في سنة 1996، وبعد مجزرة قانا، لعبت الديبلوماسية الفرنسية بالتعاون مع ايران ورئيس الحكومة اللبناني الشهيد رفيق الحريري دوراً اساسياً في تهدئة الاوضاع. فاجتمع وزير الخارجية الايراني في دمشق مع وزير الخارجية الفرنسي آنذاك هيرفيه دو شاريت وتمكنا من تشكيل لجنة"تفاهم نيسان"التي ضمت ممثلين عن لبنان وسورية والولايات المتحدةوفرنسا. والآن"حزب الله"يقف على مفترق طرق في ظل الواقع اللبناني الجديد، وفي غياب من كان صلة وصل اساسية بين الحزب وفرنسا، اي الحريري، فإن الحوار القائم بين فرنساوايران مفيد جداً، لمستقبل لبنان ولاعادة الصلة بين الجانب الفرنسي والامين العام ل"حزب الله"حسن نصر الله. فهو شخصية محورية في الحياة السياسية اللبنانية وانجازاته كبيرة، بدءاً بالمقاومة وصولاً الى الخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي قدمها الحزب لابناء القرى اللبنانية التي غابت عنها الدولة. ونصر الله سياسي ماهر وغير مساوم على مبادئ اساسية في مقدمها المقاومة ضد اسرائيل. وهناك مجالات تفاهم بينه وبين دولة مثل فرنسا غير منحازة لاسرائيل، بل العكس فهي الدولة الوحيدة التي قدمت الكثير للقضية الفلسطينية. وفي امكان التعاون الفرنسي الايراني اقناع نصر الله بتوحيد الصف اللبناني بعد انسحاب القوات السورية منه. ونصر الله مدرك تماماً ان هناك خللاً في الوضع السوري على الارض في لبنان، وقيل في بعض الاوساط المقربة منه انه شكا للرئيس السوري من فلتان اجهزة الامن السورية واللبنانية على الارض. ويعتقد الكثيرون بأن نصر الله لم يكن من المشجعين على التمديد للرئيس اميل لحود. ومثل هذه الشخصية المحورية في الحياة السياسية اللبنانية لا يمكن ان تهمش وان يتجاهلها الغرب. وهناك تيار في ايران مقتنع بأن لا جدوى من بقاء القوات والاستخبارات السورية في لبنان. وكما قال الزعيم اللبناني وليد جنبلاط في كل محطات جولته الاوروبية، في بلجيكا والمانيا وروسيا، ان قضية سلاح"حزب الله"تجد حلها عبر الحوار الداخلي الوطني. والحوار الفرنسي الايراني مع نصر الله قد يفيد على صعيد هذا التوجه. وتعمل فرنسا منذ مدة على اقناع الادارة الاميركية بأنه من غير المفيد للبنان ان يوضع"حزب الله"على لائحة الارهاب الاوروبية لأنه سيلعب دوراً اساسياً اكيداً على صعيد مستقبل البلد. وجميع السفراء الاميركيين الذين عملوا في لبنان يعرفون تماماً وزن نصر الله وقيمته على الساحة اللبنانية. ومحاولة تهميشه وعزله خطأ ديبلوماسي كبير وفرنسا ادركت ذلك، ولذا فإن الحوار بين هذا المثلث، فرنساايران "حزب الله"مفيد ومطلوب لانه يساعد على استقرار لبنان ما بعد استقلاله التام. وفي امكان فرنسا ان تلعب دوراً محايداً ايجابياً مع"حزب الله"خصوصاً ان وزير خارجيتها ميشال بارنييه على عكس ما قاله نصر الله في مقابلته التلفزيونية، دافع دائماً عن امكان تحول الحزب الى قوة سياسية فاعلة. وقاوم بارنييه، خلال زيارته لاسرائيل، الاصرار الاسرائيلي على جره لتوجيه الاتهامات الى الحزب. وأجاب دائماً بأن هذا الحزب قوة سياسية لديها 12 نائباً في البرلمان اللبناني.