من الملاحظ ان الثلاسيميا أضحت من أخطر الأمراض التي تهدد المجتمع العراقي في الفترة الأخيرة، نتيجة قلة الوعي العام باهمية المرض وخطورته، وآثاره على الصحة العامة. والمعلوم انه من الامراض المنتشرة في دول حوض البحر المتوسط. والحال ان كلمة "ثلاسيميا" Thalassemia كلمة اغريقية تعني "الدم الضعيف". ويُعتَبَر العراق إحدى الدول التي تعاني من انتشار هذا المرض.واشار مسح اجري في العام 1999، الى وجود نحو 7 آلاف اصابة بهذا المرض عراقياً. وتُعتبر هذه النسبة مرتفعة، بحسب رأي الخبراء. ويعتبر مستشفى "ابن البلدي" في بغداد أحد المراكز الصحية التي تُعالج المصابين بالثلاسيميا. وقد أُنشئ سنة 1989، ويُقدم خدماته للمرضى، بواسطة قسم متخصص في المستشفى، تديره مجموعة من الاختصاصيين في هذا المجال. "الحياة" أجرت حواراً مع الدكتورة شيماء خضر عباس، مديرة مركز أمراض فقر الدم الوراثية في مستشفى ابن البلدي. واستوضحتها رأيها في الوضع الراهن للثلاسيميا في العراق، في يظل الظروف الاستثنائية التي يعانيها هذا البلد. أوضحت شيماء ان مرض الثلاسيميا هو فقر دم وراثي، يتسبب في تكسر دوري لكريات الدم الحمر، ضمن وتيرة معينة. يتميز المرض بنقص في تركيب مادة خضاب الدم "الهيموغلوبين". والمعلوم ان الوظيفة الرئيسة لهذه المادة تتمثل في نقل الاوكسجين الى انسجة الجسم كلها، وكذلك امتصاص مادة ثاني اوكسيد الكاربون منها. وتتعرض هذه العملية الاساسية الى الخلل عند المصابين بالثلاسيميا. وينتقل المرض الى الطفل عندما يكون الأبوان حاملين، كلاهما او احدهما، للعنصر الوراثي المرافق له في نسبة معينة. وتظهر أعراضه خلال الأشهر الستة الأولى من عمر الطفل. واذا لم تعالج، فان مُضاعفاته تصل الى تضخم الكبد والطحال وتشوه في عظام الوجه. وقد يؤدي الى عجز في عمل القلب ثم الوفاة. وتحدثت عن طرق معالجة المصابين بهذا المرض في المستشفيات. فاشارت الى انها تتضمن عملية نقل الدم، التي غالباً ما تتكرر كل اسبوعين او 4 اسابيع. والهدف من النقل هو تعويض ما يتكسر من كريات حمر، وكذلك الحفاظ على مستوى فعَّال من الهيموغلوبين في الدم، طيلة عمر المريض. والمعلوم ان الهيموغلوبين موجود في كريات الدم الحمر، وان تكسرها يسبب خسارة هذه المادة الحيوية. وفي المقابل، فان تكسر تلك الكريات يؤدي الى خروج مادة الحديد منها، مما يُهدد بترسبها في انسجة الجسم الحيوية مثل الكلى، وهذا يُخل بوظائفها. وتلافياً لهذا الاحتمال، تُعطى أدوية طاردة للحديد، فيُحقَن دواء "ديسيفرال" تحت الجلد بمعدل خمسة ايام في الأسبوع، إضافة الى أدوية ولقاحات أخرى. وبينت عباس ان تقديم العلاج للمرضى المصابين يتم مجاناً في مستشفى "ابن البلدي". اما بالنسبة الى الدم، فغالباً ما يتبرع به ذوو المرضى بمعدل ثلاثة اكياس، ويعطي المركز الوطني للدم 9 اكياس اخرى، لاستكمال الكميات اللازمة للعلاج. وفي مجال الوقاية، اوضحت ان المستشفى يقيم محاضرات اسبوعية، يلقيها أطباء اختصاصيون، ويصدار نشرات دورية عدة.