاستيطانية وتسريع الانسحاب من غزة وبعض أجزاء الضفة الغربية وعدم تأجيلها متذرعاً بأسباب دينية.
على الجانب الفلسطيني، هناك طرفان أساسيان، طرف لديه رؤية ومشروع للسلام يقضي بإقامة دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وغزة وعاصمتها القدس الشرقية، وطرف آخر لا يشارك هذه الرؤية وينادي بضرورة استمرار الصراع لتحرير فلسطين التاريخية، من النهر إلى البحر. في خضم هذا الصراع تخضع الساحة الفلسطينية لخليط معقد من التناقضات الأيديولوجية والسياسية التي تهدد الفرصة الراهنة أو أية مقاربة مستقبلية للسلام.
إن الهدنة الهشة التي توصل إليها الرئيس عباس مع قيادتي حماس والجهاد الإسلامي لا تشكل الضمانة اللازمة للسير قدماً على طريق السلام، وهي معرضة لأن تشهد انتكاسات حقيقية تستجلب ردوداً عسكرية إسرائيلية، خصوصاً، إذا حدث عمليات على غرار عملية نادي تل أبيب مساء 25 شباط الفائت. في نفس السياق تبرز إمكانية فقدان قوات السلطة الفلسطينية سيطرتها على قطاع غزة لصالح حركتي حماس والجهاد، اللتان قد تسعيان إلى تحويله إلى جبهة مواجهة مع إسرائيل مستعيدة بذلك تجربة حزب الله في جنوب لبنان. والمخرج الوحيد لتفادي الوقوع في هذا المأزق يتمثل في استكمال أبو مازن الحوار والمصالحة مع حماس والجهاد من اجل توحيد الرؤية وتحصينها بهدنة طويلة، تسمح ببناء جسور الثقة وإشاعة أجواء التفاؤل لدى القوى الداعمة للسلام في الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
تستطيع الحكومة الإسرائيلية ان تعطي زخماً للفرصة المتاحة من خلال توسيع أفق التفاعل مع الرئيس أبو مازن، بالتخلي عن نظرية"الأمن أولاً"وإصرارها على ربط التقدم في العملية السلمية بالخطوات الأمنية التي تتخذها السلطة الفلسطينية، والاستمرار بمطالبتها الملحة تفكيك البنية الأساسية التنظيمية لحماس والجهاد الإسلامي، والشروط المسبقة المتعلقة بجمع الأسلحة غير القانونية وإخضاع كل القوى لسلطة القانون ووقف التحريض، في وقت تشكو فيه سلطات الأمن الفلسطينية من ضعف في بنيانها وتجهيزها.
ومطلوب اليوم من شارون أن يعمل كل ما هو ممكن لتعزيز مصداقية محمود عباس من خلال تسريع كل الإجراءات والخطوات الضرورية لتحسين حياة الفلسطينيين والانسحاب بسرعة من مدن الضفة الغربية، ووقف بناء حائط الفصل وبناء مستعمرات جديدة في ضواحي القدس وغيرها من المناطق، وذلك تمهيداً لتسريع العودة إلى طاولة المفاوضات.
ولا يكفي اجترار الوعود الأميركية بإقامة دولة فلسطينية، أو تعيين الجنرال ويليام وارد ممثلا لوزيرة الخارجية الأميركية، أو المساعدات المالية المقدمة من الإدارة الاميركية أو من الدول المانحة المشاركة في مؤتمر لندن، لتحصين الهدنة والسير قدما على طريق السلام. فيحب أن لا يكتفي الرئيس بوش بمطالبته شارون في إجتماعهما الأخير في كراوفرد - تكساس بتجميد الاستيطان، بل يجب أن يقرن ذلك الطلب بموقف أميركي حازم يؤدي إلى وقف المد الاستيطاني الجديد حول مدينة القدس.
وسيحدد ما تفعله الأطراف الثلاثة، الفلسطيني والإسرائيلي والأميركي، أو ما تتخاذل عن فعله، مصير فرصة السلام، وهي مدعوة لإجراء مراجعة عامة لأسباب فشل الفرصة التي وفرتها قمة العقبة. لا بد أن ترتفع كل الأطراف إلى مستوى المسؤولية لمواجهة المخاطر والتحديات التي تهدد فرصة السلام المتاحة اليوم، فلا تبقى معلقة بين الحقيقة والوهم.
كاتب ومعلق في صحيفة"الديار"اللبنانية. المقال جزء من مسلسل ينشر بالتعاون مع خدمة Common Ground الإخبارية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.