توجه أمس رئيس الحكومة رفيق الحريري الى باريس للقاء الرئيس الفرنسي جاك شيراك مساء اليوم في مهمة صعبة، تتعلق بقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1559، وقد تستدعي جهداً فوق العادة ليس للتخفيف من الموقف الفرنسي المتشدد وإنما لفتح ثغرة في الجدار الدولي الداعم لتطبيقه. وستكون مهمة الحريري دقيقة لأن الموقف الفرنسي هو جزء من الموقف الدولي وبالتالي، تعتبر الأوساط الرسمية، لا يجوز اعتبار الحل في يد باريس وعند رئيس الحكومة، اذ ان الاستخفاف بالأجواء التي ستسود محادثاته مع شيراك لن يؤدي الى نتائج عملية. ويقول وزراء ونواب ل"الحياة" ان من يراهن على تليين الموقف الفرنسي يحاول مسبقاً ان يحمّل الاول تبعات ما سيؤول اليه اللقاء خصوصاً انه اخذ يضخّم منذ الاعلان عن موعده النتائج الايجابية المرجوة من الزيارة. ولفت الوزراء الى وجود فريق من اللبنانيين سيسعى في حال عدم التوصل الى نتائج ملموسة، الى رمي الكرة في مرمى الحريري على خلفية تحميله في السابق وزر عدم تأييد باريس التمديد لرئيس الجمهورية اميل لحود وبالتالي سيستغل النتائج "المتواضعة" في معركته لابعاده عن رئاسة الحكومة بذريعة ان لا مبرر لوجوده ما دام عاجزاً عن حل مشكلة مع ابرز حليف دولي له. وأكد هؤلاء ان قول نائب رئيس الحكومة عصام فارس ان التمديد اصبح وراءنا لا يعني انه يريد التخفيف من وطأة المشكلة مع مجلس الأمن الدولي بمقدار ما انه يقصد ان المجلس لن يطعن في التمديد انما سيتشدد مع مفاعيله السياسية، مشيرين الى ان فارس يتهيّب الموقف الدولي ولا يقلل من أهميته. ويعتبر بعض المتابعين للموقف الخارجي ان مهمة الحريري في باريس ستتوزع على محورين، اعادة تطبيع علاقته الشخصية مع شيراك، والبحث في إمكان استيعاب الموقف الدولي من خلال التعاطي معه بانفتاح. وكشف ان تداعيات القرار 1559 أثّرت في العلاقة الشخصية بين شيراك والحريري الذي انتظر اسبوعاً لتحديد اللقاء المرتقب في قصر الاليزيه، مؤكداً ان الاتصال التحضيري للزيارة الذي أجري بينهما كان بارداً خلافاً للسابق. فشيراك تحدث مع الحريري بلهجة رسمية، وخاطبه كرئيس حكومة وطلب ان يُحضّر للزيارة مع السفير الفرنسي في بيروت فيليب لوكورتييه الذي قال بعد زيارته للسرايا بأنه حضر بناء لطلب رئيس الحكومة. وسأل بعض الوزراء كيف ستكون أجواء اللقاء ما دامت "اللغة الرسمية" سيطرت على اتصال الرجلين؟ وبالنسبة الى التقرير الذي سيرفعه الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، الى مجلس الأمن الدولي، قالت مصادر ديبلوماسية غربية ل"الحياة" ان أنان سيأخذ بالمعلومات التي توافرت لديه من لبنان وسورية واسرائيل وكان أعدها فريق من الخبراء في الأممالمتحدة. وأكدت ان المعلومات التي جمعها الخبراء ومعظمها كانت تناقلتها وسائل الاعلام اللبنانية والعربية والأجنبية تضمنت تفاصيل دقيقة وموثقة تتعلق بكل ما جرى عشية القرار الذي اتخذ بالتمديد للحود، اضافة الى المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر مع أركان الدولة وفيها انه نصحهم بعدم تعديل الدستور، اضافة الى الاتصالات التي قام بها وزير الخارجية الاسباني ميغيل أنخل موراتينوس قبل تحديد موعد الجلسة النيابية للتصويت على التعديل وشملت مسؤولين سوريين اضافة الى رئيس المجلس النيابي نبيه بري. كما تضمنت المعلومات، عينات لما تعرّض له عدد من الوزراء والنواب المعارضين لتعديل الدستور من ضغوط وفي مقدمها نسخ عن بيانات التهديد التي أبرزها بعض النواب بطرس حرب. وأوضحت ان الحديث عن تشكيل لجنة دولية لمتابعة تنفيذ القرار الرقم 1559، يعني انها ستتابع سياسياً وليس أمنياً المراحل التي سيمر فيها تنفيذه. وفي تقدير أوساط سياسية مطلعة ان بعض خصوم الحريري يحاول ان يستغل مهمة الحريري لتجديد الحملة عليه، لكن "الحماية" السورية لمهمته من شأنها ان تضعف تلك الحملة، لا سيما ان توجهه الى باريس تقرر بعد التشاور مع الرئيس السوري بشار الأسد وبالتالي سيصعب إقحام ملف التغيير الحكومي في نتائج الزيارة.