تلفت العراقيين ظاهرة محيرة تظهر في وسائل الاعلام ثم تختفي، ومحورها استمرار تهريب الآثار، من دون ان تتمكن السلطات من وقفه. وأثار تأكيد وزير الثقافة العراقي مفيد الجزائري، استمرار نهب الآثار العراقية وتهريبها تساؤلات حول السبيل لوقف هذه الظاهرة الخطيرة، والمنظمة، التي بدأت مع الساعات الأولى لدخول قوات الاحتلال بغداد والمناطق الأخرى العراقية. وتقدر مصادر عراقية ما سرق من قطع أثرية من "المتحف العراقي" في بغداد بخمسة عشر ألف قطعة، شملت "عدداً من قطع الأبواب العباسية الخشبية المزخرفة، والتماثيل الحجرية، فضلاً عن خمسة آلاف ختم اسطواني، وحلى ذهبية وفضية، ومواد فخارية، وتماثيل صغيرة". واكد مصدر في المتحف ل"الحياة" أن الذين دخلوه، بداية كانت لديهم معرفة بالآثار و"تجاوزوا في عملية السرقة، ما كان موجوداً في قاعات المتحف من قطعه جبسية ليست حقيقية ووصلوا إلى الخزانات التي كنا أفرغناها من محتوياتها من الآثار المهمة، فكسروها، وهي مسألة لم تكن عشوائية، بل هناك ما يدل على خطة وضعت مسبقاً". ويتحدث المصدر عن "إخراج الآثار المسروقة إلى خارج العراق، مما يقدم دلائل كافية على أن الجريمة منظمة وان الذين نفذوها على معرفة بكل شيء في المتحف". ويضيف: "لدينا في المتحف خزانة زجاجية مبنية ضمن جدار، تحوي مجموعة من الطابوق الحجري الذي، يعود إلى الحقبتين السومرية والاكادية. هذا الطابوق عليه تاريخ البناء، ومختوم بأختام ملوك تلك الفترات. سرقت بانتقاء، وليس عشوائياً، تسع قطع، ما يكشف أن الذين دخلوا المتحف أناس محترفون، ولديهم معرفة سابقة بالموجودات، فضلاً عن معرفتهم بالآثار". وما تعرض له المتحف العراقي في بغداد حصل في متحف الموصل، وتكرر مع آثار مدينة الناصرية اور. فمن الموصل، كما يفيد المصدر، "سرقت آثار مهمة، خصوصاً من مدينة بلوات الآشورية، ونهبت شرائط من البرونز المنحوت على ابواب خشبية". ومع كل ما بذل من جهد دولي لإعادة تلك المسروقات التي تمثل تاريخاً وحضارة من أقدم الحضارات، فإن ما استعادته الجهات العراقية قليل جداً قياساً إلى حجم المسروق. ويطالب علماء الآثار العراقيون بتحصين المؤسسات الآثارية، والعمل الجدي مع الهيئات والمنظمات الدولية لاستعادة ما سرق، فهو، كما قال أحدهم "تراث العراق، ورمز حضارته، وهو أمانة في أعناق الجميع".