كان مفاجئاً جداً، وأليماً جداً أيضاً، خروج رنين الشعّار من مباراة "سوبر ستار". هذه الشابة التي فتنتنا بصوتها العذب والرقراق عندما غنّت "مقادير" و"ما أروعك" و"لسّه فاكر" وجدت نفسها فجأة خارج المباراة و"الحق على الجمهور...". كما يقال. ولا أدري إن كان الجمهور - المجهول دوماً - هو الذي أخرج رنين الشعّار ولم "يصوّت" لها، فهذا الجمهور - الذي نحن منه - لا بدّ من أن يكون وجد في صوتها قدرة كبيرة وسحراً واحترافاً وعذوبة ولطافة، هذا الجمهور الذي ملّ سماع النشاز والبشاعة اللذين تنشرهما "الكليبات" والاذاعات الكثيرة وبات يحنّ الى صوت أصيل وجميل وقويّ وقادر على اخضاع "النوطات" من غير تصنّع أو جهد. كلّ ما نعلمه عن رنين الشعار أنّها ابنة المطرب القدير عبدالكريم الشعار، ولا يهمّ أن تكون رنين ابنة بيت يجيد التربية والتوجيه أو أن تكون لبنانية لنحبها أو "نتعصّب" لها ونصوّت لها. اننا أحببناها كمطربة صاحبة موهبة كبيرة وصاحبة صوت رقيق وعذب ونادر القماشة. يصعب فعلاً تصديق نتيجة "التصويت" وربما "التصويت" ككل، فهو أشبه بالفخ الذي توقع التلفزيونات فيه المشاهدين وتحرّضهم على استخدام الهواتف النقالة وسواها بغية حصد المبالغ الكبيرة التي تتقاسمها مع الشركات المسؤولة. من يستطيع أن يصدّق ان النتيجة هي من خيار الجمهور؟ أليس من الممكن وبسهولة كبيرة "تحريف" النتائج وتزوير الحقائق؟ هذا ما يعرفه الجميع، ولكنْ هناك الكثيرون الذين يصوّتون - ونحن منهم - ظناً منهم أن التصويت قد يؤثر بعض التأثير على ضمائر "المسؤولين" الذي يتحكمون بالنتائج وفق ما تمليه المصالح والعقود المبرمة مسبقاً مع المتبارين... وعودةً الى المطربة الشابة رنين الشعار، فانّ خروجها غير المتوقّع لم يتم انطلاقاً من صوتها وأدائها وهي مطربة ذات نزعة احترافية قبل أن تبدأ الاحتراف، وهي عازفة بيانو وتعزف أيضاً على الغيتار، اضافة الى اطلالتها المهذّبة جداً وميلها الى الأغاني الأصيلة التي لم تعد ترضي القائمين على البرامج الغنائية والشاشات الصغيرة. وهم باتوا مهتمين بالفن السخيف والمطربات اللواتي يغنّين بأجسادهن وليس بأصواتهن، والغاية معروفة جداً وهي جعل الطرب سلعة والغناء مادة للتجارة الرابحة. أخرجت رنين لأنها مهذبة ومثقفة وذات اطلالة محترمة. وكم كانت نبيلة في ردّ فعلها بعد خروجها. ولعل خروجها من "سوبر ستار" هو خسارة للبرنامج أولاً وللجمهور الذي يميل الى الغناء الأصيل والطرب الجميل. وبدا غريباً تعليق الياس الرحباني وعبدالله القعود على صوت رنين، إذ ركز كلاهما على مرضها وعلى خطأ في الأداء نتيجة المرض، فيما امتدحا الأصوات الأخرى وكأنهما يدعوان الجمهور الى التصويت للأصوات هذه. وقد يكون موقفهما مطلوباً منهما بغية التخلص من مثل هذا الطرب الأصيل الذي لم يعد "على الموضة" في نظر معدّي البرنامج والمشرفين عليه. والى رنين الشعار نقول مبروك لك خروجك من "سوبر ستار" عساك تطلّين علينا - نحن جمهور الغناء الجميل - بصوتك العذب ولو في حفلات صغيرة.