بعد انحسار المواجهات بين القوات الأميركية وأنصار مقتدى الصدر جيش المهدي في مدينة الصدر، اشتد القصف الجوي على مدينة الفلوجة، حيث أشار مصدر عراقي الى مقتل ستة عراقيين وجرح 23 آخرين. وفي حين جدد وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد اتهامه ايران بالتدخل في العراق وتأجيج المواجهات، من خلال ارسال عناصر مسلحة وأموال، واصفاً إياها بأنها "لا تنتمي الى العالم المتمدن"، أعاد الزعيم الكردي مسعود بارزاني قضية كركوك الى الواجهة، مهدداً بالاستعداد لخوض "حرب من أجل الحفاظ على الهوية الكردية للمدينة" راجع ص 2 و3. وشدد رامسفيلد على "صعوبة وقف" تدفق أموال من ايران الى العراق، وكذلك أشخاص. وأقر بوجود "تكهنات كثيرة" حول احتمال حصول الصدر على تمويل ايراني، معرباً عن أسفه لأن الولاياتالمتحدة تواجه صعوبة في اقناع دول بممارسة ضغوط على طهران لإرغامها على "وضع حد لتدخلاتها" في العراق. وأضاف ان "المشكلة في الانتشار الأسلحة والارهاب والتعامل مع دولة نأت بنفسها عن العالم المتمدن، تتطلب تعاون كثير من الدول، عندما يرفض بعض دول العالم المشاركة في جهد مشترك لاقناع دولة بالتصرف بطريقة متمدنة، يشجعها ذلك على الاستمرار" في نهجها. وأشارت صحيفة "واشنطن تايمز" التي أوردت تصريحات رامسفيلد، الى أن "الحرس الثوري" الايراني ساعد في تمويل تحرك مقتدى الصدر، علماً أن كلام الوزير فُسِّر باعتباره محاولة لتبرير ازدياد عدد القتلى في صفوف الجنود الأميركيين في العراق، والذي تجاوز الألف منذ الغزو. وفي هذا السياق، أشاد الرئيس جورج بوش بالجنود الذين سقطوا في المعارك، وكرر ان أميركا "لا تزال في حال تأهب، ونطارد القتلة في الخارج لئلا نضطر الى مواجهتهم عندنا، ونحن نحقق تقدماً، وسننتصر لأن الحرية تحوّل الدول وتغيّر عادات الناس وتدفع السلام قدماً". وتزامنت تصريحات رامسفيلد الى صحيفة "واشنطن تايمز"، مع تأكيد مسؤولين في البنتاغون ان المسلحين يسيطرون على أجزاء مهمة من وسط العراق، وليس واضحاً متى ستتمكن القوات الأميركية والعراقية من إحكام قبضتها على هذه المناطق. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن رامسفيلد ورئيس الأركان الجنرال ريتشارد مايرز قولهما ان استعادة معاقل للمسلحين تتوقف على تدريب القوات العراقية. وأشارت الى صعوبة التهدئة قبل الإعداد للانتخابات المرتقبة في كانون الثاني يناير، لافتة الى قلق إدارة الرئيس جورج بوش في شأن خطط الاقتراع، واحتمال تعذر اجراء انتخابات في كل المناطق، يمكن أن تحظى بشرعية. وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان حذّر في تقرير قدمه الى مجلس الأمن، في وقت متقدم ليل الثلثاء، من ان عدم تحسّن الاوضاع الامنية في العراق، واحتجاز الرهائن و"القتل العشوائي للمدنيين" واستمرار العنف "قد تقوّض الثقة بعملية انتقالية، ما يجعل ايجاد الظروف الضرورية لاجراء انتخابات في كانون الثاني 2005 اكثر صعوبة". ودعا "كل الاطراف الى تقديم الدعم لقرار الحكومة العراقية تفكيك الميليشيات" مؤكداً انه يتطلّع الى "مبادرات اضافية لتطبيع علاقات العراق مع المنطقة والمجتمع الدولي". في غضون ذلك، قال الشيخ عبدالهادي الدراجي أحد أبرز مساعدي الصدر ل"الحياة" ان لا صحة لما أُشيع عن انشقاقه عن تيار الصدر، متهماً "قوات الاحتلال" بالترويج ل"دعايات من اجل اثارة فتن". وطالب علي الواعظ أحد أبرز ممثلي المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني في الكاظمية "جيش المهدي" بإلقاء السلاح واللجوء الى الحوار، لإنهاء التوتر في مدينة الصدر. وقال ل"الحياة" ان "عناصر متمردة في صفوف جيش المهدي تحاول اشعال الحرب بين الحكومة والتيار الصدري خدمة لمصالح شخصية". كما انتقد بعض دول الجوار التي "تمد الجماعات الارهابية والمتمردة داخل العراق بالاسلحة والاموال".